الغذاء والتغذية > الرياضة وتغذية الرياضيين

البكتيريا المعوية.. رفيقُ التدريب المميّز لأداءٍ رياضيٍّ أفضلَ!

منَ الطّبيعيِّ أن يعودَ تفوّقُ بعضِ الّرياضيّينَ في الألعابِ الرياضيّةِ إلى التّدريبِ المستمرّ، ولكنّهم قد يحصلونَ أيضاً على مساندةٍ طبيعيّةِ من البكتيريا الّتي تعيشُ في جهازهم الهضمي، وقد قام العلماءُ بدراساتٍ موسّعةٍ للتحقق من إمكانيّةِ وجودِ أنواعٍ معيّنةٍ من البكتيريا لدى العدّائينَ والسّباحينَ المتمرّسين دون غيرهم، وهدفَت تلك الدّراساتِ إلى تطويرِ مكمّلاتِ البروبيوتيك الّتي قد تساعدُ الرّياضيّينَ وهوّاةَ اللّياقةِ البدنيّةِ على تحمّلِ التّمارينِ الرياضيّةِ الشاقّةِ أو على تحويل العناصرِ الغذائيّةِ إلى طاقةٍ بكفاءةٍ أعلى.

يقول Jonathan Scheiman - وهو زميلٌ في مرحلةِ ما بعدَ الدكتوراه في مختبرِ البروفسورGeorge Church، في كليّةِ الطّبِّ في جامعةِ Harvard - أنَّه عندما بدأوا بالتّفكيرِ في هذا الأمر كانوا يفكرون بمدى إمكانيّةِ الاستعانةِ بعلمِ الجينوم للتنبؤِ بالرّياضيِّ المتفوّقِ الّذي سيكون خليفةَ Michael Jordan التّالي، ولكن السّؤالَ الأفضلَ كان: "هل يمكنُنا استخلاصُ ذلكَ التّركيبِ البيولوجيِّ الّذي امتلكهُ Jordan وتقديمُهِ للآخرينَ ليحصلوا على تلكَ الكفاءةِ الرّياضيّةِ العالية؟" وللإجابة عن هذا السؤال؛ بدا أنَّ دراسةَ البكتريا ستكون نقطةَ بدايةٍ جيّدةٍ.

وتؤثّر البكتيريا الّتي تعيشُ في أمعائنا على استقلابِ الطّاقةِ لدينا، إذ تسهّلُ تفكّكَ الكربوهيدراتِ والبروتيناتِ والألياف، وتؤدّي دوراً في كفاءةِ الوظيفةِ العصبيّةِ والفعاليّةِ الالتهابيّة أيضاً، ولذلك؛ فربّما يكونُ للبكتيريا صلةٌ بالقدرة على تحمّلِ التّمارينِ الرياضيّةِ الشّاقة، وحتّى الكفاءةِ العقليّة!

وكخطوةٍ أولى نحو التّعرفِ على البكتيريا الّتي تدعمُ الأداءَ الرّياضي؛ جمعَ الباحثونَ عيّناتٍ من البرازِ يوميّاً من 20 رياضيّاً ممّن كانوا يتدرّبون للمشاركةِ في ماراثون بوسطن لعام 2015 قبل أسبوعٍ من السّباق وبعد أسبوعٍ منه، وتوبِعَ الرّياضيّونَ طوالَ تلكَ المدّةِ لتحرّي التّغيّراتِ الّتي تطرأُ على البكتيريا المعويّةِ قبلَ الأداءِ وبعده.

وتتبَّعَ الباحثونَ جينومات البكتيريا الّتي وُجِدت في عيّناتِ البرازِ المأخوذةِ باستخدامِ طرقٍ حسابيّةٍ تمكّنهمْ من معرفةِ أعدادِ وأنواعِ الميكروبات الموجودةِ في تلك العيّنات، وعندَ مقارنةِ العيّناتِ في فترتَي ما قبلَ السّباقِ وما بعده، وجدَ الباحثونَ حدوثَ ارتفاعٍ مفاجئٍ في عددِ أحدِ أنواعِ البكتيريا بعد الماراثون، وفسّر Scheiman حدوثَ ذلك الارتفاعِ بأنَّ الوظيفةَ الطّبيعيّةَ لتلكَ البكتيريا هي تفكيكُ حمض اللاكتيك، فأثناءَ التّمرينِ المكثّف، سينتِجُ الجسمُ كمّياتٍ من حمضِ اللاكتيك أكثرَ من المعتاد، ممّا قد يؤدّي إلى التّعبِ العضليِّ والألم، وسيساعدُ وجود تلك البكتيريا على تفكيكِ الحمضِ.

وقد عزلَ الفريقُ البكتيريا من عيّناتِ البرازِ بهدفِ معرفةِ خصائصها، واتّضحت فعلاً قدرةُ تلك البكتيريا على تفكيكِ حمض اللّاكتيك في أنبوبِ اختبارٍ وقدرتها على البقاءِ على قيدِ الحياةِ بعد عبورِ الجهازِ الهضميِّ لدى الفئران، ويقومُ الباحثونَ الآن بتغذيةِ الفئرانِ بتلك البكتيريا لمعرفةِ تأثيرِها على مستوياتِ حمضِ اللاكتيك وعلى التّعبِ العضليّ.

وفي تجارُبَ أُخرى؛ قارن الباحثون البكتيريا الموجودةَ لدى عدّائي الماراثون بتلكَ الموجودةِ لدى السّبّاحينَ الّذين يتدرّبون للألعابِ الأولمبيّة، فوجدوا أنَّ نوعاً من البكتيريا قد وُجِدَ لدى العدّائين قادرٌ على تفكيكِ الكربوهيدراتِ والألياف، وفي الوقتِ نفسِه لم يكنْ موجوداً لدى السّبّاحين، مما يشيرُ إلى أنَّ الرّياضاتِ المختلفةَ قد تعزّزُ من وجودِ أنواعٍ محدّدةٍ من البكتيريا.

ويقول Scheiman أنَّ فريقَ البحثِ يخطّطُ للقيامِ بدراساتٍ أكثرَ توسّعاً لتشملَ عدداً أكبر من نخبةِ الرّياضيّينَ من مختلفِ الألعابِ الرياضيّةِ للحصولِ على معلوماتٍ أكثرَ عن تلكَ البكتيريا، وبالتّالي مجموعاتٍ أوسعَ من البروبيوتيك، وإلى جانبِ ذلك؛ فهم يسعونَ إلى اكتشافِ التّركيبِ البيولوجيِّ لدى الأشخاصِ الّذينَ يتمتّعونَ بكفاءةٍ صحّيّةٍ عاليةٍ بهدفِ الاستفادةِ من تلك المعلوماتِ لمساعدةِ هؤلاءِ الأشخاصِ وأشخاصٍ آخرينَ أيضاً.

المصادر:

هنا

هنا