العمارة والتشييد > التصميم العمراني وتخطيط المدن

من الماضي … إلى المستقبل! مدينةُ العرفان في سلطنة عمان

استمع على ساوندكلاود 🎧

صمَّمت شركةُ ألايس وموريسون Allies and Morrison البريطانيَّة -وهيَ إحدى أكبرِ الشَّركاتِ المعماريَّة في المملكةِ المتَّحدة- مدينةً جديدة لسلطنةِ عُمان، ستحوِّلُ الوادي الصَّحراوي إلى مركزٍ حضريّ، ليكونَ نموذجاً للتَّنمية المُستدَامة للمدنِ النَّامية، مُحتضِناً الثَّقافة والتُّراث العُمَانيَّين بالاستفادةِ من الماضي لإنتاجِ بيئةِ المستقبل.

وقد تأسَّست هذه الشَّركة عامَ  1984 من قبل بوب ألايس Bob Allies  وغراهام موريسون Graham Morrison، ولها مكاتبُ عدّةٌ في لندن وكامبريدج، وأَنجزت عدداً كبيراً من المشاريع كأستوديو رامبرت للرَّقص Studio for Rambert Dance Company  والسَّكنِ الخشبيّ في كليَّةِ برايتون Boarding house at Brighton College، بالإضافةِ إلى مشاريع تخطيطٍ أُخرى كتطويرِ حيٍّ ثقافيٍّ جديد في حديقةِ لندن الأولمبيَّة 2012 بالتعاون مع الأستوديو الإيرلنديّ O'Donnell + Tuomey.

وكُلِّفت الشَّركة بمشروعِ مخطَّط مدينةِ العرفان عام 2014 نتيجةَ المسابقة التي نظَّمها المعهدُ الملكيّ للمهندسين المعماريِّين البريطانيِّين Royal Institute of British Architects نيابةً عن المطوِّرِ الوطنيّ العربيّ للسِّياحةِ والتُّراث والأصولِ الحضريَّة عمران Omran، وتريدُ بتخطيطِ هذه المدينة خلقَ المكانِ الذي يوحي بأصالةِ المدينة، لإظهارِ "الصُّورةِ العمرانيَّة" الخاصَّة بها؛ وذلك بتوفيرِ الشَّوارعِ والمباني الهامَّة والأماكنِ العامَّة التي تساهمُ في تشكيلِ مشهدٍ مريحٍ ومألوف، استناداً إلى المستوطناتِ العمانيَّة التَّاريخيَّة وبما يتماشى مع تضاريسِ الوادي، ويسعى إلى الاستفادةِ القصوى من معالمهِ الطَّبيعيَّة لخلقِ بيئةٍ حضريَّةٍ خلَّابة.

 

 

وسوف يُبنَى المخطَّطُ على مساحةِ 624 هكتاراً من الأراضي المحيطةِ بالوادي الصَّحراويّ بينَ العاصمةِ مسقط ومدينةِ السِّيب المجاورةِ لها.

ويهدفُ إلى استيعابِ 280000 نسمة من السُّكَّان والعاملين والزُّوَّار على نحوٍ يتوافقُ مع سياسةِ سلطنةِ عُمان في التَّنمية المستدامة وتعزيزِ تراثِها الثَّقافي.

 

 

وانطلاقاً من فهمِ الأهميَّةِ الرَّمزيَّة للأودية في الثَّقافةِ والتُّراثِ العمانيَّين؛ سيحافظُ تخطيطُ المدينة على الوادي ليجعلَهُ متنزَّهاً تبلغُ مساحتُه 108 هكتارات في مركزِ المخطَّطِ الرَّئيس، مع بناءِ مجموعةٍ من الجسور التي تعبرُ الوادي وتربطُ بينَ أحياءِ المدينةِ المختلفة والقسم التِّجاريّ المركزيّ والسُّوق الرَّئيس والمسجد عن طريقِ شبكةٍ كثيفةٍ من الشَّوارع.

 

 

وستُقامُ المؤسَّساتُ الثقافيَّة ذات الاستيعاب العالي والفنادقُ على هضبةٍ مرتفعة، وفي الوادي ستُقامُ بلدةٌ تضمُّ خليطاً من أنماطِ السَّكن جنباً إلى جنب مع جامعةٍ وسوقٍ صغير.

 

 

يقولُ أفرادُ فريقِ شركة ألايس وموريسون Allies and Morrison  أنَّ هدفَ التَّصميم  توفيرُ الشَّوارعِ والمباني التي تساهمُ في تشكيلِ مشهدٍ مريحٍ ومألوف، استناداً إلى المستوطنات العمانيَّةِ التَّاريخيَّة، كما يقولُ المهندسُ المعماريّ الرَّئيس في المشروع ألفريدو كارابالو Alfredo Caraballo: "في جوهرِ التَّصميم طموحٌ لخلقِ مدينةٍ مرتبطةٍ بوقتِها ومكانِها الحاليّ وتنتمي  في الوقتِ ذاته إلى تقاليدَ عريقة".

 

 

تتيحُ المدرَّجاتُ الزِّراعيَّة التي أُنشئِت حولَ الحافَّةِ الجنوبيَّة من متنزَّه الوادي إمكانيَّةَ إنتاجِ الغذاء في المناطقِ الحضريَّة، وستخلقُ مجموعةً من الموائلِ الطَّبيعيَّة وأماكنِ التَّرفيه، وكذلك سوف توفِّرُ العديدُ من القرى على طولِ الحافَّةِ الجنوبيَّةِ للموقع مناطقَ سكنيَّة أكثرَ هدوءاً، في حين ستضمُّ منطقةٌ حضريَّةٌ أخرى إلى الغربِ من متنزَّه الوادي القسمَ الحكوميّ الجديد.

 

 

ولضمانِ وجودِ استراتيجيَّةٍ شاملةٍ للبنيةِ التحتيَّة لمدينةِ العرفان أُخذَت الاستدامةُ بالحُسبان من المراحلِ الأولى للتَّخطيط؛ فتخطيطُ الشَّوارعِ يوفِّرُ الظِّلَّ لتعزيزِ المشي بدلاً من استخدامِ السَّيَّارة، وتساعدُ الكثافةُ المروريَّة في المشروع في تقليلِ أوقاتِ الرِّحلة وبالتالي خفضِ انبعاثاتِ الكربون.

 

 

وقد وضِعَت سلسلةٌ من التَّدابير للحدّ من الاستخدامِ الكليّ للمياهِ في المدينة، كإدارةِ مياهِ الأمطار واستخدامِ المياه غير الصَّالحة للشُّرب لأغراضِ الرَّيّ.

 

 

والزَّمنُ المقدَّرُ لاستكمالِ المشروعِ بأكمله 30 عاماً لتولدَ مدينةٌ جديدة تحملُ أصالةَ الماضي وتعكسُ بيئةَ المستقبل، فهل تعتقدُ عزيزي القارئ أنَّ هذهِ الشَّركة ستصلُ إلى غايتِها المرجوَّة في خلقِ "الصُّورةِ العمرانيَّة" لمدينةِ العرفان؟ شاركنا برأيك.

 

 

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا