الطب > مقالات طبية

الرّعاف

ما هو الرّعاف؟

يُعرفُ الرّعافُ بأنّه نزفُ الدّمِ من الأنفِ، سواء من فوهاتِه الأماميّةِ، أو ضمنَ جوفِه، أو من القسمِ الخلفيّ.

يَنجمُ الرّعافُ عادةً عن أذيّة الأوعيةِ الدَّمويّةِ الموجودةِ في الأنفِ عفويّاً أو نتيجةً للرضوضِ.

في معظمِ الأحيانِ، يتوقَّفُ الرّعافُ عفويّاً، ولكن في بعضِ الحالاتِ قد يتطّلبُ الأمرُ تَدخلاً موضعيّاً أو جراحيّاً لإيقافه.

يتلقّى الأنفُ ترويةً دمويّةً غزيرةً من فروعِ الشّريان السّباتي الباطن والشريان السّباتي الظّاهر، وهذه الفروعُ هي كلٌّ من الشّريانِ الغربالي الخلفي، والشّريان الغربالي الأمامي، والشّريان الوتديّ الحنكي على نحوٍ رئيس.

تبلغُ نسبةُ حدوثِ الرّعاف بينَ البشرِ -ولو لمرّةٍ واحدةٍ في الحياة- حوالي 60%، وتبلغُ نسبةُ الحالات التي تتطلّبُ الرّعايةَ الطّبيّة 6 %، كما تبلغُ ذروةُ حدوثه تحتَ عمر 10 سنوات، وفوقَ عمر 50 سنة مع رجحان إصابةِ الذكور .1

أسباب الرعاف :

تقسّمُ أسبابُ الرّعاف عموماً إلى أسبابٍ موْضِعِيّةٍ  وأسبابٍ جهازيّةٍ

الأسبابُ المَوْضِعِيّة متعددةٌ، وتختلفُ نسبةُ حدوثِها حسبَ العمرِ، وتَشملُ الرّضوضَ، والتهاباتِ الجيوبِ وانحراف الوتيرة، والأجسام الأجنبية، والطقس الجافّ، واستعمالَ بخاخاتِ السّتيروئيدات عبْرَ الأنفِ أو إدمانَ الموادِّ المخدّرةِ مثل الكوكائين.

الأسبابُ الجهازيّة: مثلُ اضطراباتِ التّخثِّرِ، وارتفاعِ التّوترِ الشّريانيّ، والتهاباتِ الأوعيةِ، إضافةً إلى استعمالِ بعضِ الأدويةِ مثلَ الأسبرين، ومضادَّاتِ الفيتامين K  مثل الوارفرين

ويبقى السببُ الأشيعُ عموماً هو الرّضُّ الإصبعيّ (نكش الأنف).

تدبيرُ الرّعاف :

في 90% من الحالاتِ، يحدثُ الرّعافُ بسببِ نزفٍ من منطقةِ كسلباخ ( وهي جزْءُ من القسمِ الأماميّ من الحاجزِ الأنفيّ غزيرة التروية وغَنيّة بالمفاغراتِ سُميّتْ بهذا الاسمِ نسبةً لطبيبِ الأذنيّة فيلهيلم كسلباخ )

لذلك، يعدُّ قَرْصُ الجزءِ الأماميّ الطّريّ من الأنف مع الجلوسِ والانحناءِ للأمامِ لمدِّة 10 إلى 15 دقيقة فعّالاً كعلاجٍ بدْئيّ لإيقافِ الرّعافِ.

وهناكَ عدّةُ طرقٍ للتقليلِ من النّكسِ المَوْضِعِيّ للرّعافِ، أهمّها: ترطيبُ المنخرَيْن بالفازلين، إضافةً إلى تجنّبِ الرّضِّ المَوْضِعِيّ.

أمّا في حالِ تَكَرُّرِ الرّعاف، وفشلِ الاستراتيجيّة البِدْئِيّة في إيقافِه؛ فيُمكنُ اللجوءُ إلى العلاجِ بِالكيِّ الكيميائيّ أو الكيّ الكهربائي للمخاطيّة الأنفية في منطقةِ كسلباخ.

ينجحُ الكيّ الكيميائيّ باستعمالِ نَتراتِ الفِضةِ بِتحقيقِ معدّلِ إيقافٍ للرّعافِ يصلُ حتى 80%، أما الكيُّ الكهربائيّ فيُستعملُ في الحالاتِ الأكثرِ شدّةً، على أن  يُكوى كلُّ جانبٍ من جوانبِ الحاجزِ الأنفيّ على حدة،  وبفاصل 4 إلى 6 أسابيع؛ لتجنّبِ انثقابِ الحاجز الأنفي .

تعدُّ الدّكةُ الأنفية الأماميّة الخطوةَ التّاليةَ، في حال لم يكنْ الكيّ مُوَفَّقاً في إيقافِ الرّعاف، وتُتْركُ عادةً لمدّة تصلُ حتّى 5 أيام؛ لتحقق الإرقاء اللازمَ، ولكن، تجبُ عندها مشاركةُ المعالجةِ بالصّادَّاتِ الحيويّة؛ تَجنّباً لحدوثِ اختلاطاتٍ إنتانيّة.

هناك أنواعٌ من الدّكاتِ قابلةٌ للامتصاصِ لا تحتاجُ لنزعٍ لاحقٍ، وتناسبُ بعضَ الحالاتِ؛ إذ تتعذّرُ مراجعةُ الطّبيبِ، أو يُخشى من معاودةِ النزفِ نتيجةَ سحبِ الدّكاتِ التّقليديّة.

في الحالاتِ الشّديدة من الرّعافِ، ولاسيما الخلفيّ، يُلجَأ إلى الدّكةِ الخلفيّةِ، أو ربطِ الشريانِ الحَنْكيّ الوتديّ، أو إجراءات غازيّةٌ أخرى بحاجةٍ إلى أخصائيين متمرسين لإجرائها.

متى أراجع الإسعاف من أجل الرعاف ؟

كما ورد سابقاً، معظمُ حالاتِ الرّعافِ تتوقفُ عفويّاً، ولكن في حالاتٍ معينةٍ تجبُ مراجعةُ أقربِ قسم إسعاف، وهي تشمل:

  1. الرّعاف المستمر لأكثر من ثلاثين دقيقة.
  2. في حال الشّعورِ بخفّةٍ في الرّأسِ.
  3. في حال كانَ الرّعافُ تالياً للرضوض، مثل الحوادث، أو اللكمات على الوجه.
  4. في حال تناولِ المميعاتِ، مثل الوارفرين، أو الأسبرين.

عادةً، لا يتطلبُ الرّعافُ القبولَ في المشفى؛ لكنّه قد يكونُ مرافقاً للعديدِ من الحالاتِ التي تجعلُ منه سبباً للقبولِ مثل اضطراباتِ التّخثرِ، وارتفاعِ التّوترِ الشّريانيّ، والقصور الكبدي.

في نهايةِ المطافِ، يمكننا القولُ: إنّ الرعافَ مشكلةٌ طبيّةٌ بسيطةٌ قد تواجهنا في حياتنا، غالباً ما يكونُ تدبيرُها بسيطاً؛ لكن علينا ألا نُغفِلَ الحالاتِ التي تتطلّبُ إجراءاتٍ أكثرَ تعقيداً، وألا نتوانى عن طلب مساعدةِ الطبيبِ في تدبيرها.

المصادر:

هنا

هنا

هنا