الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

خصائص الشخصية العلمية

ينبغي التفريق بين جانبين من جوانب حياة العالِم:

- جانب يتعلق بحياته الخاصة وشؤونه اليومية، وهذا الجانب لا يختلف عن غيره ممن هم ليسوا بعلماء.

- الجانب الثاني يرتبط بالصفات والسلوكيات التي تربط العالِم بالحقل المهني الذي ينتمي إليه.

وغالباً يخلط الناس بين هذين الجانبين وينسون أن العلماء بشر كغيرهم لهم مشاعر وعواطف، و يتخيل الناس أن العالم يقضي شؤون حياته العادية كالأكل والشرب والنوم بصفته عالماً، كما أن الأفلام السينمائية تعمل على تضخيم هذا الوهم لأنها تركّز على السمات المهنية للعلماء وتهمل الجوانب الإنسانية الأخرى.

والفرق بين الجانبين، أن الجانب الأول يرتبط "بالذاتية" وبالفروق الفردية بين إنسان وآخر، أما الجانب الثاني فيرتبط "بالموضوعية" التي هي شرط أساسي من شروط التفكير العلمي.

والسؤال: ما هي الخصائص التي تتجلى من خلالها سمة الموضوعية في شخصية العالِم؟

1- الحياد: وهو ضد التحيز، أي أن لا يميل العالِم لأي طرف من أطراف الخلاف العلمي والفكري، و أن يقف من الآراء المتعارضة موقفاً واحداً بغض النظر عن مصالحه و أهوائه، و حتى عندما يعلن العالِم تحيّزه لأي موقف يجب أن يكون هذا التحيز مبنياً على تمسكه بالكشف عن الحقيقة الموضوعية المبرهنة وليس عن تعصّب أعمى.

2- النزاهة: هناك رابط بين النزاهة والموضوعية، لأن النزاهة تقوم على استبعاد رغبات الذات و ميولها، و من أهم مظاهر نزاهة العالِم أن يلتزم بالـ "الأمانة العلمية"، فلا يجوز أن ينسب معرفة ما إلى نفسه إذا كان قد حصل عليها من غيره، لأن حقوق الملكيّة الفكرية كحقوق الملكية المادية تقوم على جهد الفرد ومشروعية امتلاكه لها.

كما يجب أن يكون العالِم نزيهاً في تقديم أدلته وبراهينه فلا يعتمد على التأثير بانفعالات الناس أو انتهاز ضعفهم. كما ينبغي أن يكون جهد العالِم منزّهاً عن الربح المادي ويسعى للحقيقة بغض النظر عن الكسب المادي.

3- الروح النقدية: و تفترض هذه السمة أن يكون العالِم متحلياً بالقدرة النقدية التي تجنبه الوقوع بالأخطاء الشائعة والتفكير الغيبي والخرافي، كما ينبغي أن يكون قادراً على نقد ذاته وعدم استسلامه لمعرفته دون برهان، و أن يكون واسع الصدر متقبّلاً لنقد الآخرين له، و يعترف بأنه لا يحق لأحد أن يدعي امتلاك الحقيقة وحده.

4- التواضع: يتفوق العلماء عن غيرهم بامتلاك المعرفة ولا يجب أن يؤدي ذلك عندهم للغرور والتكبّر، وأن لا يقارن العالم معرفته بمعرفة الناس غير العلماء، بل يقارن بين معرفته القليلة والمعرفة الكثيرة التي لم يحصلها بعد. كما ينبغي أن لا يتوهم العالم أن معرفته حصل عليها بمفرده، لأن أي كشف علمي ما كان ليتحقق لولا جهود العلماء السابقين.

المصدر : د. فؤاد زكريا : التفكير العلمي ، ضمن سلسلة عالم المعرفة ، العدد الثالث ،المجلس الأعلى للثقافة و الفنون و الآداب ، الكويت ، آذار 1978 ، الفصل السابع ، صفحة 209 و ما بعدها .

مصدر الصورة: هنا