الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

كيفَ تؤثّرُ جودةُ الهواءِ في صحّتنا العقليّة؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

ما رأيكُم إنْ علمتُم أنّ تلوّثَ الهواءِ يؤثّرُ مباشرةً على صحّتِكم النّفسيّةِ والعقليّةِ أيضاً، إذ وُجِدَت سابقاً صلةٌ بينَ التّلوّثِ الهوائيِّ والتّغيّراتِ السّلوكيّةِ مثلُ قضاءِ وقتٍ أقلَّ في الخارج، أو كثرةِ الجلوسِ وعدمَ الحركة، والّتي قد ترتبطُ بالمعاناةِ النّفسيّةِ أو الانعزالِ الاجتماعيّ.

ولكنّ دراسةً جديدةً من جامعةِ واشنطن كشفَت عن وجودِ صلةٍ مباشرةٍ بينَ الهواءِ الملوَّثِ والصّحّةِ العقليّة؛ اعتماداً على إجاباتِ 6000 شخصٍ في دراسةٍ وطنيّةٍ كبيرة؛ دمجَ بعدَها الباحثونَ قاعدةَ بياناتٍ لتلوّثِ الهواءِ مع السّجلّاتِ الموافقةِ للأحياءِ السّكنيّةِ للمشاركينَ في الاستبيان.

وركّزتِ الدّراسةُ على قياسِ تراكيز الجسيماتِ الدّقيقة؛ وهي موادّ تنتجُها محرّكاتُ السّياراتِ والمدافئ وأفرانُ الخشبِ ومحطّاتُ توليدُ الكهرباء الّتي تعملُ على الفحمِ أو الغازِ الطّبيعيّ؛ والّتي يمكنُ للبشرِ استنشاقُها بقطرٍ أقلَّ من 2.5 ميكرومتر ويمتصُّها الدّم، وتعدُّ الجسيماتُ الدّقيقةُ أكثرَ خطراً من الجسيماتِ الأكبر.

يعدُّ معيارُ الأمانِ الحاليّ لكميّةِ تلكَ الجسيماتِ وفقاً لوكالةِ حمايةِ البيئةِ الأمريكيّةِ قرابةَ 12 ميكروغرام لكلِّ مترٍ مكعّب بينَ عامي 1999 و2011؛ وهي الفترةُ الزّمنيّةُ الّتي أجرى فيها الباحثونَ الدّراسةَ، وسكنَ الأشخاصُ المشاركونَ في الدّراسةِ في أحياءَ تتراوحُ كميّةُ الجسيماتِ الدّقيقةِ فيها بين 2.16 و24.23 ميكروغرام لكلِّ مترٍ مكعّب، بمتوسّطٍ قدرُه 11.34 ميكروغرام للمترِ المكعّب.

وخلالَ الدّراسة؛ قِيسَت مشاعرُ الحزنِ والتّوتّرِ واليأسِ وغيرِها لدى المشاركين، ودلّتِ النّتائجُ على زيادةِ خطرِ المعاناةِ النّفسيّةِ مع ازديادِ كميّةِ الجسيماتِ الدّقيقةِ في الهواء، فمثلاً: في المناطقِ ذاتِ مستوى التّلوّثِ العالي (21 ميكروغرام لكلّ مترٍ مكعّب) كانت نتائجُ المعاناةِ النّفسيّةِ أعلى بـ17% من المناطقِ حيثُ التّلوّثُ منخفضٌ (5 ميكروغرام للمترِ المكعّب)، ومن النّتائجِ المُهمّةِ أيضاً أنّ كلّ زيادةٍ بمقدارِ 5 ميكروغرام للمترِ المكعّب في التّلوّثِ تعادلُ فقدانَ سنةٍ ونصفٍ من التّعليم.

وعندما حلّلَ الباحثونَ الأرقامَ وفقاً للعرقِ والجنس؛ بيّنتِ النّتائجُ أنّ الرّجالَ السّودَ والنّساءَ البيضَ أظهرُوا أكبرَ مقدارٍ من الارتباطِ بينَ التّلوّثِ الهوائيّ والمعاناةِ النّفسيّة، فمثلاً: كان مستوى الاضطّرابِ لدى الرّجالِ السّودِ في مناطقِ التّلوّثِ المرتفعِ أعلى بـ 34% منه لدى الرّجالِ البيض، وأعلى بـ 55% منه لدى الرّجالِ اللّاتينيّين، ويلاحَظُ ميلٌ واضحٌ لدى النّساءِ البيضاواتِ لازديادِ المعاناةِ النّفسيّةِ بنسبةِ 39% معَ زيادةِ مستوياتِ تلوّثِ الهواء، ولأنَّ  دراسةَ أسبابِ الارتباطِ بينَ التّلوّثِ والمعاناةِ النّفسيّةِ لم تكن ضمنَ نطاقِ البحث؛ فإنَّ التّعمّقَ في دراسةِ هذا الارتباطِ يغدو أمراً مهمّاً.

وعلى الرغمِ من قدرةِ البشرِ على تخفيفِ تلوّثِ الهواءِ ووجودِ خططٍ واضحةٍ لذلك، لكنَّ الاستمرارَ بتنظيمِ جودةِ الهواءِ يتطلّبُ قراراتٍ سياسيّة؛ وتطبيقَ قوانينَ صارمةٍ لتأمينِ هواءٍ نظيفٍ للمُجتمعات.

المصدر:

هنا