الهندسة والآليات > الروبوتات

الروبوتات تتعلمُّ قراءةَ لغةِ الجسَد

عندما تكونُ برفقةِ أحدٍ ما وترى قبضتَي يديهِ مشدودتَين، لا تصدِّقْهُ إنْ أَخبرَكَ أنّه مُسترَخٍ وبحالةٍ جيدة؛ لأنّ جسدَه قد كشفَ سرَّهُ وانتهى الأمر!

الروبوتاتُ أيضاً قادرةٌ على تعلُّمِ لغةِ الجسد.. فكيف ذلك؟

على الرغمِ من التّطورِ الذي وصلتْ إليه الروبوتاتُ وقدرتِها على تمييزِ الوجوه، لكنَّها قد تُخطِئ أحيانًا في ملاحظةِ حركةِ الجسمِ الخفيَّةِ مما يؤدّي إلى وصولِ الإشاراتِ المُوجَّهة إليها على نحوٍ خاطئ.

وَلِحلّ تلكَ المشكلةِ؛ طوَّرَ باحثون من جامعة "Carnegie Mellon" نظاماً يُدعى "OpenPos" يقومُ بعمليةِ تَتبُّعٍ لحركةِ الجسم متضمّنةً حركةَ الوجهِ واليدَين وذلك في الزمن الحقيقي، ويتكونُ هذا النظامُ من حاسوبٍ وآلةٍ قابلةٍ للتّعلُّم تعالجُ إطاراتِ الفيديو، ومن الممكن أيضاً أن تراقبَ الحركةَ لأكثر من شخصٍ في الوقت نفسه، وتأتي أهميةُ ما سبقَ من تسهيلِ التفاعلِ بين الإنسانِ والروبوتِ وتمهيدِ الطريقِ لمزيدٍ من التفاعلاتِ الافتراضيةِ المشابهة للواقع.

وأهمُّ ما يميز "OpenPose" أنّه يستطيعُ تَتبُّعَ حركةِ الأصابعِ المُفردةِ وليس حركةَ الرأسِ والجذع والأطراف فقط، ولتحقيقِ ذلك فقد استخدم الباحثون تصميماً في أستديو "Panoptic" في الجامعة، وهو  قبَّةٌ تَصطفُّ عليها 500 كاميرا مُدمَجة، إذ تقومُ هذه الكاميرات بالتقاطِ وضعياتٍ للجسم من زوايا مختلفة، ثمَّ تجمعُ هذه الصور كمجموعةِ بيانات.

وتمثّلتِ الخطوةُ التالية بتمريرِ هذه الصورِ من خلال ما يُعرفُ بـ "'keypoint  وهو أداةٌ تقومُ بكشفِ أجزاءِ الجسمِ وتسميتِها، ويمتلكُ البرنامجُ القدرةَ على الربطِ بين أجزاءِ الجسمِ ومُلحَقاتِها؛ فمثلاً يتعلّمُ البرنامجُ أنّ من المُفترَضِ لليدِ أن تبقى قريبةً من الكوع، وهذا بدوره يُسهِّلُ عمليةَ تَتبُّعِ العديد من الأشخاص في الوقت نفسه.

وبعدَ ذلك؛ جمعَ الباحثونَ الصّورَ ثنائيةَ الأبعادِ التي التقطتها الكاميراتُ، وحوَّلوها إلى ثلاثية الأبعادِ لمساعدةِ خوارزمياتِ تتبُّعِ حركةِ الجسمِ على فهمِ الوضعيّةِ من جهاتِ نظرٍ مختلفة، وبمعالجةِ كلّ هذه البياناتِ يستطيعُ النظامُ أن يُحَدِّدَ جميعَ الأشكالِ المُمكِنةِ لليد عندما تكون في وضعيةٍ معينة، حتَّى وإن كانت بعضُ الأصابعِ مخفيةً وغير ظاهرة!

والآنَ وبامتلاكِ النّظامِ لهذه المجموعةِ الواسعةِ من البيانات، نستطيعُ تفعيلَهُ بواسطةِ كاميرا واحدة وحاسبٍ محمولٍ واحدٍ فقط، فلم يَعُد هناك حاجةٌ للقبة المحتويةِ على العددِ الكبيرِ من الكاميرات لتحديدِ وضعياتِ الجسد، ممَّا يجعلُ هذه التكنولوجيا متنقِّلةً وسهلةََ الاستخدام.

وقد قالَ الباحثون أنّه يُمكِنُ استخدامُ هذه التكنولوجيا ضمنَ جميعِ أنواعِ التفاعلاتِ بين الإنسان والآلة، كما يُمكنُ أن تؤدّي دوراً كبيراً في تجاربِ الواقعِ الافتراضي، وهذا يُتيحُ معرفةَ حركةِ المستخدمِ دونَ إضافةِ أي عتادٍ صلب.

وإلى ذلك فهو يؤدّي دوراً مهمًا في تسهيلِ التّعاملِ مع الروبوتِ المنزلي، فإذا أردتَ أن يلتقطَ الروبوتُ غرضًا ما فعليك الإشارةُ بإصبعك إلى ذلك الغرض فحسبُ، وسيقومُ الروبوتُ - بدورهِ - بالتّعرفِ عليه والتقاطِه.

وبعد تفسيرِ الإيماءاتِ الفيزيائيةِ الجسديةِ الخاصة بك وفهمِها؛ يُمكنُ للروبوتِ أن يتعلّمَ معرفةََ وتفسيرَ المشاعرِ عبرَ ملاحظةِ لغةِ الجسد، فلا تستغربْ عند جلوسِك وبكائِك صامتًا واضعًا يدَيك على وجهك - لأنَّ الروبوت قد قامَ بعملِك - أن يُقدِّمَ لك منديلاً ورقياً لتمسحَ به دموعك!

المصدر:

هنا