منوعات علمية > منوعات

حواس الإنسان الخمس، وأكثر!

نعلم جميعاً أنَّ للإنسانِ حواسَّ أساسيّةً خمساً، وهي: اللمسُ والنظرُ والسَّمْعُ والشمُّ والذوقُ، وترسلُ الأعضاءُ الخاصةُ بكلِّ حاسةٍ منها المعلوماتِ إلى الدماغ لِيساعدَنا على فهم العالم المحيط بنا وإدراكه، ولكنْ ما لا يعمله كثيونَ أنَّ الإنسانَ يملكُ حواسَّ إضافيةً، وإليكم طريقةَ عمل هذه الحواس مع حواسَّ أُخرى:

1- اللمس: يُعتقَدُ أنَّ اللمسَ هو أوَّلُ حاسةٍ طوَّرَها الإنسانُ بحسب موسوعة ستانفورد الفلسفية Stanford Encyclopedia of Philosophy. وتتألف حاسة اللمسُ من عدَّةِ مُستقبِلاتٍ حسيةٍ منفصلةٍ ومتمايزةٍ بعضِها عن بعضٍ، وتتصلُ بالدماغ بواسطة خلايا عصبيةٍ متخصِّصةٍ، ولكلٍّ من هذه المستقبلات وظيفةٌ مختلفةٌ بالتفاعلِ مع البيئة المحيطة، كالإحساس بالضغطِ والحرارةِ واللمسِ الخفيف والاهتزازِ والألم، وتؤدّي حاسةُ اللمس دوراً بالتعبير عن التعاطف والإحساس بالآخرين أيضاً.

وليس هذا فحسبُ، إذ وفقاً لِدراساتٍ نفسيةٍ أُجريَت في جامعتَي هارفرد ويال عام 2010 ونشرتْها مجلةُ Science؛ فقد يؤثِّرُ تغيُّرُ مَلمَسِ المادة التي يلمسها الإنسانُ على القرار الذي يتخذُه تاثيراً غيرَ مباشرٍ.

لمزيد من التفاصيل عن الجلد وحاسة اللمس :  هنا

2. النظر: وهي حاسَّةٌ تعتمدُ على الضوء اعتماداً أساسيّاً؛ إذ ينعكسُ الضوءُ من الأجسام ويصل إلى العين، ويَعبُرُ الضوءُ القرنيّةَ الشفّافةَ ومن ثمَّ الحدقةَ وصولاً إلى العدسةِ،

والتي تساهمُ بدورها في تركيزِ الضوء على الشبكيةِ الغنية بالخلايا العصبية (العِصيِّ والمخاريط) التي تترجم الضوءَ إلى ألوانٍ وتُرسلُها على شكل نبضاتٍ كهربائية عبر العصب البصري إلى الدماغ ليقوم بتفسيرها.

لمزيد من التفاصيل عن العين وحاسة النظر: هنا

3- السمع: توجِّهُ الأذنُ الخارجيةُ أمواجَ الأصواتِ عبر مجرى السمع لِتصلَ إلى غشاءِ الطبل؛ وهو نسيجٌ ضامٌّ رَخوٌ يهتزُّ عندما تصدمُه الأمواجُ الصوتية، فتنتقلُ الاهتزازاتُ منه إلى الأذن الوسطى حيث توجدُ عُظيماتُ السمعِ الثلاثُ: المطرقةُ والسِّندانُ والرِّكابُ؛ إذ تنتقلُ الاهتزازاتُ عبرَها تِباعاً إلى النافذه البيضية ومنها إلى عضو كورتي - وهو العضو المسؤولُ عن السمع - الذي يترجمُ الاهتزازاتِ إلى نبضاتٍ كهربائيةٍ ينقلُها إلى الدماغ عبرَ العصب السمعي.

وإضافةً إلى ذلكَ يحافظُ الناسُ على التوازنِ بفضلِ قناةِ نفيرِ أوستاش المسؤولةِ عن موازَنةِ الضَّغطِ بينَ جانبَي غشاء الطبل.

لمزيد من التفاصيل عن الأذن وحاسة السمع : هنا

4. الشم: ما نعرفُه - مثلاً - أنَّ الكلابَ تملكُ حاسَّةَ شمٍّ قويةً جداً، ولكنَّ حاسةَ الشَّمِّ لدى البشر تكادُ لا تقلُّ كفاءةً عنها، إذ يمكنهم شمُّ قرابةِ تريليون رائحةٍ وليس عشرةُ آلافِ رائحةٍ كما كان يُعتَقدُ سابقاً، فَلدى الإنسانِ قرابةُ 400 مُستقبِلٍ شمِّيٍّ. وتضعفُ حاسةُ الشَّمِّ لدى البشر طبيعيّاً مع تقدُّمِ العمر، إذ يعاني أكثرُ من 75% من البشر فوق سنّ الثمانين من القُصور الشمِّي، وقد ينجم هذا الضعفُ عن حالاتٍ مرضيّةٍ مثلَ الفُصام والاكتئاب

5. الذوق: يُدرِكُ البشرُ بواسطة حاسة الذوق أربعةَ أنماطٍ أساسيةً من الطُّعوم: المالحُ والحلوُ والحامضُ والمُرُّ، وهناك طَعمٌ خامسٌ يُسمَّى "المذاقَ اللذيذَ" "umami" ويرتبطُ بحمض الجلوماتيك، ومَن يَدري فقد توجد طعومٌ أُخرى لم تُكتَشَفْ بعدُ! أما الحارُّ فليسَ طعماً بل إشارةُ ألم، وَلِحاسَّة التذوق قيمةٌ تطوريةٌ مهمةٌ فقد ساعدَتِ البشرَ منذ الأزل على تمييز الطعام السَّامِّ أو العَفِن بأنَّهُ مرٌّ أو حامض مثلاً، وأنَّ الطعامَ الحلو أو المالح هو طعامٌ مُغَذٍّ.

ولدى الإنسانِ 2000-4000 برعمٍ ذوقيٍّ يتركَّزُ أغلبُهم على اللسان، و يوجد عددٌ قليلٌ منها في الأنفِ ولسانِ المزمار والمريء والبلعوم، ومن الخرافاتِ الشائعةِ وجودُ منطقةٍ مخصَّصةٍ على اللسان لتذوق كلِّ نوعٍ من الطعوم؛ إذ إنَّ الطعومَ الخمسةَ المُكتشَفةَ يمكن تذوقها على أيِّ جزءٍ من اللسان على الرَّغم من أنَّ جوانبَ اللسان هي أكثرُ حساسيةً من وسَطه.

6. حِسُّ الفراغ the sence of space: وهي حاسة جديدة ربَّما لم تسمعوا بها من قَبلُ، وهي مسؤولةٌ عن إدراكِ الدماغِ مكانَ الشخصِ في الفراغ وتُدعى هذه الحاسةُ أيضاً: "الحِسَّ العميق Proprioception"، ومن خلالها يشعرُ الإنسانُ بالحركةِ وَوضعيَّةِ العضلاتِ والأطراف، فمثلاً تُمكِّنُ هذه الحاسَّةُ الإنسانَ من لَمسِ أنفهِ بطرفِ إصبعهِ حتَّى عندَ إغلاقِه لِعينيه، كما تُمكِّنُ الأشخاصَ من صعود الدرَّجِ دون النظرِ إلى كلّ دَرَجَةٍ بمفردها.

وهناكَ حواسُّ أُخرَى لا يعرفُها معظمُنا، مثلُ المُستقبِلاتِ العصبيةِ التي تتحسَّسُ الحركةَ لِتضبطَ توازن الرأسِ ومَيَلانَهُ، وكذلك المستقبلاتُ الحسيةُ الحركيةُ المسؤولةُ عن كشفِ تمطُّطِ العضلاتِ والأوتارِ ممَّا يُساعِدُ الناسَّ على إدراك وضعيِّةِ أطرافِهم، وتتحسَّسُ مستقبلاتٌ أخرى مستوياتِ الأوكسجين في شرايينَ معينة.

وفي بعض الأحيان قد لا يدرُكُ الناسُ الأحاسيسَ بالطريقةِ ذاتِها ، فالنّاس الذين لديهم تداخلٌ في الحواس أو ما يُعرَف بالمُحاسّة أو الحس المواكب "synesthesia" يُمكِن أن يدركوا الأصواتَ بألوانٍ محدّدةٍ أو أن يربطوا بعضَ الصور بروائحَ معينةٍ، فالأرقام مثلاً تغدو ملوَّنةً في ذاكرتهم كأن يشعروا أنَّ رقمَ 7 أخضرُ مثلاً أو أبيضُ..

وقد يكشفُ العلمُ لنا في حركة تطوُّرِهِ المستمرّةِ حواسَّ وإدراكاتٍ أُخرى قد لا نعرفها اليومَ، ولذلك فإنَّ تحديدَ الحواسِّ بخمسٍ قد لا يكونُ بتلك الدقّةِ الّتي نتصوُّرها !!

المصدر:

هنا