العمارة والتشييد > التصميم العمراني وتخطيط المدن

المدينة والرِّيف... مكانٌ واحدٌ تخلقه الهندسة

استمع على ساوندكلاود 🎧

تُعدُّ مراعاةُ البيئةِ إحدى أحدث المقاييس الّٙتي تعتمدها الشّٙركات الهندسيّٙة في وضعِ تصاميمها، وذلك نظراً للكثافة السُّكانيّٙة المتزايدة، والّٙتي تسبِّب الاستنزاف السّٙريع للموارد البيئيّٙة، بالإضافة إلى تأثيرها بالتّٙغيير الحادّٙ على مناخ الكرة الأرضيّٙة، فجاءت فكرة المدينة الغابيّٙة القادرة على إيواء السُّكّٙان دون إحداث أيِّ ضررٍ على البيئةِ المحيطةِ؛ نظراً لقدرتها على احتواء الملوّثات الناتجة عن السُّكّٙان، واستغلالِها الطّٙاقةَ الشّٙمسيّٙةَ لتوليد الكهرباء دون الاعتماد على المحروقات.

وقد شرعت الصِّين في بناء أوّٙل مدينةٍ غابيّٙةٍ في موقعٍ تبلغ مساحته 174 هكتاراً (342 فدّٙاناً) من المناطق السّٙكنيّٙة والأشجار، وذلك بالاعتماد على مخططات الشّٙركة المعماريّٙة الإيطاليّٙة Stefano Boeri Architetti، ويُتوقّٙع الانتهاء من بناء المدينة مع مطلع العام 2020، ولا يُعدُّ هذا المشروع الأوّٙل من نوعه بالنّٙسبة إلى الشّٙركة المذكورة؛ إذ سبقَ لها أن أَنجزَت عام 2017 مشروعَ البرج السّٙكنيِّ الّٙذي سُمِّي بالغابة الشّٙاقوليّٙة في مدينة ميلان، والّٙذي غُطِّي بالأشجار ممّٙا أعطاه القدرة على التّٙخلُّص من 35000 طنٍّ من الملوِّثات الموجودة في الهواء.

وسوف تُبنى المدينة الغابيّةُ Liuzhou جنوبَ الصٍّين على طول نهر Liujiang، وستتكوّن من أكثر من 70 مبنىً متضمّنةً المساكنَ والمدارسَ والمشافي والمكاتب وغيرها، وستُغطى كامل المساحات بالأشجار والنّٙباتات المختلفة؛ إذ تتضمّٙن مخطّٙطات المشروعِ أساساً أكثر من 40000 شجرة وما يزيد عن المليون نبتة من أكثر من مئة نوع، وفي حال انتهائها ستكون هذه المدينة مسكناً لـ 30000 نسمةً، وسَتُوصَلُ بالبلاد بواسطة طريقٍ سريعٍ للسيّٙارات الكهربائية.

ومن الجدير بالذِّكر أنّٙ دولة الصِّين أصدرت مؤخّٙراً معاييرَ معماريّٙةً جديدةً تحظر إنشاء المباني الغريبة الشّٙكل، واستعاضت عنها بأخرى جماليّٙةٍ تركِّز على الاقتصاديّٙة والاستدامة إضافةً إلى الجمال، علماً أنً الصِّين تُعدُّ موطناً لبعض أكثر الأبنية غرابةً في شكلها مثل بناء إدارة شركة CCTV  في Beijin، وقد صممه مكتب العمارة Metropolitan،  أو مثل بناء Galaxy Soho ذي الشّٙكل البيضويِّ الّٙذي صمّٙمته المهندسة زها حديد وغيرهما من الأبنية الفريدة من نوعها شكلاً.

وستستطيعُ الكتلة النّٙباتيّٙة في المدينة أنْ تمتصّٙ 10000 طنٍّ من غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء، إضافة لـ 57 طنّٙاً من الملوثات الأخرى وذلك في كلِّ عام، وستصدر 900 طنٍّ من الأوكسجين، وستكون موطناً طبيعيّاً للحياة الحيوانيّٙة أيضاً.

ومن الجوانب الإيجابيّٙةٌ المتوقّٙعةٌ للمدينة أنها ستتضمّٙن مساهمتَها بتعديل المناخ العامِّ للمنطقة، وخفضِ درجة الحرارة، وخلقِ تنوع بيولوجي محلي، إلى جانب قدرتها على الاكتفاء ذاتيّٙاً من ناحية توليد الطّٙاقة الكهربائيّٙة بواسطة نظم توليد الطّٙاقة الشّٙمسيّٙة.

وتُعدُّ هذه المباني والمدن مستقبلَ الهندسة؛ نظراً لمراعاتها الظروفَ والتّٙغيُّراتِ البيئيّٙة، ولا بدّٙ من التّٙفكير في هذا الاتِّجاه إذا أردنا الحفاظ على هذا الكوكب للأجيال القادمة.

 

المصادر: 

1 - هنا

2 - هنا