البيولوجيا والتطوّر > الأحياء الدقيقة

أنتَ شريكي في كلِّ شيءٍ! حتّى ميكروباتي!

استمع على ساوندكلاود 🎧

يُعدُّ الجلد خطَّ الدفاع الأول للجسم ضد العوامل الممرضة؛ وبالأخصّ طبقةُ البشرة منه، ولكنَّه يُعدُّ موطناً لأعدادٍ كبيرة من الأحياء الدقيقة أيضاً، ويُقدَّرُ عددُ هذه الأحياء بين 1 مليون إلى 1 مليار في السنتمتر المربع الواحد من الجلد.

ويُدعَى هذا المجموع من البكتريا والكائناتِ الحيّةِ الدقيقة الأخرى المتعايشةِ على سطح الجلد بالنَّبيت الحيوي (الميكروبيوم microbiome) أو الفلورا الميكروبية، ومن المعلوم أنَّ النبيت الحيوي يتأثر تأثُّراً كبيراً بعددٍ من العوامل كالجنس البيولوجي والعمر والعِرق والمكان الجغرافي للفرد واستعمالِ منتجات النظافة أو المعالجةِ بالصادَّات الحيوية، والآنَ وبحسبِ دراسةٍ من جامعة Waterloo في كندا؛ وجدَ الباحثون عاملاً جديداً يؤثر تأثيراً ملحوظاً على النبيت الحيوي للجلد وهو السكن المُشترَك للزوجَين معاً.

فعلى ما يبدو أنَّ الأزواجَ الذين يعيشون معاً يتشاركون بأكثر ممّا يظنون، إذ إنَّ دراسةَ الميكروبيوم لجلدِ الأشخاص الذين يعيشون معاً أظهرت أنَّ هنالك تأثيراً ملحوظاً لأحد الشريكَين على النبيت الحيوي الموجود على جلد الشريك الآخر، فكيف توصَّل الباحثون إلى ذلك؟

أُجريت الدراسة على 330 عزلة للبكتريا المتعايشة على الجلد (أي أُخِذَت 330 عينة بوساطة ماسحاتٍ قطنيةٍ) من 17 منطقة من الجسم لعشرةِ أزواج (20 شخصاً) غيريِّي الجنس ونشطين جنسياً؛ وقد سكنوا معاً لفترات تتراوح بين 4 أشهر إلى 14 عاماً، وجُمعت العينات من: الجفون وخارج وداخل فتحتي الأنف والإبطين والظهر والجانب الداخلي للفخذ وأسفل القدم والسُّرة بالإضافة إلى عدة أماكن أخرى، والنتيجة؟

وجدت الدراسةُ أنَّ مدى التشابهِ بين بكتريا الجلد عند الأزواج كان كبيراً للدرجةِ التي كانت فيها خوارزمياتُ الحاسوب قادرةً - بالاعتمادِ على هذه التشابهات فقط - على ربطِ كلٍّ من المشتركين بالدراسةِ مع شريكه بدقةٍ تصل إلى 86% !!

ووجدَ الباحثون أنَّ النبيت الحيوي لمنطقة أسفل القدم كان أكثر شبهاً بالنبيت الحيوي للشريك، ويُمكن تعليل ذلك بأن الأرضيات هي أكثرُ الأسطُحِ مُشاركةً بين الأزواج الذين يعيشون معاً فالسيرُ حافياً على هذه الأسطح من شأنه أن يعمل كناقلٍ للبكتريا من أحد الشريكَين إلى الآخر. وكان النبيتُ الحيوي للمنطقة الداخلية للفخذ أقلُّ شبهاً مع النبيت الحيوي الخاص بالشريك؛ ويمكن تعليل ذلك باختلاف الجنس بين الشريكَين، وبكونِ هذه المنطقة - عادةً - ذاتَ تماسٍ أقلَّ مع البيئة أو مع الشريك نفسِه.

ومع ذلك صرَّح الباحثون أنَّ عاملَ مشاركة الأزواج المعيشةَ في مكانٍ مشتركٍ كانَ أقلَّ تأثيراً على بكتريا الجلد المتعايشة من العوامل الأخرى التي تؤثر على النبيت الحيوي للجلد؛ كجنس الفرد والمنطقة المدروسة من الجسم، وإضافة إلى ذلك فالبكتريا المتعايشةُ المعزولةُ من فردٍ من الزوجَين من الجانب الأيسر من جسمه تشابه بشدة النبيت الحيوي للجانب الأيمن للشخص نفسه أكثرَ من مشابهتها النبيتَ الحيويَّ الخاصَّ بالشريك الذي يعيشُ معه؛ إذ تقول Ashley Ross طالبةُ الدراساتِ المسؤولةُ عن البحث: "أنت تشبهُ نفسَك أكثر مما تشبه شريكك".

ويُذكَر أيضاً أنَّ الباحثِين الذين قاموا بالدراسة شجَّعوا على تبنّي دراساتٍ مُشابِهة تتناولُ أزواجَ مِثلييِّ الجنس أو أزواجاً ينتمي الشريكان فيها إلى أعراقٍ أو مجموعاتٍ إثنيّةٍ مختلفة.

وماذا عنكُم قراءنا الأعزّاء؟ تُرى كم تتشابهون بكتيريّاً مع شركائكم؟!

المصادر:

هنا

هنا