الطب > مقالات طبية

الحُؤول metaplasia

استمع على ساوندكلاود 🎧

هل تساءَلتَ يوماً عن آليّة تطوُّرِ السرطانِ الناتجِ عن التدخين؟ أو عن التغيُّراتِ التي تَطرأُ على المريء عندَ ارتداد حموضة المعدة إليه؟

نتناولُ في هذا المقال ظاهرة الحُؤول metaplasia الّتي تُفسِّرُ هذه الحالات من وجهةِ نظرٍ نسيجيّةٍ وبطريقةٍ مُبسَّطةٍ.

نَقرأُ أحياناً كلمةَ "الحُؤول" في تقاريرِ التشريح المرضي لِخزعات مختلفة، ورُبَّما أخافَنَا الأمرُ أكثرَ ممَّا نتصوَّرُ؛ " فالّناس أعداءُ ما جهلوا"، وهنا سنحاولُ أن نُبِسَّطَ لكمُ القِصَّةَ.

الحُؤول Metaplasia (التحوّل النسيجي) هو ظاهرةٌ يُستبدَلُ فيها بنوعٍ من الخلايا الطبيعية الناضجة نوعٌ آخر من الخلايا الطبيعية و الناضجة أيضاً.

وتطرأ عملية الحُؤول غالباً على الظَّهارات Epithelia  (الخلايا الَّتي تُغطّي سطوح جسمنا المختلفة وتبطّنها؛ كالجلد و السبيل الهضمي والتنفسي والتناسلي..)؛ وهي عبارةٌ عن استجابةٍ تكيُّفيّة للمنبهات غير الطبيعية (كالالتهابات المُزمِنة مثلاً)؛ إذ يُستبدَل بالخلايا الأصلية نوعٌ خلويٌّ آخرُ أفضلُ تلاؤماً وأكثر مقاومةً لتأثيرات هذه المنبهات.

فعلى سبيل المثال؛ تتحوَّلُ بِطانةُ كلٍّ من الرُّغامى والقصبات- عند التدخين لفترات الطويلة – من طبقة واحدة من الخلايا أسطوانيةِ الشكل إلى عدةِ طبقاتٍ من الخلايا المُسطَّحة (الحَرشفية squamous)، وتُسمّى هذه العمليةُ بالحُؤول الحَرشفي squamous metaplasia.

وبتغيُّرِ النوع الخَلويِّ؛ تفقدُ البطانةُ المادّةَ المُخاطية التي تغطيها؛ والتي تُشكِّلُ الحاجزَ الدفاعيَّ الأوّلَ ضد الموادِ السامة والعوامل المُمرِضة.

وعند الاستمرار بتعريض البطانة لهذه المنبهات (التدخين) فإنَّ الحُؤول قد يأخد اتجاهاً خبيثاً malignant  مُسبِّباً الإصابةَ بسرطانِ الخلايا الحَرشفية squamous cell carcinoma .

وقد تُصابُ بِطانةُ قناة عُنق الرَّحِم بالحُؤول الحَرشفيِّ أيضاً استجابةً للالتهابات المزمنة، إذ تتغيَّرُ البِطانةُ من طبقةٍ من واحدة من الخلايا الاسطوانية، إلى عدة طبقات من الخلايا المسطحة.

وبالمقابل، فإنَّ بِطانةَ المريء المُؤلَّفةَ من عدَّةِ طبقاتٍ من الخلايا المُسطَّحة قد تتحوّلُ إلى طبقةٍ واحدةٍ من الخلايا ذات الشكل الأسطوانيّ تتخلَّلُها خلايا كأسيّةُ الشكلِ مُفرزَةً للموادّ المُخاطيّة، فتتشابه بذلك مع بطانة الأمعاء، ويُطلق على ذلك اسم مري باريت Barrett’s esophagus .

يَحدُث "مري باريت" نتيجةَ ارتدادَ حموضةِ المعدة إلى المريء (الجَزر المعدي المريئي Gastroesophageal reflux)؛ إذ إنَّ بطانةَ المريءِ الأصليةَ غيرُ مهيَّأةٍ لتلقِّي حموضة المعدة، وفي حالِ استمرارِ تعرُّضِ المريء للمُنبِّهِ (الحموضة) فقَد تتطوّرُ هذه الحالة إلى سرطان غُدِّي الخلايا adenocarcinoma .

الحُؤول هو ظاهرة قابلة للعكس reversible؛ إذ تعود الخلايا لِشكلها الأصلي عند إزالة المُنبِّه المُسبِّبِ له، فالاستمرار بتعريض الظهارة لهذه العوامل قد يتسبب بحدوث سرطانات.

وعند تشخيص الحؤول يجب توجيهُ كاملِ الجهود نحو إزالة المُسبِّبِ (إيقافُ التدخين، أو القضاءُ على مسببات الالتهاب..)، ومُراقَبة موقع الحُؤول لِتفادي حدوثِ الخباثاتِ.

 

المصدر:

1-  Ross’s histology and molecular biology، page 109، folder 5.1

2- هنا

3- هنا