الفيزياء والفلك > فيزياء

حيلة فيزيائيّة تقوم بها أجسامنا للإمساكِ بالأجسامِ الصلبة

استمع على ساوندكلاود 🎧

أظهرَ بحثٌ جديدٌ أنَّه عندما نلمسُ جسماً زجاجياً - سواءٌ أكان كأساً أم لوحاً أو حتّى شاشةَ هاتفك الذكي - فقد يستغرقُ زمانُ الإمساك به بإحكامٍ حدودَ 20 ثانيةً، وذلك خلافاً لغيره من بعض المواد كالمَطّاط الذي قد يكون بالقدر نفسه من النعومة، ولكنَّه أسهلُ من ناحيةِ الإمساكِ به.

 

وعلى الرغم من كونِ الزُّجاجِ زلِقاً؛ فنحن نستطيع الإمساك به بفضل قوى التجاذب الصغيرة ما بين جزيئاتِه وأصابعِنا، وكلما زادت مساحةُ السطح المشترك بينهما زادَ الاحتكاكُ، ومن ثَمَّ تزدادُ سهولةُ الإمساكِ بالجسم الزُّجاجي، وقد وجدَ باحثون من فرنسا والمملكة المتحدة أنَّ أصابعَنا تستطيع التأقلم والتعود على الأسطح الزَّلِقة عن طريق تغيير مساحةِ السطح المشترك (الجلد)، وهنا يأتي دور التعَرُّقِ؛

إذ تحدثُ التغيُّراتُ في نطاقٍ صغيرٍ على الطبقة الخارجية من الجلد التي تحتوي - كما نعلم - على بعض التعرُّجات والانحناءات (التي ندعوها بصماتِ الأصابع)، وهي قد تكونُ جيّدةً لإمساكِ الأسطُحِ الخَشِنة أو الناعمة كالمَطّاط، ولكنَّها تفشلُ في ذلك أمام الزجاج.

ولذلك؛ فعندما تستشعر أجسامُنا وجودَ جسم صُلبٍ وناعمٍ في الوقت ذاته تقومُ بإفراز القليل من العَرَق، والذي يساعد على تليين الكيراتين Keratin في الجلد، ممَّا يجعلُ تلك التعرُّجاتِ أكثرَ مرونةً؛ فتُصبحُ مُسَطَّحةً ممَّا يزيد مساحة السطح المشترك، فيزدادُ الاحتكاك وبالتالي نتمكن من الامساك بهذا الجسم.

وفي تجربة نُشِرَت في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Science) تابعَ الباحثون تلك العملية باستخدام موشورٍ زُجاجيٍّ وكاميرا، ووجدوا أنَّ تلكَ العملية لم تحدُثْ على الفور، بل أخذت وقتا يتراوح من بضع ثوانٍ إلى 20 ثانية، وقد اختلف المُعدَّلُ بناءً على عدد من العوامل: كوزنِ الجسم، وسرعةِ الإمساك به، والشخصِ الذي يمسكُه، وعندما أعادوا التجربة مستخدمينَ جسماً مَطّاطيّاً حدثت عملية الإمساك بسرعة عالية - حتَّى أنَّهم لم يستطيعوا رؤيتَها على الكاميرا-، ورَجَّحوا أنَّ سببَ ذلك هو سطحُ المَطّاط الناعم، الذي سمحَ للتعرُّجاتِ بالالتصاق به مباشرةً دونَ الحاجة لِتليين الجلد كما هو الحال مع الأسطح الزجاجية.

تُعَدُّ تلك النتائج مؤشِّرًا على أن الجسم يمكنه أن يستشعر مدى نعومة السطح الذي يلمسه، ويتصرف بناءً على ذلك. وقد يؤدّي اكتشافٌ كهذا إلى تغييراتٍ في تصميم شاشات هواتفنا المحمولة في المستقبل. إذ ربّما تعتمد شاشاتُ اللمس Haptic Screens -  مستقَبلًا - على تياراتٍ كهربية صغيرة أو اهتزازاتٍ فوق صوتية لمحاكاةِ الشعور بسطح الزجاج، ويستطيعُ الباحثون تصميم أنواع زجاج أفضل عن طريق دراسة التغيُّراتِ الطفيفةِ في شكل الجلد.  

المصدر:

هنا