الطب > مقالات طبية

حمض الترانيكساميك ..هل سيكون علاجاً مُنقِذاً لِمرضى النَّزف الحاد؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

يقولُ الباحثون أنَّ العلاجَ المباشر بحمض الترانيكساميك Tranexamic Acid يُخفِّضُ خطرَ الوفاة بنسبة 70% عند المرضى الذين لديهم نزفٌ شديدٌ، وعلى أيّة حالٍ يؤدّي التطبيقُ السريعُ لهذا الدواء دوراً هاماً في نجاحِه؛ إذ إنَّ التأخيرَ في استخدامِه حتّى لِفتراتٍ قصيرةٍ سيقودُ إلى نقصٍ في المَنفعةِ المَرجوُّةِ منه.

تَنتجُ أهميُّةُ هذا العلاج من أنَّه في كلِّ عامٍ يُتوَفَّى حوالي مليونَي إنسانٍ حولَ العالم بسبب النزوفِ الرَّضيّةِ خارج القَحف؛ الناجمةِ غالباً عن حوادث المرور والعنف، إضافة إلى أنَّ النَّزفَ ما بعد الولادة يُعَدُّ السببَ الأوّلَ للوفيات عند الأمهات حول العالم إذ يصلُ عدد الوفيات به إلى مئة ألف وفاةٍ سنوياً.

وإنَّ العلاجاتِ المُضادَّةَ لحلِّ الفبرين - مثل حمض الترانإيكساميك وحمض الأمينوكابروئيك والأبروتينين - تعملُ على تقليلِ النزف من خلال زيادة تثبيت الخَثرةِ الدموية، وقد استُعمِلَت هذه الأدوية لسنواتٍ عديدة للتقليل من نزف الدورة الطَمْثيةِ الغزيرة، أو خلالَ العمل الجراحي للتقليل من الحاجة إلى نقل الدم.

وقد أُجرِيَت  تجربتانِ سريريّتان هما WOMAN – CRASH2 تحدَّثتا عن دور حمض الترانيكساميك في تخفيض نسبة الوفيات إلى حوالي الثلث في حالات النزوفِ الرَّضِّيةِ الخطيرة والنزوفِ ما بعدَ الولادةِ في حال تطبيق هذا الدواء خلال 3 ساعات من بَدءِ النزف.

وكذلك فقد جُمِعَت ثلاثَ عشْرةَ دراسةٍ تتحدَّثُ عن حِمض الترانيكساميك أُجريَت بين عامَي 1946 وَ 2017، ومن بين كلِّ هذه الدراسات انبرَتْ دراستا WOMAN – CRASH2 فحسبُ للحديثِ عن دور توقيت بَدء العلاج، وتأثيرِه في فعالية الدواء، وبناءً على ذلك؛ دخلَ أكثر من 40000 مريضٍ من هاتين الدراستين في التحليل التَّلوي*.

أظهرتِ النتائجُ أنَّ عددَ الوفيات قد بلغ حوالي 3500 وفاةٍ، وأنَّ السببَ الرئيسَ للوفاة في حوالي 40% من الحالاتِ هو النَّزف، وقد حدثت ثلثَا حالات النَّزف المؤدّي للوفاة خلال الاثنتي عشرة ساعةً التالية لبَدءِ النَّزف، في حين حدثت بقية الوفيّات بسبب النَّزف ما بعد الولادة؛ وقد بلَغَتْ ذروتَها خلال 2 إلى 3 ساعاتٍ من الولادة.   

وأظهرت هاتان الدراستان أيضاً أنَّه في حالات النَّزف ما بعد الولادة قد بلغت نسبة السيّدات اللاتي تلقين حمض الترانيكساميك مع العلاج  المعياري التقليدي بلغت 1.5% مقابل 1.9% عند السيدات اللاتي تلقين الدواء الغُفل بالإضافة إلى العلاج المعياري. وكانَتْ نسبةُ الوفيّاتِ بين مرضى الرُّضوض 4.9% في مجموعة حمض الترانيكساميك مقابل 5.7% في مجموعة الدواء الغُفْل.

وعموماً فإنَّ نسبةَ البُقيا عند المرضى الذين تلقوا حمضَ الترانيكساميك أعلى بـ 20% ممَّن لم يتلقَّوه، وكذلك ففي حالِ التطبيق المباشر لحمض الترانيكساميك تحسَّنت بُقيا المرضى بحوالي 70%، وأعقبَ كلُّ تأخيرٍ لمدّة 15 دقيقة  انخفاضاً في نسبة البُقيا بمعدل 10% حتّى بعد الأخذ بعين النَّظر العواملَ الأُخرى المهَّمة عندَ مرضى النَّزف؛ وهي: العمرُ، والضغطُ الشريانيُّ الانقباضيُّ، في حين لم تُشاهَدْ هذه النتائجُ عند المرضى عند تجاوزِ توقيتِ تطبيق هذا العلاج الثلاثَ ساعاتٍ.

وممّا يجدر ذكرُه أنَّه لم يجدِ الباحثون أيَّ دليل على زيادة خطورة الحوادث الخُثارية مثل النوبات القلبية أوالحوادث الوعائية  الدماغية أو الخُثارِ الوريدي العميق أو الصِّمَّة الرِئويّة عندَ المرضى الّذين تلقَّوا هذا العلاج.

وفي مُلحَقٍ لِهذه الدّراسةِ المنشورة؛ تحدَّثَ الدكتور درايز- جامعة مينيسوتا - عمّا هو معروفٌ حولَ آليّة تأثير حمض الترانيكساميك، إذ ذكرَ أنّه يرتبطُ مع البلازمين الذي يؤدّي - بدوره - دوراً هامّاً في الالتهاب وتكوُّنِ الأوعية وشفاءِ الجروح، ويمتلك تأثيراً حامياً لبطانة الأوعية أيضاً.

وخلَصَ الدكتور درايز في نهاية الحديث إلى القول: "حالما تَرِدُ المعطياتُ من الدراسات التجريبيّة على حمض الترانيكساميك سيغدو طيفُ تطبيقاتِهِ السريريّة أوضَحَ".

*التحليل التلوي هو تحليلٌ في عِلم الإِحصاء يتَضَمَّن تطبيق الطرائق الإحصائيّة على نَتائِجَ عِدّةِ دِراساتٍ قد تكون مُتوافِقة أو مُتضادّة، وذلك من أجِل تَعيين تَوجُّهٍ أو مَيلٍ لِتلك الّنتائِج؛ أو لإيجادِ عِلاقة مُشترَكة مُمكِنة فيما بَينها.

المصدر:

هنا