منوعات علمية > منوعات

كيفَ تَكتبُ ورقةً بحثيةً؟ (نصائحُ يجبُ مراعاتُها عندَ كتابةِ الورقةِ البحثيةِ)

استمع على ساوندكلاود 🎧

لقد تركناكم في الجزء السابق من هذه السلسلة عند الهيكل العام للورقة البحثيّة، وذلك بعد أن تحدثنا في عُجالةٍ عن أهميّة نشر الأبحاث، ودور ذلك في إغناء المحتوى العلمي. وفي الجزء الثاني هنا سوف نسرد بعضَ النصائح التي يجب مراعاتُها عند كتابة الورقة لِتكونَ صالحةً للنشر في المجلّات العلميّة المختصّة، وإلّا فسوف تُرفَض كما يحدُثُ مع عشراتِ الأوراق يوميًّا.

والنصيحة الأولى هي تحرّي الدقة والوضوح عند وصف الأفكار الّتي تقوم عليها الورقة البحثية، وكذلك عند ذكر الإجراءات المتبعة ونتائج البحث، فهذه الأمور الثلاثة - الأفكار والإجراءات والنتائج - هي أعمدةُ الكتابة العلميّة، وبطبيعةِ الحال فإنّ أهميّة الدقّة والوضوح تزداد أكثر فأكثر عند محاولة إيصال أفكارٍ معقّدةٍ.  

والنصيحة الثانية هي تجنّب استخدام مصطلحات مبهَمةٍ، مع شرحٍ واضحٍ للمصطلحاتِ التخصصيّة كافّة. ويجبُ الاختصارُ قدر الإمكان، واستخدام العبارات القصيرة بدلاً من الطويلة.

والنصيحة الثالثة هي الكتابة بصيغةٍ رسميّةٍ باستخدام اللغة العلميّة، وتجنُّب المبالغة في استخدام اللغة العاميّة أو استخدام مصطلحاتٍ تنتمي لمنطقةٍ معيّنة (كاستخدام اللفظ العاميّ لمصطلح علمي بدلًا من الاسم الفصيح). وأخيراً يجب تجنّب استخدام ضمير المخاطب واستخدم ضمير الغائب بدلًا عنه.

ويُنصَحُ كذلك بمراجعة الورقة البحثية لغويًّا عدّة مرّاتٍ، فغالباً ما تكون الأخطاء الإملائية أو النحوية (عند الكتابة باللغة العربية)؛ أو الأخطاءُ في القواعد اللغوية والأزمنة وتهجئة الكلمات (عند الكتابة بلغة أجنبية)؛ سبباً في رفض النشر من قبل المُراجع. فبِغضِّ النظر عن محتوى الدراسة فإنّ هذا النوع من الأخطاء يوحي بأنَّ الباحث قدّم النص دونَ أدنى مراجعةٍ له، مما يجعل المُراجِعَ يعتقد أنَّ البحث يحوي معلوماتٍ علميّة خاطئة كذلك، فمراجعة النص من قبل شخصٍ آخر ذو عينٍ مُدرَّبة كفيلٌ بكشف هذه الأخطاء التي غَفِلَ عنها الكاتب الأساسي للبحث.

ومن النصائح الهامّة الأُخرى نذكرُ الاعتمادَ على الرسوم البيانية والأشكال التوضيحية داخل الورقة البحثية فهذا يصبُّ في مصلحتها، وفي حال اعتُمِدَ على جداول البيانات؛ فيجب أن تكون هذه الجداولُ مفهومةً بذاتها وبمجرّد نظرةٍ سريعةٍ، ولا يجب أن يتطلّب فهم الجدول قراءةً متأنّية لنص البحث. وتُحسّن الرسومُ البيانيّة من مظهر الورقة البحثيٍة تحسيناً كبيراً، وتُقبَلُ أنواعٌ كثيرةٌ للتّمثيل البياني بما في ذلك الرسوم والجداول والمخططات والصور. وبالنسبة إلى الصورة الفوتوغرافية  فيجب أن تكونَ واضحةً وخاليةً من مشتِّتاتٍ خارجيّة في الخلفيّة، وأن تُلتقَطَ بحيث تكون الأهدافُ فيها واضحةً، وكذلك يُفضَّل أن تكون هذه الصور الفوتوغرافية ملوّنةً.

ويجب أن تكونَ الأشكالُ الرقميّة من الملفّات والوثائقِ المنتَجة بواسطة الماسحِ الرقمي، وأن تكونَ الصورُ الفوتوغرافية بدقة 300 بكسل في البوصة الواحدة على الأقل (ويُمكن الاستعانة بأحد الخُبراء لشرح هذه النقطة)، ولِمزيدٍ من الدقة يُفضَّلُ تقديمُ الصور كملفٍّ منفصِلٍ(بصيغة jpeg  أو tif) بدلاً من أن تُدمَج مع الورقة البحثيّة.

حديثاً أصبحَ الباحثون يقدمّون مقطعًا مصوّرًا مع الورقة البحثية يُعرَضُ على موقع المجلة مُرافِقاً للبحث، فكما هو معروفٌ فإنّ وجود فيديو لتجربةٍ أو إجراءٍ ما مستخدَمٍ  في البحث يعوّض عن ألف كلمةٍ، ولذلك يُنصَح بإضافة فيديو عند إرسال الورقة البحثية، ويفضّل أن يكون واضحًا وقصيراً.

ونذكِّرُ في نصيحتنا الأخيرة بضرورةِ احترامِ حقوق الملكية، ولذلك يجب تجنُّبُ السّرِقة الأدبيّة ونقص الاستشهاد غير المتعمَّد، فعند الاستشهاد بمرجعٍ ما يخدم البحثَ؛ يجبُ نسبُ كُلِّ معلومةٍ إلى مصدرها، ومن مسؤولية مؤلِّف البحث أن يتأكّد من صِحّة الاستشهاد تأكّداً تامّاً في كلِّ المراجع وبدقّةٍ، ومن المفيد الإطلاع على التعليمات المستخدَمة في كتابة الاستشهادات والتحقّق من أنَّ كُلَّ المراجع المستخدَمة موجودةٌ على نحوٍ صحيحٍ في نهاية الورقة البحثيّة.

إلى هنا تكون نصائحنا قد انتهت ولكن السلسلة لم تنتهِ؛ لذلك ندعوكم إلى انتظار الجزء الثالث للتعرُّفِ على أجزاء الورقة العلميّة وما يجب مراعاته عند كتابة كُلِّ جزءٍ منها.

المصدر: هنا