الرياضيات > الرياضيات

كم ستبدع في تبليط أرض بقطع خماسيّة الأبعاد؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

الشّيء الممتعُ حولَ الرّياضيات هي تقديمها أجوبةً لأسئلةٍ لم تكن تعتقد أنّك ستسألها، فهل كنت تعلمُ أنّ هناك 15 طريقةً -ونؤكّدُ- 15 طريقةً فقط لتغطيةِ أرضٍ بالبلاطِ الخماسيِّ؟

 

تبليطُ مساحةٍ ما بأشكالٍ متشابهةٍ كانت أمرًا يذهلُ النّاسَ منذ العصورِ القديمةِ، وليس فقط من ناحيةٍ جبريّةٍ بل لأسبابٍ جماليّةٍ أيضًا.

 

فمن هنا بدأت الفسيفساءُ الّتي أصبحت طريقةً لإظهارِ الثّراءِ والوضعِ الاجتماعيِّ، كانت أغلبُ اللّوحاتِ الفسيفسائيّةِ مُغطّاةٌ ببلاطاتٍ مربّعةٍ أو مستطيلةٍ، لكن لم يستغرق القدماءُ وقتًا طويلًا حتّى يكتشفوا طرقَ تغطيتِها ببلاطاتٍ ثلاثيّةٍ أو سداسيّةٍ، كانت هذه النّهايةُ المؤقّتةُ لأشكالِ البلاطاتِ حتّى وقتٍ سابق.

 

"التّغطيةُ الفسيفسائيّةُ" أو باللّغةِ الإنكليزيّة "tessellatio"  هي خاصيّةُ قدرةِ الأشكالِ على تغطيةِ مكانٍ ما بأنماطٍ لانهائيّةٍ.

 

ففي عام 1918، قدّم كارل رينهاردت وهو باحثٌ بموضوع التّغطيةِ الفسيفسائيّةِ أطروحةً تُغطّي جميعَ المواضيعِ حولَ الفسيفساء ذاتِ الأشكالِ المحدّبةِ ( أي الّتي تكونُ جميعُ زواياها أقلُّ من 180) الّتي تُغطّي سطحًا ما بدون تداخلٍ، وأظهرَ لنا أنَّ جميعَ الأشكالِ الثلاثيّة والرّباعيّة تستطيعُ أن تغطّي أرضًا ما بدون زيادة.

 

ولكن فقط 3 أنواعٍ سداسيّةٍ تستطيعُ ذلك، كما أظهرَ أنّه لا يمكنُ لشكلٍ سباعيٍّ أو أكثر أن يفعل ذلك.

 

والمضلّعُ الوحيدُ الّذي بقي بدون جوابٍ هو الخماسيُّ.

 

والآن بعد 100 سنةٍ تقريبًا، تمّت الإجابةُ عن هذا السّؤالِ من قِبَلِ ميشيل رومن من مختبر الحوسبة المتوازية في قسم الهندسة المعلوماتية في جامعة كلاود برنارد ليون 1 .

 

المضلّع الخُماسيّ:

 

إنّنا نعرف 15 طريقةً لملء سطحٍ  بمضلّعٍ خُماسيٍّ حتّى الآن، والعديدُ منها تمّ وصفها من قِبَلِ رينهارت  Reinhardt، وتمَّ تحديدُ البعضِ منها من قِبَلِ رياضيّينَ آخرين، وحتّى من هواةٍ، وفي عام 2015 وصِفَ النّوعُ الخامسَ عشر، وذلك بعد ثلاثين سنةً من سابقه.

 

لكن لا يوجدُ جوابٌ أكيدٌ فيما إذا كان الأخير.

 

وفي بدايةِ أطروحته قال راينهارت أنَّ أطروحته لم تُثبت عدمَ وجود أنواعٍ أخرى، وأنَّ هكذا إثبات سيحتاج إلى كتابٍ كبيرٍ.

 

 

بدأ ريو بخوارزميّةٍ حاسوبيّةٍ والّتي شكّلت بدورِها جميعَ الأشكالِ الخُماسيّةِ المُمكنةِ.

 

وفي دليله الجديد بمساعدةِ الحاسوبِ، استخدمَ خوارزميّةً حاسوبيّةً ووجدَ حوالي 371 عائلةٍ من الأشكالِ الخُماسيّةِ.

 

والّتي عُرِّفت بقاعدةٍ مُشتركَةٍ، مثل: "الضّلع A مساوٍ للضّلعِ B" أو "الزّاوية C مساويةً للزّاويةِ D"

 

يفسّر جورج كبيرميبرغ وهو أستاذ رياضيات في جامعة كاليفورنيا ديفس "لكل واحد من السيناريوهات الـــ 371، تحاول خوارزمية كبيرميبرغ أن تركب قطع البلاط مع بعضها بوضع قطعة تليها الأخرى، وذلك باستخدام رؤس الشكل المسموح بها فقط."

 

وهذا الفيديو يوضّح عمل الخوارزميّةِ:

 

 

"فيديو من برنامجِ راي ويوضّح فيه الاحتمالاتِ للبلاطِ الخماسيِّ حتّى يصل للاحتمالِ الخامسِ عشر"

 

ومن بين هذه الخيارات، هناك 19 خيارًا محدّبًا يرصف المكانَ بنجاحٍ، لكن كما اتضحَ لنا لاحقًا، بأنّ 4 منهم كانت حالاتٌ عمليّةٌ لأحدِ الأنواعِ الـــ 15 السّابقة، لذلك 15 وفقط 15 نوعًا من المضلّعاتِ الخُماسيّةِ يمكن أن تملء بلاطة.

 

البحث عن أينشتاين:

 

قام توماس هيلز، بروفيسور رياضيات في جامعة بيتسبرغ ومختصٌ بحلِّ المشاكل الجبريّةِ باستخدامِ الكمبيوتر، باستنتساخ حلولِ ريو بشكلٍ مُستقلٍّ، حيث تُؤمّن دراسةُ ريو نظرةً إلى بحثِ أينشتاين  "ein Stein" الأسطوريِّ (لا علاقة له بألبرت أينشتاين، لكنها كلمة تعني "حجرٌ واحدٌ" باللغة الألمانية.)

 

فأينشتاين هو شكلٌ افتراضيٌّ يستطيع أن يملء البلاطة بشكلٍ لا دوريٍّ، "أيّ أنّهُ نمطٌ يتكّيفُ وفق الظّروفِ".

 

هذا الشّكل هو "الكأسُ المقدّسةُ" للأشخاصِ الّذين يعملونَ بالتّبليطِ. كما يقول ريو وهو يُشير لأينشتاين، بأنّ دراستَهُ ليست هدفٌ بنفسها، لكنّها قفزةٌ كبيرةٌ نحو مسعىً أكبرَ بكثير.

 

كما أنّ هناك سببٌ جيّدٌ لنعتقدَ بحقيقةِ وجودِ أينشتاين، فإذا كان موجودًا فلابدَّ أنَّه شكلٌ معقّدٌ جدًّا، وكما تتخيّل، فهذا يضيف للشّكلِ جاذبيّة.

 

يعتقد الباحثون بوجود شكلِ أينشتاين، لأنّه يرتبط بمشكلةٍ أخرى في نظريّة التّبليط "tiling theory"، وتُدعى : مشكلة القرار.

 

يشرَحُ كايسي مان -محاضرُ الرّياضيات المساعدِ في جامعة واشنطن والّذي اكتشفَ الشّكلَ الخماسيَّ الخامسَ عشر- المسألةَ بقوله:

 

السّؤال هو، إذا قدّم أحدهم بلاطةً ما، هل يمكنكَ كتابة خوارزميّةٍ حاسوبيّةٍ تأخذ ذلك الشّكلَ كمدخلٍ وتعطي في خرجِها، "أجل، يمكن لهذا الشّكلِ تبليط سطحٍ مستوٍ، أو لا لايمكن لها ذلك".

 

ويُضيف مان: "يعتقد أغلبُ النّاس بتعقيدِ وجودِ هكذا خوارزميّة"

 

لكن يسعى ريو للخطوة التّالية ويحاول وضع خوارزميّةٍ  للبحث عن أينشتاين بعيدِ المنالِ.

 

من كان يعتقد أنّ التّبليط يحتوي كلَّ هذا التّعقيد؟

 

 

 

المصدر: هنا 

 

 

/p>