الطب > مقالات طبية

أفسحوا المجال للهيموجلوبين!

عندما تبدأُ خلايا الدّم الأوليةُ بالتّطورِ والتخصص لتصبحَ كرياتِ دمٍ حمراءَ ناضجةٍ، فإنها تفسح المجالَ للبروتين الحاملِ للأكسجين وهو الهيموغلوبين عن طريقِ تدميرِ النواة، والميتكوندريا، والريبوسومات ، وغيرها من العضيات.

يهدف هذا التّحور والتّخصص في الخلايا إلى إنتاجِ خلايا دمٍ حمراءَ قادرةٍ على إمداد الأنسجةِ والأعضاءِ بالأكسجين اللازم لتقومَ بوظائفها الطبيعية، ويحدثُ هذا بواسطة البروتيزوم proteasome وهو عبارةٌ عن مجموعةِ خيوطٍ من الجزيئات الملتهمة للبروتين وتسمّى اصطلاحاً مكابس القمامة الخاصّة بالخلية.

ولكن كيف يمكنُ تحديدُ الأجزاءِ التي سيدمّرها البروتيزوم؟

وجد الباحثون أنّ الإنزيم الذي يتحّكم في هذه الآليةِ هو الإنزيم المسمى UBE₂O؛ الذي عُرِفَ واكتشف عام 1990، ولكن لم تسمحِ الإمكانيات والتقنيات حينها بدراسته على نحوٍ كافٍ.

ويُحدّدُ إنزيم UBE₂O الأجزاءَ التي ستُدمَّرُ عن طريق وضع علامات أو إشارات خاصّة عليها وهذه العلامات هي عبارة عن بروتين صغيرٍ يُسمّى يوبيكيتين ubiquitin الذي يسمح للبروتيزوم بالتعرف على تلك الأجزاء وتدميرها.

وتُعرَفُ هذه الآلية الواسعة باسمِ نظامِ اليوبيكيتين-بروتيزوم (UPS)، وهي تعملُ باستمرار في الجسمِ لإزالة البروتيناتِ غيرِ الضرورية وللحفاظِ على الخلايا من الفوضى.

سابقاً لم يُربَط نظام اليوبيكيتين-بروتيزوم (UPS) بعملية تكوين خلايا الدّمِ الحمراءَ، ولكنْ أوضحَ الباحثون في هذه الدراسةِ وجودَ كمّياتٍ كبيرةٍ من أنزيم UBE₂O في خلايا الدم الحمراء غير الناضجة مما يعززُ وجودَ رابطٍ بينهما.

لاحظَ الباحثونَ أثناء التجاربِ أنّ الفئران الفاقدة لأنزيم UBE₂O، كان لديها فقرُ دمٍ بسبب نقصِ الكرّيات الحمراءِ مما يدلُّ على دورِ الأنزيم الأساس في تكوين الكريّاتِ الحمراء.

وأوضحتْ سلسلةٌ أخرى من التّجاربِ أنّ خلايا الدمِ الحمراءَ غيرَ النّاضجة التي افتقدت لوجودِ إنزيم UBE₂O احتفظتْ بمئاتِ البروتينات وفشلتْ في أن تصبحَ خلايا متخصصةً.

وعندما فصل الباحثون الأنزيم عن خلايا الدّم الحمراء غير النّاضجةِ واستعملوه في أنواع أخرى من الخلايا استمرّ بتحديدِ البروتينات الصّحيحة التي يجبُ تدميرها وهذا دليل على أنّ الإنزيم هو المنظّمُ الأوّل لعمليّة تخصص الكريّات الحمراء.

بما أن للأنزيماتِ دوراً مهماً في تطوّر كريات الدّمِ الحمراء، يأملُ العلماء أن يساعدَهم هذا البحث في إيجادِ علاجٍ لاضطرابات الدم وسرطاناته؛ إذ أوضحتْ الدراسةُ أنّ عوزَ إنزيم UBE₂O في الفئران يخففُ بشدّة أعراضَ أحدِ اضطراباتِ الدّمِ وهو تلاسيميا بيتا.

ولكن مازالَ يقع على عاتق على العلماء تحديدُ ما إذا كانت هذه الآلية مسؤولةً عن التخصُّص في  خلايا أُخرى أو لا!

مصادر: هنا