الهندسة والآليات > المركبات والآليات

برنامج التوازن الإلكتروني ESP: قيادة آمنة بلا انزلاق

مهما بلغَتْ مهارات القيادة لديك؛ يبقى من الصعب عليك إدراك جميع العوامل المحيطة بك في الوقت ذاته، بالإضافة إلى أنَّ هذه العوامل قد تحتاج إلى سرعةٍ عالية في الاستجابة تفوق قدراتنا أحياناً، ممَّا قد يتسبب بحوادثَ أليمةٍ لا يُعرَفُ مدى خطورتها.

برنامج  الثبات الإلكتروني (ESP (electronic stability program:

هو أحد أنظمة الأمان الميكاترونيكية الذي يقوم على تحسين ثبات المركبة، عن طريق اكتشاف الضياعات الميكانيكية الناتجة عن الانزلاق أو أماكن فقدان الجر ثم التقليل منها، وخاصةً في الظروف المناخية السيئة.

 

باختصار؛ وعندما يَكتشفُ النظامُ حدوثَ الانزلاق يفعّل تلقائياً المكابحَ الموضَّعة على الإطارات الأربعة، ممَّا يساعد على توجيه المركبة إلى الجهة التي يريدها السائق.

تؤثر هذه المكابح على الإطارات عن طريق تطبيق قوة الكبح على كل عجلٍ من العجلات على نحوٍ منفصل عن الآخر (على الإطار  اليساري الأمامي مثلاً) وبقِوى ضغطٍ مختلفةٍ ومتغيّرة بحسب جهة الانزلاق، وسرعته، والتوضُّع الآني للمركبة، والجهة التي يحددها السائق عن طريق المِقوَد، وقد تُخفَّضُ قوة المحرّك في بعض الأنظمة الأُخرى أيضاً حتى استعادة التحكم.

1- يقوم نظام الـ ESP على دمج عدة أنظمة وهي:

 - (ABS (Brakes Anti-blocking system مانع انغلاق المكابح:

     يُخوِّل نظام الـ ABS نظامَ الـ ESP من توزيع تفعيل المكابح على الإطارات الأربعة كلٌّ على حِدة، وكذلك يساعد في تخفيض مسافة انزلاق المركبة بفتح وإغلاق المكابح بترددٍ معين.

 - نظام التحكم بزاوية الانحراف Yaw rate control:

وتُقاس هُنا زاوية الانحراف بالنسبة لمحور عموديٍّ على المركبة، فقد تكون لليمين أو لليسار مثلاً (حسب جهة الانزلاق).

 - نظام التحكم بالاحتكاك traction control system) TCS):

يتحسس هذا النظامُ الانزلاقَ في مقود القيادة والإطارات، ويكبح الإطاراتِ المنزلقة أثناء عملية التسارع كلاً منها على حدة، كما يمكن أن يخفّض من قوة المحرك حتى استعادة التحكم (مفيدٌ في حالة الصعود على الرصيف أو الانغراس في الطين).

وبالطبع فإنه عند دمج هذه الأنظمة بعضها مع بعض، يقوم نظام ESP بإضافة مزايا أخرى لهذه الأنظمة، ويستخدمها في مجال تحسين الثبات، إذ أنه يمكن لنظام ESP استقبال معلوماتٍ وإرسال أوامرَ للمتحكمات الأخرى في المركبة.

يتجسد هذا الدمج عن طريق وحدة التحكم الإلكترونية (سنتكلم عنها لاحقاً).

يستخدم نظام ESP عدَّة مستشعرات٬ منها ما هو لتحديد ما يريده السائق (الأمر)، ومنها ما هو لتحليل الوضع الفعلي للسيارة وتبيُّنه (الاستجابة)، إذ تقوم خوارزمية التحكم بمقارنة أمر السائق مع استجابة المركبة، وتُقرِّر - عند الضرورة - تفعيلَ المكابح أو تقليلَ فتحة الصمّام في المحرك بمقدارٍ مُعيَّنٍ يُحسب من معادلات الحالة الفراغية.

 

تُرسِل هذه المستشعراتُ المعلوماتِ للنظام إرسالاً مستمرّاً كي يُكتشفَ العطل بأسرع وقتٍ ممكن٬ كما أنها قادرةٌ على مقاومة أشكال التداخلات المحتملة كالأمطار أو الحفر في الطريق، إلخ...

2- أهم هذه المستشعرات:

مستشعر زاوية التوجيه Steering wheel angle sensor: يحدد مقدار الاستدارة التي يريدها السائق، وهو عبارةٌ عن مستشعرِ مقاومةٍ مغناطيسية.

مستشعر معدل زاوية الانحراف yaw rate sensor: يُحدد مقدار انحراف دوران المركبة حول محور عموديٍّ على المركبة، (تُقارن المعطيات من المستشعرين السابقين لتحديد إجراء المعايرة الذي يجب اتخاذه).

مستشعر التسارع الثانوي lateral acceleration sensor: لقياس التسارع.

مستشعر سرعة العجلات: قياس سرعة دوران الإطارات.

ومن المستشعرات الأخرى:

مستشعر التسارع الطولي Longitudinal acceleration sensor: شبيهٌ بمستشعرِ التسارع الثانوي من حيث التصميم، لكنّه يعطي معلوماتٍ إضافيةً عن درجة انحدار الطريق، وهو مصدرٌ آخر لقياس التسارع والسرعة.

مستشعر معدل الدوران Roll rate sensor: شبيهٌ بمستشعر زاوية الانحراف من حيث التصميم، إلا أنَّ دقة مخطط متحكمات المركبة -كما في تصحيح الأخطاء عند توقع سلوك المركبة- تكون أفضل من أن تكون المعطيات من المستشعرات الأخرى فقط.

3- وحدة هيدروليكية (غالباً كهرومغناطيسية): تضمن وصول قوة الكبح الصحيحة لكل إطار، بالإضافة إلى أنه في حالاتٍ معينة يحتاج النظام إلى زيادة الضغط في المكابح فيمكن استخدام وحدة تعزيز أو مؤازرة Booster جنباً إلى جنب مع الوحدة الهيدروليكية (المنمذج الهيدروليكي).

4- دماغ نظام ESP: هو وحدة التحكم الإلكتروني (ECU (electronic control unit: تتضمن مختلف تقنيات التحكم داخلَها، وتُستخدَم غالباً وحدة التحكم هذه ذاتُها لمختلف الأنظمة في الوقت نفسه٬ تُرسَل إشارة الإدخال عبر دارة الإدخال إلى المتحكم الرقمي حيث تُحدَّد الحالة المرغوبة للمركبة بناءً على درجة زاوية وسرعة دوران الإطارات٬ويقيسُ مستشعر زاوية الانحراف الوضعَ الفعلي للمركبة بالتزامن.

وبعد المقارنة يقوم المتحكم الرقمي بحساب التسارع أو الكبح المطلوب لكل إطارٍ من الإطارات مباشرةً عبر دارة القيادة إلى صمامات المنمذج الهيدروليكي. تتصل وحدة التحكم بوحدات تحكم الأنظمة الأخرى عن طريق واجهةِ شبكة وحدات التحكم Controller Area Network لتجنب إرسال أوامر متناقضة.

5- تمتلك العديد من أنظمة ESP مفتاح تجاوز "إغلاق" "off" حتى يتمكن السائق من تعطيل النظام في حالات الانغراس في الوحل أو القيادة على الشاطئ أو استعمال إطارٍ احتياطيٍّ أصغر حجماً قد يؤدي إلى التداخل مع المستشعر. في بعض السيارات المترفة، يمكن تعطيل النظام عن طريق الضغط على دواسة الفرملة عدداً من المرات عند الوقوف أو تكرار تشغيل وتعطيل المكابح اليدوية، لكن عادةً ما يعود النظام للعمل خاصةً عند القيادة بسرعات عالية.

ما هي آلية العمل وما تداخلاتها؟

يعمل نظام ESP في الخلفية خلال القيادة الاعتيادية، ويراقب على نحوٍ مستمر جهة التوجيه (الجهة المراد التوجه إليها)عن طريق مستشعر  زاوية المقود؛ وتوضُّع المركبة الفعلي (تُحدَّد عن طريق مستشعر التسارع الآني ومستشعر زاوية الانحراف وسرعة دوران الإطارات الأربعة كلٍّ على حدة).

ويتدخل النظام فقط عند اكتشاف خساراتٍ مُحتملة بتحكم التوجيه (عندما لا تذهب المركبة للجهة التي يدخلها السائق عبر المقود)، ويحدثُ هذا عند مراوغة الانحراف يميناً ثم يساراً على نحوٍ مفاجئٍ وحادٍّ مثلاً (تفادي الاصطدام بشيء ظهر فجأة)٬ أو الانحراف الزائد أو المنقوص عند المنعطفات (خطأ في تقدير شدة الانعطاف)، أو الهبوط المفاجئ في احتكاك الإطارات مع الطريق نتيجة المرور فوق سائلٍ ما  (الانزلاق فوق ماء أو زيت مثلاً).

يُقدِّر النظام جهة الانزلاق ثم يعمل على تفعيل المكابح بصورةٍ غير متماثلة؛ كي يُشكِّل عزمَ دورانٍ معاكسٍ للانزلاق حول المحور العمودي على المركبة، ويعيد المركبة لتمتثل للجهة التي يريدها السائق. ويمكن للنظام أيضاً تخفيضُ قوة المحرك أو تعديل ناقل الحركة في علبة التروس (transmission) لإبطاء المركبة.

هذا النظام قادرٌ على العمل على جميع الأسطح من البلاط الجاف إلى البحيرات المتجمدة، إذ إنَّه يستجيب و يصحح الانزلاق بسرعةٍ وفعاليةٍ أكبر بكثير من الإنسان العادي، وفي الغالب قبل أن يدرك السائق حتى أيَّ خسارةٍ وشيكةٍ في التحكم.

 

في الواقع فقد أثار هذا الأمر بعض الشكوك٬ إذ إنَّ نظام ESP قد يدفع بعض السائقين إلى الثقة الزائدة بقيادتهم، ولهذا السبب ينبه النظام السائقين في حال تدخله حتى يُعلَم السائقُ أنَّ حدود التعامل مع المركبة تُعالَج (أغلب الأحيان عن طريق وميض ضوء في لوحة القيادة أو صوتٍ معيّن)، وقد يَسمح النظامُ للمسار المصحح للمركبة بالانحراف قليلاً عن أوامر السائق الموجّهة، حتى ولو كان التطابق الدقيق ممكناً.

يُمكن لنظام ESP التدخل في حالاتٍ غيرِ مرغوبةٍ أيضاً خلال القيادة عالية الأداء مثلاً، لأنه من الصعب عندها توقُّع إدخال الجهة المراد التوجه إليها دائماً مباشرةً (الانزلاق المقصود المتحكم به controlled Drifting)، ولذلك تشيرُ الشركات التي تصنع هذا النظام بأنه ليس نظاماً رافعاً للأداء، ولكنه تقنيةُ أمانٍ لمساعدة السائق على استعادة السيطرة في المواقف الخطرة، فهو لا يزيد من الاحتكاك بين الإطارات والأرض، لذلك لا يؤهل المركبة لانعطافٍ أسرع؛ إنما يعمل على الاحتكاك المتوفر بين الإطار والأرض لبناء تحكُّمٍ أعلى أثناء الانعطاف.

فهل سيُساعد هذا النظام على تخفيف حوادث السير حول العالم؟

المصدر:

هنا