الفيزياء والفلك > فيزياء

الجزء الأوّل : لماذا تتباطأُ الأجسام؟

اعتقدَ الكثيرون قبل نيوتن وجاليليو أنَّ للأجسام مَيلاً طبيعيّاً للتباطُؤ، لكنَّ هؤلاء لم يأخذوا بعينِ الحُسبان القِوى العديدة؛ مِثل الاحتكاك والجَاذبيَّة ومقاومةِ الهواء التي تُجبر الأجسام على تغيير سُرعاتِها.

إذا استطَعنا أن نُراقِب حركة جسمٍ في الفضاءِ بعيداً عن أيّ مؤثّرٍ خارجيٍّ فسنلاحظُ أنَّه سَيحافظُ على سُرعته ثابتةً حتّى تَغيّر قوّةٌ معيّنةٌ هذه السّرعة، وكذلك إذا كان الجسمُ في حالةِ سكونٍ فسيبقى ساكناً حتّى تحرّكه قوّةٌ أُخرى.

نَستطيعُ أَن نُلاحظ في هذا الفيديو أنَّ الأجسام في محطّة ِالفضاءِ الدّوليّة لا تُغيّر من حركتها إلّا عندما تؤثّر عليها قوّة خارجيّة .

الفكرةُ الرّئيسة لقانونِ نيوتن الأوّل هي أنّ الأجسام لا تغيُّر سُرعاتها إلا عندما تتعرّض لتأثيرِ قوّة مُعيّنة .

نصّ قانون نيوتن الأوّل :

يَبقى الجسمُ السّاكن سَاكناً، ويحافظُ الجسم المتحرك على سرعتهِ ثابتةً، حتّى تؤثّر عليهما قوّةٌ خارجيّة.

بإمكاننا النّظر إلى هذا القانون على أنّه يُحافظ على حالةِ الحركة؛ فهو يَقتضِي أنَّ تَغيير شِدّة السّرعة أو اتجاهها لا يُمكن أن يَحدث دونَ وجودِ مُسبّب، أي دونَ وجودِ قوة.

عندما ينزلقُ جسمٌ على سطح الطّاولة أو على الأرض فإنّه يتباطأ (يغيّر سرعته) نظراً لتأثير قوّةِ الاحتكاك ِالتي عليه، أمّا في الفضاء الخارجيّ حيثُ لا يوجد احتكاكٌ، فإنّه يستمرُّ بالتحرُّك بنفس السّرعة تقريباً حتّى تؤثّر عليه قوةٌ أخرى فيتوقّف، كما هو الحال إذا اصطدمَ الجسم بجسمٍ آخر.

ما الفرق بين القوّة والقوّة الخارجيّة ومحصّلة القوى؟

القوّة هي دفع جسمٍ معيّنٍ أو سحبه بواسطة جسمٍ آخر.

يُرمز للقوّة بالحرف F، أمّا واحدة قياس القوّة فهي النيوتن ويُرمز لها بالحرف N.

القوّة الخارجيّة هي قوّة تنشأ مِن خارجِ الجسم. فقوّة جاذبيّةِ الأرض التي تؤثّرُ على القمر هي قوّةٌ خارجيّة بالنّسبة للقمر، وهي ذاتها الّتي يؤثّر بِها لبُّ الأرض على طبقاتها السّطحيّة، فهي قوّة داخليّة بالنّسبة للأرض. القِوى الداخليّة لجسمٍ ما لا تغيّر حركته الكليّة.

مُحصّلة القوى المؤثّرة على جسم ما هي مجموع مُتّجهات القِوى المُطبّقة على هذا الجسم ويُرمز لها بالحرف اليوناني سيغما ΣF .

يجب ألّا ننسى أنَّ القوة تُمثَّل بمتّجه، ولذلكَ عندما نريد أن نَحسب مُحصّلة القِوى يجب أن نجمع القوى كما نجمع المتّجهات حيث نَجمع القِوى التي تؤثّر في نفس الاتّجاه ونطرح القِوى المتعاكسة بجهة التّأثير.

مثال :

إذا أثّرت قوّةٌ معينة بشدّة 45 نيوتن على صندوقٍ من جهة اليمين، وقوّة أُخرى بشدّة 30 نيوتن من اليسار فإن محصّلة القوى على الصّندوق - بافتراض أنّ جهة اليمين هي الجّهة الموجبة - ستساوي 15 N

ΣF​ ​​= 45 N − 30 N

ΣF​ ​​= 15 N

استخدمنا الطّرح في المِثال السّابق لأنَّ القوتين تؤثّران في اتّجاهين مُتعاكسين.

يقتضي قانون نيوتن الأوّل أنَّه إذا كانت محصّلة القوى على جسمٍ ما معدومة، فتسارع هذا الجسم سينعدم أيضاً، وهذا لا يعني بالضّرورة أنَّ الجسم سيتوقّف بل سيتحرك بسرعةٍ ثابتة. أمّا إذا كانت هذه السّرعة الثّابتة تساوي الصّفر فنقول إنَّ الجسم ساكِنٌ أو مُتوقّف.

في مِثالنا السّابق، إذا كان الصّندوق ثابتاً و كانت شدّة القوّة اليُمنى 45 نيوتن وشدّة القوّة اليُسرى 45 نيوتن أيضاً، فانَّ مُحصّلة القِوى ستساوي الصّفر وسَيبقى الجّسم ساكناً أو يُمكننا القول أنّه يَملك سرعةً ثابتة تُساوي الصّفر .

أمّا إذا كان الصّندوق يتحرّك بسرعة 1 متر في الدّقيقة وطبّقنا عليه نفس القوتين السابقتين فإنَّ هذه السّرعة ستبقى ثابتة ولن تتغيّر .

ماذا نعني بالكتلة؟

تُعرّف العطالة بأنّها مُقاومة الأجسام لتغييرِ حالتها الحركيّة. يُدعى قانون نيوتن الأوّل أحياناً قانونَ العطالة.

نَعرِف من الخبرةِ اليوميّة أنَّ بعضَ الأجسام تمتلكُ عطالةً أكبر من الأجسامِ الأخرى فمن البديهيّ أنَّ تحريكَ صخرةٍ كبيرة أصعبُ مِن تحريك كرةٍ صغيرة.

تُقاس عطالة الجسم بكتلته التي تزداد بزيادة كميّة المادة التي يحتويها وتُعبّرعن مدى صُعوبة تغيير سُرعة الجسم.

بعضُ الأمثلة على قانونِ نيوتن الأوّل:

مثال 1: مركبةُ الفضاء

تتحرّكُ مركبةٌ فضائية في الفضاءِ الخارجيّ بسرعةٍ ثابتة إلى اليمين بعيداً عن أيّ تأثيرٍ للكواكب أو النّجوم. إذا انطلقَ كلٌّ من محركيّها في نفس الوقت بقوّتين متساويتين من اليمين ومن اليسار، ماذا سيطرأ على حركة المركبة الفضائيّة ؟

1- ستُكمل المركبة الفضائيّة حَركتها بنفسِ السّرعة السّابقة .

2- ستزداد سرعة المركبة الفضائيّة.

3- ستتباطأ المركبة الفضائية تدريجيّاً حتّى تتوقف في النهاية.

4- ستتوقّف المركبة الفضائيّة فوراً.

الإجابة الصحيحة - تبعاً لقانون نيوتن الأوّل - هي الإجابة رقم 1؛ فحتّى تتغيّر سرعةُ الجسم يجب ألّا تنعدم محصّلة القِوى المُطبّقة عليه.

إن محصّلة القوى على المركبة الفضائية في مثالنا هذا معدومة لأن القوّتين متساويتين ومتعاكستين في الاتجاه فلا يطرأ أيّ تغيير على سرعةِ المركبة.

مثال 2: المِصعَد

يتحرّك مِصعدٌ للأعلى بسرعةٍ ثابتة كما هو موضّح في الصّورة، ما هي العلاقة بين القوّة التي ترفع المصعد للأعلى وقوة الجاذبيّة التي تؤثّر عليه للأسفل ؟

1- قوّة الرفع أكبر من قوّة الجاذبيّة.

2- قوّة الرفع تساوي قوة الجاذبيّة.

3- قوّة الرفع أصغر من قوة الجاذبيّة.

4- من الممكن أن تكون قوّة الرفع أكبر من قوّة الجاذبيّة أو أصغر منها حسب كتلة المصعد.

الاجابة الصحيحة هي الاجابة رقم 2.

عندما بدأ المِصعد بالحركة كانت قُوّة الرفع أكبرَ من قوّةِ الجاذبيّة، ولكن عندما أصبحت السّرعة ثابتة فهذا يعني أنّ محصلة القوى معدومة، ولتحقيق هذا يجب أن تتساوى القوّة التي تؤثّر للأعلى (قوّة الرفع) مع القوّة التي تؤثّر للأسفل (قوّة الجاذبيّة). أمّا إذا كانت قُوّةُ الرّفع أكبر من الجاذبية فستزداد سرعة المصعد بصورةٍ دائمة، وهذا يناقض نصّ المِثال.

مثال 3: مسارُ المركبة الفضائيّة

تتحرّك مركبة ٌ فضائيّةٌ إلى اليمين بسرعةٍ ثابتةٍ في الفضاء الخارجيّ بعيداً عن أيّ تأثيرٍ للكواكبِ أو النّجوم، إذا انطلقَ المُحرّك لفترةٍ قصيرة جداً في الاتّجاهِ المُشار إليه في الصّورة، ما هو المسار الذي ستتحرّك وفقه المركبة الفضائيّة بعد توقّف المحرك؟

1- المسار a

2- المسار b

3- المسار c

4 المسار d

الإجابة الصحيحة هي الاجابة رقم 3 .

عند انطلاقِ مُحرّك المركبة الفضائيّة ستؤثّر عليها مُحصّلة قوى غير معدومة، أمّا عندما ينطفئ المحرك بعد فترةٍ قصيرةٍ فستنعدم مُحصّلة القوى من جديد وستصبح السّرعة ثابتةً شدّةً وجهةً. تبعاً لقانون نيوتن الأوّل ستتحرّك مركبةُ الفضاء عند انطفاء المحرّك وفق خطٍّ مُستقيم (اتّجاه ثابت) و شدّةٍ ثابتة (سرعة ثابتة).

إنَّ وجودَ قوّة شاقوليّةٍ تؤثّر على المركبةِ الفضائيّة لا يُؤثّر على سرعتها الأفقيّة، فالقوّة الشّاقولية ستؤثّر فقط على السّرعةِ الشاقولية أمّاعندما تكون السّرعتانِ الأفقية والشّاقولية ثابتتان، فسيتحرّك الجسم وِفق خطٍّ مائل كما في المسار رقم 3 .

المصادر:

هنا