الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

المرارة بين الصحة والمرض.. ماذا يجب أن آكل؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

المرارة عضوٌ صغيرٌ مغزليّ الشكل، يتوضّع بين الكبدِ والأمعاء الدقيقة. وتتركّز وظيفةُ المرارة في جمعِ وتخزينِ العصارةِ الصفراوية المٌفرَزة من الكبد، وإضافتِها إلى الأغذيةِ الموجودةِ في الأمعاءِ الدقيقة، لتحطّم الروابطِ الدهنية هناك، وتساعد على هضمِها. ولكنّ اتّباع الأنظمةِ الغذائية غير الصحية يؤدي إلى تشكّل الحصى التي تسدّ المسار الواصل بينَ المرارةِ والأمعاءِ الدقيقة جاعلةً مرورَ الصفراء إليها صعباً، إن لم نقلْ مستحيلاً! وفي حال كانت تلك الحصيّات من النوعْ غيرِ القابلِ للإذابةِ بالأدوية، فإنّ المريض سيُضطّر إلى الخضوعِ لعمليةِ استئصالِ المرارة، ليتابع بعد ذلك مع حميةٍ منخفضةِ الدهون مدى الحياة.

ولكن لماذا تتشكّل الحصيات حقيقةْ وممّ تتكون؟

تتشكّل حصيات المرارةِ عندما تحتوي العصارةُ الصفراوية على نِسَبٍ عاليةٍ من الكوليسترول أو البيليروبين، أو عندما تكون فقيرة بالأملاحِ الصفراوية التي تعملُ على استحلاب الدهون وربطِها، وكثيراً ما تتكون الحصيّات من الكوليسترول المتصلّب.

ولحُسنِ الحظ، فإن الكبد يستطيعُ بمفردِهِ أن يقوم بعمليةِ الهضم طبيعياً حتى بعد استئصال المرارة، ولكنّ ذلك لا يعني عدم الالتزامِ بالحميات قليلةِ الدهون.

كيف لنا أن نتجنّب الإصابةِ بحصيّات المرارة؟

تحتلّ الحميةُ المتوازنةُ، والممارساتُ الصحيّةُ المرتبة الأولى في الإجراءات الوقائية التي يمكن أن نذكرها، فهي تضمن حصول الجسم على جميعِ احتياجاتِهِ دون إجهادِ المرارة، وفيما يلي بعض النصائح الغذائيةِ التي من شأنِها تخفيف الضغط عن المرارة ومساعدتُها على أداء وظيفِتها:

1) الحدُّ من تناولِ اللحوم الحمراء وخاصّةً ذاتِ المحتوى المرتفع من الدهون، والاعتمادُ على اللحم الأبيضِ مثل الدجاج والسّمك كمصدرٍ أساسيّ للبروتين، بالإضافة إلى مصادرِ البروتين النباتية كالبقوليات، فضلاً عن زيادةِ المدخول من الخضار والفاكهة وتناولِها بانتظام.

2) تناولُ كمياتٍ جيدة من الأليافِ بنوعيها الذوابةِ وغيرِ الذوابة، فهي تساعد على الشعور بالشبع لفترةِ أطول، وتؤمّن المغذّياتِ الضروريةِ للجراثيمِ النافعةِ الموجودةِ في الأمعاء، وتسهّل مرور الفضلاتِ في الجهاز الهضمي ممّا يساعد في إزالةِ السموم من الجسم.

3) الاعتمادُ على الزيوت النباتية (الدهون الصحية)، وخاصّةً تلك التي تحتوي على دهونٍ متعددةِ عدمِ التشبّع (كالأوميغا-3) والتي اكتُشِفَ أنها تحافظُ على صحةِ المرارة، توجدُ هذه الدهون الصحيةُ أساساً في أسماكِ المياه البادرة، والمكسراتِ، وزيت السمك، وبذر الكتان.

4) الاستهلاكُ المعتدلُ للقهوة أو الكحول. فعلى غرابةِ هذه النصيحة، إلّا أن الأبحاث أشارت إلى أن الكمياتِ المعتدلةَ منهما تساعدُ على حمايةِ المرارة من الأضرار وتشكّل الحصى، ويعينُها على تأديةِ وظيفتِها على نحوٍ صحيح.

5) يُعدّ الكالسيوم من العناصرِ الصديقةِ للمرارة، ويمكن أن يوجد الكالسيوم في طيفٍ واسعٍ من الأطعمةِ، أكثرُها شيوعاً هو الحليب ومشتقاتُهُ، ولكنّ هذه المجموعةَ من الأغذية غالباً ما تكون غنيةً بالدهون، وكذلك يمتنع بعضُ الأشخاص عن تناولِ منتجاتِ الألبان لأسبابٍ صحيّةٍ، لذلك فيمكنكم الاختيارُ من مجموعةٍ من الأغذية البديلة للحليب والغنيةِ بالكالسيوم، والتي تطرّقنا لعددٍ منها في مقالنا السابق هنا.

6) اكتُشِفَ أيضاً أن المستوياتِ المرتفعةَ من الفيتامين C ترتبط بمعدّلاتٍ منخفضةٍ للإصابةِ بمشاكلِ المرارة، مع التأكيد على أن الحصول عليه من مصادرِهِ الغذائية (كالحمضيات والفليفلة) يُحقّقُ فائدةً أكبرَ من المكمّلات الغذائية.

7) يُنصَح بالتقليل من منتجاتِ الحبوبِ المكرّرة والاعتمادِ على الأصنافِ الكاملة كالشوفان وخبز النخالة. كما ينطبقُ ذلك على الأطعمةِ المقليّة والمُصنّعة، والتي يُنصحُ باستبدالِها بالدهون متوسطةِ طولِ السلسلة والتي توجد في بعضِ المصادرِ النباتيةِ كجوز الهند.

8) تجنَّب زيادةَ الوزن الشديدة، والحرصُ على ممارسةِ الرياضة بانتظام، إذ تٌعتَبر السُّمنة إحدى عواملِ الخطورة للإصابة بمشاكل المرارة. ولا بدّ هنا من التأكيد على ضرورةِ تجنّبِ الحمياتِ القاسية نظراً لما تتطلّبهُ من جهدٍ مضاعفٍ من قِبلِ الكبد والمرارة، الأمرُ الذي يزيدُ فرصَ الإصابةِ بالحصيّات.

9) تجنّب التدخين، فهو يؤثر سلباً على وظيفة المرارة، ويزيد احتمالَ التعرُّض للسّرطان.

أمّا في حال استئصال المرارة، فلا بدّ من منحِ الجسمِ بعض الوقتِ للتأقلم مع الوضع الجديد، ويُنصحُ هنا بما يلي:

1) استبعادُ الأغذيةِ الصلبة والاعتمادُ كلياً على السوائلِ في اليومين الأوّلَين بعدَ العملِ الجراحي.

2) يعاني بعضُ المرضى من إسهالٍ دهنيّ رغوي، وغيرِها من الاضطرابات الهضمية الأخرى بمجرّدِ تناولِ أغذيةٍ دهنية بعدَ العمل الجراحي، وذلك بسببِ عدمِ قُدرةِ الجسم على هضمِ كامل الدهون، ويجب على المريضِ مراجعةُ الطبيب في هذهِ الحالة.

3) يُنصحُ المريضُ بتناولِ السوائل والأغذية سهلةِ الهضم والمحضّرة منزلياً مثل حساءِ الدجاج أو الخضار، وعصائرِ الخضار الطازجة، والوجباتِ الغنيةِ بالألياف، وقليلةِ المحتوى من الدهون والكوليسترول.

يلجأ بعض المرضى لتقنيةٍ تُعرفُ بتطهير أو غسلِ المرارة، وذلك ظنّاً منهم بأن ذلكَ يساعدُ على طردِ الحصيّات منها، ويرفع كفاءَتها محسّناً بذاتِ الوقت من عمليةِ الهضم. ويتمّ ذلك باتّباع المريضِ لحميةٍ قاسية معتمداً على عصيرِ التفاحِ لمدةِ أسبوعين، متبوعاً بتناولِ عصيرِ الحمضيات مع زيتِ الزيتون بالإضافة إلى أملاح. وقد اختلفَت الآراءُ حولَ فعالية هذا الإجراء مع ميلٍ واضحٍ لكونِها مجرّدَ خدعة، إذ يبدو أن الحصيّاتِ التي يطرحُها الجسمُ مع البراز ما هي إلّا مزيجُ عصيرِ الحمضيات مع الزيت!

أخيراً، لا بدّ من التنويه إلى اختلافِ أعراضِ الإصابةِ بحصى المرارة من شخصٍ لآخر، وتشملُ الغثيانَ، والألمَ، وشحوبَ الجلد، والتهابَ البنكرياسِ أو المرارة، والتي تستدعي مراجعةَ الطبيب على الفور.

المصدر:

هنا