الطب > مقالات طبية

فيروس انفلونزا الخنازير H1N1 يظهر من جديد !

سُمّي الفيروس بهذا الاسم بسبب انتقال المرض في بداية ظهوره من الخنازير إلى المزارعين الذي يبقون في تماسّ مباشر معهم. وقد سَبّب المرضُ في بدايات القرن العشرين جائحةً كبيرةً (وباء) عُرفت باسم "الإنفلونزا الأسبانية" حيث أصيب حوالي 500 مليون شخص في العالم تُوفّي منهم 50 مليون ولم يكن يُعرف العاملُ الممرضُ بدقّة في ذلك الحين. وقد عاد الفيروس في عام 2009 وأصاب حوالي 600 ألف شخص تُوفّي منهم حوالي 18 ألف.

ينتقل الفيروس كما تنتقل فيروسات الإنفلونزا الأخرى بالطّريق التّنفسي، عن طريق ملامسة أشخاص مصابين أو مفرزاتهم والتّواصل معهم عن قرب. وقد ينتقل بالتّماس مع خنازير مصابين أيضًا بالطّريق التّنفّسي، حيث أنّ أكل مشتقّات لحم الخنزير لا يؤدي إلى العدوى بالفيروس.

أعراض المرض هي تقريبًا نفس أعراض الأنفلونزا الموسميّة، كالحُمّى والسّعال والسَّيَلان الأنفي والصّداع والتّعب العام والتهاب البلعوم. وسَبَبُ الوفاة في سياق الإصابة بالفيروس هو بشكل أساسيّ تفاقمُ الإصابة واختلاطها بذات الرئة pneumonia (وهو إصابةُ النسيج الرئوي وتليّفُه وغالبًا بسبب عدوى جرثوميّة أو غيرها) أو اختلاط الإصابة بمتلازمة الشدّة التّنفسية الحادّة (ARDS)*.

تكون الإصابة أخطر عند الأطفال تحت عمر 5 سنوات وعند المسنّين، كما أن البالغين الذين لديهم أمراضٌ مزمنةٌ كالقصور الكلوي أو الدّاء السّكّري وأمراض أخرى (أمراض تساهم في إنقاص مناعة الجسم) يكونون عرضة لإصابات أشدّ وأخطر بالفيروس قد تؤدّي إلى الوفاة.

وأيضًا مرضى الرّبو والدّاء الرّئوي الانسدادي المزمن COPD (إصابة في الجهاز التنفسي غالبًا نتيجة التّدخين المزمن، وبوجود العدوى بالفيروس تتفاقم هذه الإصابة). والإصابة عند الحوامل قد تكون خطرة وشديدة. ومرضى الإيدز، والمرضى الذين يتعاطون مُثَبّطات المناعة لفترة طويلة هم عرضة لإصابة شديدة. ومرضى فقر الدّم المِنْجَلِيّ والتّصلّب اللّوَيْحي.

وأيضًا العاملين في مجال الرّعاية الصّحيّة الذين هم في تماسّ مع المرضى يحملون خطر العدوى من هؤلاء المرضى. ويمكن أن يُصاب بالمرض أيُّ فئة عمريّة، وتترواح الإصابة في شدّتها فقد تكون طفيفة أو شديدة تؤدي إلى الاختلاطات المذكورة حتّى عند الشّباب.

تشمل الوقاية من إنفلونزا الخنازير نَفْس أساليب الوقاية المُتَّبَعَة في الإنفلونزا العاديّة، كغسل اليدين جيّدًا ومطوّلًا وعدم لمس العينين والأنف والفم والمحافظة على النّظافة العامّة وعدم استخدام أدوات الأشخاص الآخرين ممّن هم في خطر الإصابة بالإضافة إلى الابتعاد عن المصابين بالمرض. أيضًا يُفيد أخذُ لقاح الإنفلونزا الموسميّة في الوقاية من المرض في الأماكن التي تحدث فيها جائحات (أماكن انتشار) للمرض.

لا يمكن تشخيص الإصابة بالمرض اعتمادًا على الأعراض السّريريّة بسبب تشابه الأعراض مع أعراض الإنفلونزا الموسميّة، وإنما يتم التأكيد اعتمادًا على الفحوص المخبريّة التي تكشف الإصابة. عند الإصابة بأعراض الإنفلونزا المذكورة سابقًا عند المرضى مرتفعي الخطورة يجب فورًا طلب الرعاية الصحيّة والذّهاب إلى المستشفى.

وعند حدوث أيّ من الأعراض التالية عند الأشخاص السّليمين (لايعانون من أمراض ولاتوجد عندهم عوامل خطورة) يجب طلب الرّعاية الصحيّة وهي عند الأطفال والرّضع: الزّلّة التّنفسيّة (ضيق التنفس)، الزُّرْقة (نقص الأكسجة)، رفض شرب السّوائل، عدم الاستيقاظ من النّوم، النَّزَق وسرعة الاستثارة، ورفض الرُّضَّع أن يتم حملهم من قِبَل الآخرين، والحُمَّى مع ظهور طَفْح. أما عند البالغين، فالأعراض هي: صعوبة التّنفس والألم الصَّدري أو البَطني، الدُّوار وتَغَيُّم الوعي والإقياء. يجب دائمًا عند الشّك بالإصابة الابتعاد عن الآخرين وعدم الاحتكاك بهم، واستعمال مناديل خاصّة أثناء السُّعال خوفًا من نقل المرض. ولا ضرورة أبدًا من استعمال أيّ أدوية أو صادّات حيويّة.

يجب عدم التّأخّر في طلب الرّعاية الصّحيّة أبدًا خاصّة في حالات الخطورة، وتتم السّيطرة على المرض بشكل جيّد في حال الوصول إلى المستشفى وتلقّي الرّعاية المطلوبة. وتبقى كثير من حالات الإصابة خفيفة الدّرجة ويمكن تدبيرها في المنزل بنفس طريقة تدبير الإنفلونزا العاديّة. وقد تم تطوير لقاح لهذا المرض، منتج من أجزاء الفيروس المقتول، وهو يعطى في بعض الدول للأشخاص مرتفعي الخطورة للإصابة. ويتم تدبير الحالة في المشفى بدعم المريض بالتهوية الآليّة لمساعدته على التنفس وأيضًا للوقاية من الاختلاطات التي قد تحدث، ومن الممكن إعطاء بعض المضادّات الفيروسيّة بحذر مثل (zanamivir (Relenza و (oseltamivir (Tamiflu.

*ARDS: Acute respiratory distress syndrome إصابة حادّة (التهابيّة) في الحاجز السّنخي (الرّئوي) الشّعري (الحاجز الذي يتمّ فيه تبادل الغاز بين الأسناخ الرئويّة والدّم).

المصادر:

هنا

هنا