الطب > مقالات طبية

ابيضاضُ الدّمِ النّقويّ المزمن

هو عبارةٌ عن مرضٍ بطيء التّطورِ ومُزمِن، يتمثلُ ببناء نقي العظام لعددٍ كبيرٍ (غير طبيعي) من كريات الدّم البيضاء، والتي تَحدُثُ عادةً عند البشر بعمرِ الكهولة (45-60) ونادراً ما تَحدثُ عند الأطفال.

يقومُ بالحالة الطّبيعية نقي العظم ِببناءِ خلايا دمٍ جذعيّةٍ (غير متمايزة) والتي تتمايزُ مع مضي الوقت إما إلى خلايا جذعيّة نقويّة أو إلى خلايا جذعية لمفية إذ تتمايزُ هذه الأخيرة إلى كريات الدّم البيضاء اللمفاويّة. أمّا الخلايا الجذعيّة النقويّة فتتمايزُ إلى واحدةٍ من ثلاثةِ أنواعٍ للخلايا:

1-خلايا الدم الحمراء: والمسؤولةُ عن حملِ ونقلِ الأوكسجين وموادَّ أخرى إلى كافةِ أنسجةِ الجسمِ المختلفة.

2-الصفيحات الدّمويّة: والمسؤولةُ عن عمليةِ تخثّرِ الدّم.

3-الخلايا المحببة: وهي نوعٌ من خلايا الدّم البيضاء المسؤولة عن محاربةِ الالتهاباتِ والأمراض، كما قد تكون متداخلة مع الآليات التحسسية والأمراض الطفيلية.

وفي هذه الحالةِ المرضيةِ تتمايز الكثيرُ من الخلايا الجذعيّة في الدّم إلى خلايا الدّم البيضاء المسماة بالمحببة والتي تنشأ بشكلٍ غير طبيعي، ولا تُعدّ خلايا دمٍ بيضاء صحيّة، حيث يمكنُ لهذه الخلايا أنّ تتراكمَ في نقي العظام بحيث لا تتركُ مساحةً كافيةً لخلايا الدّم البيضاء السليمة وخلايا الدّم الحمراء والصفائح الدّمويّة، وفي هذه الحالة يصبحُ من السّهلِ أن يصابَ الإنسانُ بإنتان ما أو يصاب بفقر الدّم أو يصبحَ من السّهل حدوثُ نزيف.

وتتمثلُ أعراضُ هذا المرضِ بالشّعورِ الشّديدِ بالتّعب وفقدانِ الوزنِ بدون سببٍ معروف، وتعرّقٍ ليليّ وحُمى والشعورِ بالألمِ أو الامتلاءِ أسفلَ الأضلاع من الجهة اليسرى نتيجةَ ضخامةِ الطحال، فضلاً عن ذلك قد لا تطرأ في بعض الأحيان أيّ أعراضٍ على الرغم من الإصابة بالمرض.

والجدير بالذكر أنّ معظمَ المصابين بهذا المرض يحملون طفرةً وراثيةً تُدعى بصبغي فيلاديلفيا، إذ إّن كلَّ خليةٍ في الجسم تحتوي على الحمض النووي (المادة الوراثية) التي تحدّدُ كيف تبدو الخلية وكيف تتصرف. والحمضُ النوويّ يحوي على سلسلةٍ من الصبغيات في داخله، وفي هذا المرض ينتقلُ جزءٌ من الحمض النوويّ من صبغي إلى صبغي آخر، وهذا الانتقال أو التّغيير في بنية الصّبغي ينتجُ عنه فعاليةٌ شاذّةٌ لإنزيم تايروزين كاينيز في نقي العظام، والذي يسببُ الظواهرَ السابقةَ في خلايا الدّم البيضاء (المحببة) وهذه الطفرة لا تنتقل إلى الأولاد من ذويهم.

ومن بعض أهم طرقِ الكشفِ عنه:

1-عدّ مكونات الدّم: وتتضمنُ هذه العمليةُ التحققَ من عدد كلّ من كريات الدّم الحمراء والبيضاء بأنواعها المختلفة ونسبة خضاب الدّم .

2-أخذ رشافة من نقي العظم: ويتمّ فيها أخذُ عينةٍ من نقي العظم، أي قطرات من الدّم النقوي، عن طريقِ إدخالِ إبرةٍ في عظمٍ من منطقة الورك أو القص، ويبحثُ الطبيبُ تحتَ المجهرِ عن خلايا غير طبيعية.

3-التهجين الموضعي المتألق: وهي تقنيةٌ مخبريّةٌ مستخدمةٌ لمراقبةِ الجينات والصبغيات في الخلايا والأنسجة، إذ يتمّ بالمخبرِ تحضيرُ أجزاءٍ من الحمض النووي الحاوي على صبغةٍ فلورية، والتي تضيء إثرَ ارتباطِها بجينٍ معين أو مناطق معينة من الصبغي بعد إضافتها للخلايا والأنسجة المراد فحصها.

ومن بعض أهم طرق علاج هذا النوع:

1-الأدوية التي تستهدفُ بدورها الخلايا السّرطانية من دون إيذاءِ الخلايا السليمة قدر الإمكان، وذلك باستهدافِ فعاليةِ الأنزيم سابق الذكر ومن أهمها مثبطات التيروزين كيناز بأجيالها المختلفة.

2-العلاج الحيويّ عن طريق تسريع أو ترميم الجهاز المناعي في الجسم ليصبح بمقدوره محاربةُ الخلايا السّرطانية بشكلٍ طبيعي.

3- جرعاتٌ من الخلايا اللمفية الممنوحة من متبرعٍ بحيث يأخذ عينات من الخلايا اللمفية من المتبرع، ويتمّ تجميدها وتخزينها لاستخدامها في وقتٍ لاحقٍ وحقنِها بالمريض بجرعة أو على عدة جرعات، إذ تعتبر هذه الخلايا اللمفية الخلايا السّرطانية بأنّها خلايا لا تنتمي للجسم (غريبة) وتقوم بمهاجمتها.

يبقى لنا أن نؤكدَ على أهميةِ مراجعةِ الطبيبِ عند أدنى شك، فهو قادرٌ على تقييمِ حالتك ووصف ما يلائم للتشخيص والعلاج، ويبقى للمريض الالتزام بالتعليمات الطّبيّة منا قد يزيدُ فعاليةَ العلاج وأمانه.

المصدر: هنا