الغذاء والتغذية > منوعات غذائية

بولُ رجالِ الفضاء غذاءً للرحلات الطويلة.. آخر صيحاتِ التغذية!

بالاعتماد على الهندسة الحيوية، عمل فريقٌ من المهندسين الكيميائيين في جامعة كليمسون Clemson university على تعديل خلايا نوعٍ من الخميرة يُعرف باسم Yarrowia lipolytica والذي يعدّ من الأجناس القريبة لخميرة الخباز المستخدمة في صناعة المعجّنات؛ إذ نُقلت بعض المورثات المسؤولة عن اصطناعِ هذه الأحماض من الطحالب Algae والعوالق النباتية البحرية Phytoplankton إلى خلايا الخميرة، فأصبحت بدورِها قادرةً على إنتاج بعضٍ من أنواعِ الأوميغا-3 الأكثرِ أهميةً لجسم الإنسان وصحتِه. ويمكنكم التعرّف على مصادرِ هذه الأحماض وفوائدها في مقالنا السابق هنا.

تحدث حالياً محاولةُ التلاعبِ بالخلايا نحو إنتاجِ كمياتٍ أكبرَ من هذه الأحماض، والتي تعدّ شديدةَ الأهميةِ للصحة والتغذية وسلامة الدماغ والعيون والقلب وغيره من الأعضاء، علماً أن هذا النوع من الأحماض يكثرُ خاصةً في الأسماك، كالسلمون.

أين يأتي إذاً دور استخدامِ البول في هذه العملية؟

تتغذى خلايا الخميرة في الحالة الاعتيادية على النتروجين والكربون واللذان يتوافران بكثرةٍ على الأرض، ولكنّهما عنصران تصعب مصادفتهما في المكّوك الفضائيّ! وعند التساؤل عن طريقة تأمين هذه العناصر داخل المكوك الفضائي كانت الإجابة.. فضلات رجال الفضاء! وخاصّةً البولُ وثنائي أوكسيد الكربون المطروحُ مع هواء الزفير، فقد تبيّن للباحثين أن اليوريا الموجودةَ في البول كانت أفضل من المصادر النتروجينية التي استخدموها سابقاً، كأملاح الأمونيوم على سبيل المثال.

من جهةٍ أخرى، كان تأمين المصدر الكربونيّ أكثرَ صعوبةً من السابق، ذلك أنّ الخميرةَ ليست قادرةً على استخلاص الكربون من مركب ثنائي أوكسيد الكربون، وهو ما يعمل عليه الباحثون حالياً باستخدام الجراثيم الزرقاء Cyanobacteria، والتي تُسخّرُ التركيب الضوئي لتحويل ثنائي أوكسيد الكربون إلى سكرياتٍ غنيّةٍ بالكربون.

ويأتي هذا المشروعُ بتمويلٍ بدأ في العام 2015 من قِبل NASA لدعم الأبحاث التي يجريها Mark Blenner في جامعة كليمسون عن هذا النوع من الخميرة. وعلى الرّغم من أن هذا البحث ما زال في مراحلِهِ المبكرة، ولكنّه يعطي وعوداً مستقبليةً بإمكانيةِ إعادةِ تدوير فضلات الإنسان للاستفادة منها في البعثات الفضائية الممتدة على عدّةِ سنوات. يبقى أمام الباحثين تحدٍّ آخرُ عن سلوك خلايا الخميرة في الظروف منخفضة الجاذبية، والإشعاعات الشديدة التي تسود الفضاء.

وأخيراً، يطمح الباحثون إلى توسِعةِ هذا العمل ليشمل مركباتٍ أخرى غير الأوميغا-3، كالفيتامينات والأدوية التي قد يحتاجُها رجال الفضاء في الرحلات، والتي عادةً ما تكون سريعة التدهور والتفكك ولا يمكن تخزينها سنواتٍ طويلةٍ.

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا

3 - هنا