الفيزياء والفلك > علم الفلك

العلماء يراقبون أول مراحل التصادم المرتقب خلال الربيع بين الغيمة الغازية G2 والثقب الأسود في مركز مجرتنا

زودت عمليات الرصد الحديثة بواسطة تلسكوب swift العلماء بلمحة فريدة عن النشاطات الجارية عند مركز مجرتنا وقادتهم لاكتشاف قد يساعدهم على اختبار تنبؤات النظرية النسبية العامة. فعملية المراقبة من قبل مركبة swift لمركز درب التبانة والممتدة لسبع سنوات ضاعفت من عدد الصور المتوافرة لدى العلماء لانبعاثات الأشعة السينية الساطعة الناجمة عن الثقب الأسود فائق الضخامة في مركز المجرة والمسمى sgr A* والواقع في كوكبة القوس على بعد 26 ألف سنة ضوئية وتبلغ كتلته على الأقل 4 مليون مرة كتلة الشمس.

وعلى الرغم من ضخامته المعتبرة إلا انه ليس قريباً من التألق الذي يجب أن يكون عليه فيما لو كان أكثر نشاطا وتضيف ناثالي ديجينار العضوة في فريق swift والفلكية في جامعة ميتشغان بأنه أكثر خفوتا بمليار مرة من التوقعات. وبرغم سكونه الحالي إلا أنه كان نشطاً تماماً في الماضي ولا يزال يشع كميات محدودة من الأشعة السينية حتى اليوم .

ولإدراك أوسع لسلوك الثقب الأسود قام فريق swift برصد ومراقبة منتظمة لمركز درب التبانة منذ شباط عام 2006 وكل بضعة أيام يتجه تلسكوب swiftللأشعة السينية نحو المنطقة الأعمق في المجرة ويأخذ لقطة مدتها 17 دقيقة. وحتى اليوم قام ذلك التلسكوب بالتقاط ست توهجات براقة كانت فيها انبعاثات الأشعة سينية من الثقب الأسود ساطعة أكثر بـ 150 مرة لمدة ساعتين من الزمن، وتلك المؤشرات الجديدة سمحت للباحثين في تخمين أن توهجات مشابهة تحدث كل 5 إلى 10 أيام، وسيبحث العلماء في الاختلافات الحاصلة في تلك التوهجات لتفسير وتحليل طبيعتها الفيزيائية.

وتوقع فريق عمل swift بأن يكون عام 2014 عاماً مميزاً إذ أن سحابة غازية تدعى G2 كانت قد اكتشفت من قبل فلكيين ألمان عام 2011 تعادل كتلتها 3 أضعاف كتلة الأرض ستقترب من الثقب الأسود sgr A* في الربع الثاني من السنة الحالية وقد بدأت تتأثر بحقل الجاذبية القوي للثقب الأسود مما سيؤدي لارتفاع حرارتها لدرجة معينة تكون عندها قادرة على إصدار الأشعة السينية.

وفي حالة وصول قسم من تلك السحابة الغازية إلى الثقب sgr A* فسيشهد الفلكيون زيادةً ملحوظةً في نشاط الثقب الأسود. سيمتد الحدث لعدة سنوات أخرى مما يعطي العلماء فرصة متقدمة لدراسة تلك الظاهرة. يعد رصد اقتراب سحابة G2مثل بهذا الشكل من الثقب الأسود أمراً نادراً سيعطي العلماء أيضا فرصة فريدة لرؤية الآلية التي تتغذى بها الثقوب السوداء فائقة الضخامة على الأجسام الأخرى. والثقوب السوداء نفسها غير مرئية ولا تسمح للضوء بأن يهرب منها بحسب الفرضيات الحالية إلا أن المواد المنجذبة نحوها تصدر أشعةً سينية.

وفي حين يتوقع الفلكيون تغير سطوع الأشعة السينية الصادرة فهم لا يعرفون تماما شدة تغيرها وذلك لأنهم ليسوا متأكدين بالضبط من طبيعة السحابة G2 فلو كانت بأكملها من الغاز فإن منطقة الغيمة ستتوهج بالأشعة السينية لسنوات قادمة عندما يبتلعها الثقب الأسود ببطء. لكن هناك احتمالية أخرى بان تكون السحابة تخفي ضمنها نجماً قديماً وفي تلك الحالة فان العرض سيكون اقل إثارةً حيث سيمتص الثقب *sgr A السحابة بسرعة بينما النجم المتواري سيفلت نظراً لأنه كثيف بما يكفي للهرب من قبضة الجاذبية.

وكان العلماء قد التقطوا ما ظنوه إشارة بدء التصادم في شهر نيسان الماضي وذلك عندماالتقط تلسكوب swift انفجاراً عالي الطاقة وارتفاعاً مثيراً في سطوع الأشعة السينية من منطقة الثقب sgr A* . وكانوا متحمسين عندما وجدوا أن هذا النشاط أتى من مصدر منفصل قريب جدا من الثقب الأسود، ذلك المصدر هو نوع من النجوم النيوترونية النادرة تطعىماغنيتار. أي أن حقله المغناطيسي أقوى بآلاف المرات من متوسط الحقل المغناطيسي لنجم نيوتروني عادي.وقد سمي هذا الماغنيتار SGR J1745-29. وبما أن ذلك النجم يصدر انبعاثات من الأشعة السينية ونبضات راديوية منتظمة جداً كالساعة فإن الفلكيين سوف يبحثون عن التغيرات الدقيقة في توقيت النبضات والتي قد يسببها حقل جاذبية الثقب الأسود بحسب تنبؤات النظرية النسبية العامة. مما يعطي فرصة أيضا للتحقق أكثر من نتائج النظرية.

وفي حال قيام الثقب sgr A* باستهلاك جزء من السحابة G2 فان العلماء سيستطيعون معرفة الكيفية التي تنموا بها الثقوب السوداء والتي تعد مفتاح دورة حياة المجرات. وتضيف الباحثة ديجينار أن الثقوب تبتلع من المادة المتواجدة في محيطها وتقذف مواداً أخرى خارجاً. والطريقة التي تفعل بها ذلك تؤثر في تطور المجرة بشكل كلي فهي تؤثر على كيفية تشكل النجوم ونمو المجرة و طبيعة تفاعلها مع المجرات الأخرى وبصورة أوسع فان تطور المجرات مهم لتطور الكون بأكمله ويعطي فكرة عن نشوء الكون وتحولاته.

يذكر للتنويه أن هذا الحدت قد حصل قبل 26 ألف سنة فعلا ولكن المسافة الشاسعة التي تفصلنا عن الثقب الأسود تجعلنا نراه الآن فقط.

فيديو:

المصدر:

هنا

هنا

حقوق الصورة: NASA/Swift/N. Degenaar (Univ. of Michigan)