الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

فنُّ الدّفاع عن النّفس، لا يقتصر على البشر!!

استمع على ساوندكلاود 🎧

أشارت دراسات سابقة إلى أنّ نمو النّباتات يمكن أن يتأثّر بالصّوت، وأنّ النّباتات تستجيب للرّياح واللّمس، وقد توصّل باحثون في جامعة ميسوري مؤخّراً، من خلال دراسةٍ جمعت بين التّحليل الصّوتيّ والكيميائيّ، إلى أنّ النباتات تستجيب للأصوات والاهتزازات الّتي تصدرها اليرقات عند التهام النّباتات وتردّ على ذلك بزيادة الدّفاعات.

حيث درست الأبحاث السّابقة كيفيّة استجابة النّباتات للطّاقة الصوتيّة، بما في ذلك الموسيقى، لكنّ هذا البحث هو الأوّل من نوعه من حيث معرفة كيفيّة استجابة النّباتات للاهتزازات الموجودة في بيئتها. فقد وجد الباحثون أنّ الاهتزازات النّاتجة عن تغذية يرقات الحشرات على أوراق النّبات تسبّب تغيّرات في استقلاب الخلايا النّباتية، ممّا يؤدّي لإنتاج المزيد من المواد الكيميائيّة الدّفاعيّة الّتي يمكن أن تصدّ هجمات اليرقات.

وُضعَت اليرقات في هذه الدّراسة، على نبات رشاد أذن الفأر (أرابيدوبسيس Arabidopsis)، وهو نبات زهريّ صغير شبيه بالملفوف والخردل، وباستخدام ميكروفون ليزريّ خاصّ وقطعة صغيرة من مادّة عاكسة مثبّتة على ورقة النّبات، تمكّن الباحثون من تسجيل الاهتزازات والأصوات الّتي تصدر عند مضغ اليرقات لورقة النّبات.

ثمّ قام الباحثون بتشغيل تسجيلات الاهتزازات النّاتجة عن مضغ اليرقات لمجموعة من أوراق النّباتات، وتسجيلات خالية من الأصوات لمجموعة أخرى من النّباتات للمقارنة، وعندما تغذّت اليرقات في وقت لاحق على كلتا المجموعتين من النّباتات، وجد الباحثون أن النّباتات الّتي تعرّضت في السّابق لاهتزازات التّغذية من قبل اليرقات أنتجت المزيد من زيوت الخردل، وهي مادّة كيميائيّة منفّرة للكثير من هذه اليرقات.

ما هو ملفت للنّظر هو أنّ النّباتات المعرّضة لأنواع أخرى من الاهتزازات، بما فيها تلك النّاتجة عن الرّياح الخفيفة أو أصوات الحشرات المختلفة والّتي تتشارك بعض الخصائص الصّوتيّة مع اهتزازات تغذية اليرقات، لم تزد من دفاعاتها الكيميائيّة، وهذا يدلّ على أنّ النباتات قادرة على تمييز الاهتزازات النّاتجة عن تغذية اليرقات عن مصادر الاهتزازات الشّائعة الأخرى في البيئة.

ويقول الباحثون أن الأبحاث المستقبليّة ستركّز على كيفيّة استشعار الاهتزازات من قبل النّباتات، وما هي الخصائص المهمّة لإشارات الذّبذبات المعقّدة، وكيف تتفاعل الاهتزازات الميكانيكيّة مع أشكال أخرى من معلومات النّبات لتوليد استجابات وقائيّة تجاه الآفات، حيث تمتلك النّباتات العديد من الطّرق للكشف عن هجوم الحشرات، ولكنّ اهتزازات التّغذية هي على الأرجح أسرع وسيلة للأجزاء البعيدة من النّبات لإدراك الهجوم والبدء في زيادة دفاعاتها.

وغالباً ما يكون ردّ فعل اليرقات تجاه هذا الدّفاع الكيميائيّ هو الزّحف هرباً، ولذلك فقد يكون استخدام الاهتزازات لتعزيز دفاعات النّباتات مفيداً في الزّراعة، ويفتح هذا البحث أيضاً النّافذة على سلوك النّبات بشكل أوسع، حيث يظهر أن النّباتات لديها العديد من الرّدود على المؤثّرات الخارجيّة مشابهة لتلك الّتي تمتلكها الحيوانات، على الرّغم من اختلاف هذه الرّدود عن بعضها.

المصادر:

هنا