الهندسة والآليات > التكنولوجيا

قفاز الكتروني يحوّل لغة الإشارة إلى نصوص مكتوبة

استمع على ساوندكلاود 🎧

إنّّ الطُّرقَ الحاليّةَ المُستخدَمَةَ لتتبُّعِ حركةِ الجسمِ البشريِّ تعتمدُ إمّا على الكاميراتِ الّتي تتطلَّبُ مقدارًا كبيرًا من الطّاقة أو على الأنظمة البصريّةِ الّتي تتضمَّنُ بواعثَ ومستقبلاتٍ للأشعّةِ تحت الحمراء، ولكنَّها ذاتُ تكلفةٍ عاليةٍ كما أنّها جامدة، ولا تتواءَمُ مع التّطبيقاتِ الّتي تتطلَّبُ الكثيرَ من الحركةِ.

للتّغلُّبِ على القيودِ السّابقةِ، قامَ باحثونَ في جامعةِ كاليفورنيا بابتكارِ قُفّازٍ رياضيٍّ إلكترونيٍّ بإمكانه تتبُّعَ حركةِ اليدّ الّتي ترتديه وترجمةَ إيماءاتِها وتحويلها إلى نصوصٍ مكتوبةٍ، ولربّما ستشكّلُ مثلُ هذه القفّازاتِ جزءًا أساسيًّا من الواجهاتِ الّتي ستربطُ بين الإنسانِ والآلة.

جُهّزَ القفّازُ "The Language of Glove" بمجموعةٍ من المستشعراتِ القابلةِ للارتداءِ، والّتي بإمكانِها ترجمةُ لغةِ الإشارةِ الأمريكيّةِ "American Sign Language" (ASL) وتحويلِها إلى نصٍّ مكتوبٍ ليتمَّ إرسالُه لاسلكيًّا وعرضُه على شاشاتِ أجهزةٍ إلكترونيّةٍ.

بالإضافةِ إلى فكِّ رموزِ إشاراتِ وإيماءاتِ يدِ الإنسانِ، يمكن للقفّازاتِ أيضًا أن تُستخدَمَ في مجالاتٍ عدّة، اِبتداءً من تطبيقاتِ الواقعِ الافتراضيِّ والواقعِ المعزَّزِ مرورًا بالجراحةِ غيرِ المباشرةِ عن طريقِ الروبوتات، وانتهاءً بالتّحكُّمِ بالطّائراتِ بدون طيّارٍ.

مبدأ العمل:

استخدم الباحثون قفازًا رياضيًّا مصنوعًا من الجلد، وجهّزوه بتسعةِ مستشعراتٍ مرِنةٍ، ومصنوعةٍ من مواد قابلةٍ للتّمدُّدِ، اثنان منها على كل إصبعٍ من الأصابعِ الأربعة، ومستشعرٌ واحدٌ على الإبهام، وجميعها تمتلكُ إمكانيّةَ تحديدِ مكانِ ارتباطِ المفصلِ في الإصبع.

تمَّ تصنيعُ المستشعراتِ من شرائحَ رقيقةٍ من البوليمير القائمِ على السّيليكون، والمُغلَّفِ بطبقةٍ من الكربون الموصِلِ وثُبّتت بالقفّازِ باستخدامِ شريطٍ نحاسيٍّ، بحيثُ يرتبطُ كلُّ مستشعرٍ عبرَ سلكٍ فولاذيٍّ مقاومٍ للصّدأ بدارةٍ مطبوعةٍ تستهلكُ طاقةً منخفضةً، ومتوضّعةً على الجزءِ الخلفيِّ من معصمِ اليد.

عندما يتمُّ ثنيُ وتمديدُ الأصابعِ يُطبَّقُ الأمرُ نفسهُ على المستشعراتِ ما يُسبِّبُ تغيّرَ مقاومةِ الإشارةِ الكهربائيّةِ النّاتجةِ لتتمَّ معالجتها وتفسيرها إلى لغةٍ مكتوبةٍ، حيث يتمُّ ترميزُ حروفِ لغةِ الإشارةِ اعتمادًا على حركةِ المستشعراتِ التّسعة، فالمفصَلُ المستقيمُ يُعبَّرُ عنه بالرّمزِ "0" والمفصلُ المَثني يُعبَّر عنه بالرّمز "1".

لنفترض أنّ مُرتدي القفّاز قامَ بإيماءةٍ لحرفٍ معيّنٍ من حروفِ الأبجديّةِ، عندها يقومُ القفّازُ بناءً على حركةِ المستشعراتِ التّسعة بتشكيلِ شيفرةٍ ثنائيّةٍ مؤلَّفةٍ من تِسعِ خاناتٍ رقميّةٍ عبارة عن مجموعةِ أصفارٍ وواحداتٍ.

لتوضيحٍ أكثرَ نأخذُ المثالَ التّالي:

للتّعبيرِ عن الحرفِ A في لغةِ الإشارةِ الأمريكيّةِ يكونُ الإبهامُ في حالةٍ مستقيمةٍ وبقيّةُ الأصابعِ مثنيّةٌ، فتكونُ الشّيفرةُ الثّنائيّةُ الّتي يُرمّزها القفّاز هي "011111111".

وللتّعبير عن الحرف B يكونُ الإبهامُ منثني وبقيّةُ الأصابعِ مستقيمةً بعكسِ الحالةِ السّابقة، والشّيفرةُ الثّنائيّةُ الّتي يُرمّزها القفّاز هي "100000000".

بالطّريقة نفسها يتمُّ ترميزُ الحروفِ الأخرى، وقد جهّزَ المهندسون القفّازَ بمقياسٍ للتّسارعِ ومستشعراتٍ للضّغطِ أيضًا لمعرفةِ فيما إذا كانت اليدُّ ثابتةً أو متحرّكةً، وذلك للتّمييزِ بينَ الحروفِ المُتشابهةِ مثل "I" وَ "J" حيثُ أنّ إيماءاتِها مختلفةً ولكنّها متشابهةً بالشّيفرة الثّنائيّة.

بعد ذلك تحوِّلُ الدّارةُ الإلكترونيّةُ الشّيفرةَ الثّنائيّةَ إلى الحرفِ المقابلِ لها، ومن ثمَّ ترسلُ الإشارةَ لاسلكيًّأ عبر البلوتوثِ إلى حاسوبٍ أو هاتفٍ ذكيٍّ.

صورة (1):

النّتيجة النّهائيّة

حصلَ القائمونَ على هذا العملِ على نتيجةٍ نهائيّةٍ رائعةٍ، وذلكَ بناءً على دراساتٍ أُجريت على المُستشعراتِ، تضمّنت تجاربَ عديدةً تمَّ فيها ثنيُ مفاصلِ الأصابعِ آلافَ المرّاتِ، فالقفّازُ يستطيعُ تحديدَ الحروفِ السّتة والعشرين في النّظامِ الأميركيِّ بدّقةٍ جيّدةٍ، وبعكسِ الأنظمةِ المشابهةِ السّابقة، يتوفّرُ هذا القفّازُ بأسعارٍ مناسبةٍ للجميع، فالنّموذجُ الحالي يُكلّفُ أقلَّ من مئةِ دولارٍ، ولا يتطلَّبُ كذلكَ طاقةً عاليةً لتشغيلهِ.

علاوةً على ذلك، تُعرَضُ البياناتُ الصّادرةُ عن القفّاز بدقّةٍ أيضًا، فعندما تومئُ اليدُ ينتجُ عنها شيفرة ما، يحاكيها القفّازُ بشكلٍ دقيقٍ. ذلك كما قالَ الباحثونَ أنّ القفّازَ يُضيفُ طرقًا جديدةً لاستخدامِ الإلكترونيّاتِ المرنةِ والقابلةِ للارتداءِ لربطها مع البيئاتِ الافتراضيّةِ، وأخيرًا يمكنُ أن يُشكّلَ القفّازُ اختبارًا لتقييم أداءِ الموادِ الجديدةِ والالكترونيّاتِ الهجينةِ المرنةِ.

نُشِرت هذه الدّراسةُ في الثّاني عشرَ من شهرِ تموزٍ للعام الحاليّ 2017 في مجلةِ ""PLOS ONE من قِبَل "Timothy O'Connor" و"Darren Lipomi" من جامعة كاليفورنيا سان دييغو.

فيديو يوضح التقنية:

المصدر:

هنا

هنا