الفيزياء والفلك > علم الفلك

تلسكوب هابل ومركبة كاسيني يشتركان معا في رصد فريد لأضواء الشفق القطبي على كوكب زحل

قامت وكالة ناسا في العام الماضي بعملية مراقبة مزدوجة لعرض أضواء الشفق الساحر الذي حدث عند قطبي كوكب زحل، ففي حين قام تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا والموجود في مدار حول الأرض بمراقبة الشفق القطبي على زحل بواسطة الأشعة فوق البنفسجية، كذلك فان مركبة الفضاء كاسيني والتي تدور حول زحل حصلت أيضا على مناظر قريبة جدا وواضحة بواسطة الأشعة تحت الحمراء والفوق بنفسجية والضوء المرئي، و تمكنت مركبة كاسيني كذلك من رؤية الأجزاء الشمالية والجنوبية من كوكب زحل التي لا تواجه الكرة الأرضية ، أما النتيجة فكانت أشبه بالرقصة التي يمكن لكل خطوة منها أن تبوح بتفاصيل تتعلق بكيفية تحرك الشفق القطبي وتظهر التعقيدات المرتبطة به، وكيف أن العلماء استطاعوا إيجاد صلة بين ثوران الشمس وتأثيرها على الطبيعة المغناطيسية لزحل.

وكما يقول جوناثان نيكولس والذي يقود العمل في هابل بان الشفق القطبي لزحل متقلب، فمرات تراه أشبه بالألعاب النارية ومرات قد لا تلحظ شيئا أبدا، ويضيف بإن الصور التي حصلنا عليها سنة 2013 تظهر بأننا نتعامل مع حالة راقصة ومتنوعة من الشفق القطبي، فمن الحلقات المشعة الثابتة إلى الومضات فائقة السرعة من الضوء والتي تشع عبر قطب الكوكب . وكانت الصور الملتقطة من مركبة كاسيني باستعمال مطياف التصوير بالأشعة تحت البنفسجية UVISقد التقطت من على مسافة قريبة بشكل غير اعتيادي تعادل ستة أمثال نصف قطر كوكب زحل،مقدمةً بذلك نظرة على الأشكال المتغيرة للاشعاعات الباهتة الممتدة على طول بضع مئات من الكيلومترات وربطت تغيرات الشفق القطبي باضطرابات تيارات الجسيمات المشحونة والتي تهب من الشمس وتمرّ تعبر زحل.

وتمثل الصور الملتقطة أفضل ما نملكه حتى الآن عن الأنماط سريعة التغير من أضواء الشفق تلك وذلك بحسب واين بريور الباحث المشارك في فريق مهمة كاسيني حيث إن بعض البقع المضيئة تظهر وتختفي من صورة إلى أخرى، وبقع أخرى ظاهرة وتدور حول القطب ولكن بمعدل أبطا من دوران زحل. وكانت صور الـ UVISوالتي حللت نتائجها من قبل فريق بحثي ضمن جامعة ليدج في بلجيكا اقترحت بان العواصف البراقة من الشفق القطبي قد تكون نتجت بسبب تغيرات في خطوط الحقل المغناطيسي ، النوع نفسه من التغيرات يسبب عواصفاً في الهالة المغناطيسية حول الأرض.

ومن الأمور التي تم اكتشافها أيضا مناطق ذات إضاءة متواصلة في الشفق وتدور بشكل منتظم وبإيقاع واحد مع الموضع المداري لقمر زحل المدعو (ميماس). حيث أظهرت الصور السابقة بقع إضاءة متقطعة في الشفق القطبي ومرتبطة مغناطيسياً بالقمر ( انسيلاودس) مما يلمح لدور قمر آخر من أقمار زحل في التغيرات الحاصلة في عرض الأضواء على زحل.

والمعلومات الجديدة أعطت العلماء أيضا مفتاحاً لحلّ الغموض المتعلق بالغلاف الجوي للكواكب العملاقة كزحل .وكان العلماء قد تساءلوا عن سبب كون الطبقات العليا من الغلاف الجوي لزحل والكواكب العملاقة الغازية الأخرى دافئة نسبيا أكثر من المتوقع نظراً لبعدها عن الشمس، وتضيف سارا بيدمان العضو في فريق كاسيني وفريق مطياف خرائط الأشعة تحت الحمراء بأنه عند البحث في السلسلة الطويلة من الصور المأخوذة بواسطة معدات مختلفة استطعنا اكتشاف أن الشفق القطبي يسخن الغلاف الجوي عندما تخترقه الجسيمات السريعة التي تغوص داخله وتسبب ارتفاع درجة حرارته.

وقد ساعدت بيانات الضوء المرئي العلماء على تحديد اللوان الشفق القطبي لزحل. فاضواء الشفق القطبي الشبيهة بالستائر نراها على الأرض باللون الأخضر في القاع والأحمر بالقمة، بينما أظهرت صور كاسيني أن الشفق القطبي لزحل أحمر عند القاع بنفسجي في القمة. ويحدث الاختلاف في اللون نتيجة لأن الشفق القطبي للأرض ينتج بشكل أساسي عن جزيئات النتروجين و الأوكسجين المثارة أما الشفق القطبي لزحل فينتج بصورة أساسية عن جزيئات الهدروجين المثارة. وفي حين أنه من المتوقع أن نرى شيئا من اللون الأحمر في شفق زحل نظراً لوجود الهيدروجين، فقد توقع الباحثون أيضا رؤية تنوع من الألوان يتغير بحسب طاقات الجسيمات المشحونة التي تصطدم بالغلاف الجوي وأيضا على كثافة الغلاف الجوي. وتقول يولانا دايودينا العضوة في الفريق المختص بالتقاط الصور في معهد كاليفورنيا التقني " كنا مبهورين عند رؤيتنا لهذا العرض البصري المفعم بالألوان والذي لم يسبق لأحد رؤيته من قبل". ويأمل العلماء بان عمل كاسيني مستقبلاً سوف يوضح كيفية دوران السحب والجسيمات المشحونة حول الكوكب وتلقي الكوكب للجسيمات المنبعثة من الشمس. والشفق القطبي لزحل هو أحد الخواص الرائعة للكوكب ولا مفر لناسا من أن تلعب دور مصوري البابارازي في ذلك.

ولا يزال هنالك الكثير من العمل للقيام به حيث أن مجموعة من العلماء بقيادة توم ستارلد مشغولون حاليا بتحليل بيانات متكاملة مأخوذة بواسطة تلسكوبين أرضيين في هاواي هما تليسكوب M.Keck وتلسكوب الأشعة تحت الحمراء التابع لناسا. والنتائج قد تساعدهم على فهم كيف أن الجسيمات تتأيّن في الطبقات العليا للغلاف الجوي لزحل،وتضع عمليات المراقبة بواسطة التلسكوبات الأرضية والممتدة لعقد من الزمن في صورة واضحة ومتكاملة. لأنهم سيستطيعون معرفة مقدار الاضطراب الحاصل والناتج عن الغلاف الجوي الأرضي والمؤثر على النتائج التي أخذت سابقا من عمليات الرصد على الارض.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: Jonathan Nichols، NASA، ESA، University of Leicester