الرياضيات > توقعات كأس العالم 2014

هل تُشعِرُكَ الرّياضياتُ والخرائطُ بالقلق؟ قد يعودُ السّببُ إلى جيناتِكَ.

استمع على ساوندكلاود 🎧

هل تزعِجكَ مسألةٌ هندسيّةٌ؟ هل تقلقُ بسببِ واجبٍّ رياضياتيٍّ مدرسيٍّ؟ أو لربَّما تجاوزتَ هذه المرحلةَ ولا تزالُ غيرَ مُناصرٍ للرّياضياتِ. أم أنَّكَ لا تعاني من هذا بل تقلقُ بسببِ المهامِ المكانيّةِ كالتّنقُّلِ والتناوبِ، في هذا المقالِ ستتعرَّفُ إلى السَّببِ في ذلك كله.

وِفقاً لدراسةٍ جديدةٍ لباحثينَ من كليّةِ كينغز Kings في لندن، تلعبُ مورِّثاتُنا دورًا ملحوظًا في كميّةِ القلقِ الّذي نشعرُ بهِ أثناءَ قيامنا بمهامَ مكانيّةٍ أو رياضيّاتيّةٍ، كقراءةِ خريطةٍ أو حلِّ مسألةٍ هندسيّةٍ.

إنّ المهاراتِ المكانيّةِ تنطوي على قدرٍ من الأهميّةِ في الحياةِ اليوميّةِ، بدءًا من الملاحةِ وانتهاءً بتجميعِ قطعِ الأثاثِ المُسطّحةِ والقابلةِ للتّجميعِ، وهي على علاقةٍ أيضًا بالنّجاحِ في مِهَنِ « السّتِم : الـ STEM » (العلومِ والتكنولوجيا والهندسةِ والرّياضيات). ومن ناحيةٍ ثانيّةٍ، فإنَّ النَّاسَ يختلفونَ إلى حدٍّ كبيرٍ في هذهِ المهاراتِ، ويعتقدُ الباحثونَ أنّها قد تكونُ مرتبطةً جزئيًّا بالقلقِ.

وبالمثلِ، يُعتَقَدُ أنَّ القلقَ بسببِ الرّياضياتِ يُعيقُ الإنجازَ فيه في المدرسةِ وثنِيُ النّاسَ عن استخدامِ هذه المهاراتِ في الحياةِ اليوميّةِ.

إنّ دراسةَ العواملِ الوراثيّةِ والبيئيّةِ الكامنةِ وراءَ القلقِ خطوةً أولى ضروريّةٌ في تحديدِ جيناتٍ معيّنةٍ تجعلُ بعضَ النّاسِ أكثرَ قلقًا من غيرهم. إذا كانت الجيناتُ والبيئاتُ الّتي تُسهمُ في أحدِ أشكالِ القلقِ، كالقلقِ المكانيِّ، مختلفةً عن تلكَ الّتي تُسهمُ في شكلٍ آخرَ منه، كالقلقِ بسببِ الرّياضياتِ، فإنّ هذا يُشيرُ إلى وجوبِ إدارتِها بشكلٍ مُختلفٍ لكي تكونَ التّدخلاتُ ناجعةً.

في الدّراسةِ، الّتي نُشِرَتْ في مجلةِ Scientific Reports، قاسَ الباحثونَ القلقَ في عيّنةٍ من أكثرَ من 1400 زوجٍ من التّوائِمِ ممَّن تتراوحُ أعمارَهم بين 19 وَ 21 سنةٍ وذلكَ في دراسةِ النّموِّ المبكِّرِ للتّوائمِ (TEDS ) .حدّدَ الباحثونَ أشكالًا عدّةً مختلفةً من القلقِ: قلقٌ عامٌّ؛ بسبب الرّياضيات؛ والقلقُ المكانيُّ: الملاحةُ والتّناوب/ التّصوُّر.

و أظهرت جميع أشكالِ القلقِ عُنصرًا وراثيًَّا كبيرًا، حيث يفسِّرُ الحمضُ النّوويُّ ما يزيد على ثلثِ الاختلافاتِ بين النّاس. تمَّ العثورُ على بيئاتٍ غيرِ مشتركَةٍ تُعلِّلُ بقيّةَ الاختلافاتِ بين النّاسِ فيما يتعلّقُ بالقلق المكانيِّ، و هي ذاتُ البيئاتِ الّتي لا يشتركُ فيها التّوائِمُ الّذين نشؤوا في ذاتِ العائلةِ، كالأنشطةِ اللّاصفيّةِ (الخارجةِ عن المناهجِ الدّراسيّة) المختلفةِ، المعلِّمينَ والأصدقاءِ. على سبيلِ المثال، القيادة أو ركوبُ الدّراجاتِ أو ممارسةُ ألعابِ الكمبيوترِ من البيئاتِ اللّامشتركة والّتي من الممكنِ أن تكونَ ذاتُ صِلَةٍ خاصّةٍ بالقلقِ المكانيِّ.

وأظهرت الدّراسةُ أيضًا أنَّ النّاسَ الّذينَ يشعرونَ بالقلقِ إزاءَ الملاحةِ لا يشعرونَ بالضّرورةِ به إزاءَ مهامِ التّناوبِ / التّصوّرِ، كاستكمالِ أحجيةِ الصّورِ المُتفكِّكَةِ المُعقَّدَةِ (الـPuzzle). وأظهرت الدّراسةُ ذاتَ الشّيءِ بالنّسبةِ إلى الرّياضياتِ والقلقِ العام، أي أنَّ أولئكَ الّذينَ يعانونَ من القلقِ المكانيِّ لا يعانون بالضّرورةِ من القلقِ العام أو إزاءَ الأنشطةِ الأخرى ذات الصلةِ بالـ "ستِم" كالرياضيات.

القلقُ لدى النّساءُ أكبرُ منه لدى الرّجال في جميعِ المجالات. و يقولُ القائمونَ بالبحث: قد يعود السَّببُ إلى كونِ النّساءِ أكثرَ استعدادًا للإفصاحِ عن شعورهنَّ بالقلقِ، أو بالقلقِ النّاجمِ عن الأفكارِ الشّائعةِ الّتي تنصُّ على أنَّ مواضيعَ الـ ستِم « للرّجالِ فقط ».

وقالت مارغريتا مِلِنتشيني من معهدِ الطُّبِّ النَّفسيِّ وعلمِ النَّفسِ وعلمِ الأعصابِ في كليّةِ كينغز في لندن (IoPPN): "إنّ لنتائجنا آثارًا هامّةً في العثورِ على جيناتٍ محدَّدةٍ تُسهمُ في تعيينِ الاختلافاتِ في القلقِ بينَ النّاسِ، حسبما تقترحُ أنّ بعضَ الجيناتِ المتماثلةِ تُسهمُ في التّعرّضِ للقلقِ في مجالاتٍ عدّة، إلّا أنّ معظمها منوطٌ بمنحىً معيّنٍ من القلق.

»إنَّ التعيّين الدّقيقَ لجيناتٍ خاصّةٍ بالقلقِ يمكنُ أن يساعدَ في تحديدِ الأطفالِ الأكثرِ عُرضةً للخطرِ في وقتٍ مبكِّرٍ جدًّا من حياتهم، وبالتّالي في التّدخُّلِ ومنعِ تطوّرِ القلق في هذه السّياقاتِ المختلفة. فعلى سبيلِ المثال، بالنّسبةِ للأطفالِ الّذينَ يعانون من أكبرِ خطرٍ وراثيٍّ بالقلق الرّياضيّ، فإنّ التّدخلاتِ الرّاميةِ إلى تعزيزِ الحافزِ وتقديمِ ردودِ فعلٍ إيجابيّةٍ قد تُساعدُ في الحدِّ من القلقِ وزيادةِ الكفاءةِ في هذه السَّاحة«.

وهكذا نجدُ أنّ الباحثينَ بحثوا في علاقةِ المهامِ المكانيّةِ بالقلقِ من جهة وعلاقةِ الرّياضيات به من جهةٍ أخرى ووجدوا أنَّ الجيناتِ الّتي يحملها القلقى بسببِ هذه المهام لها تأثيرٌ بما يزيد على الثُّلثِ، و قد يخطر في بال أحدِنا: هل سيبحثونَ في إمكانيَّةَ تعديلِ جيناتِ جنينٍ من أبوينِ يحملانِ جيناتِ القلقِ بسببِ الرّياضياتِ أو غيرِها من المهام، كما تمَّ سابقًا التّحكُّمُ في لونِ عيونِ الأجِنّةِ مثلًا؟ فقد يُصبح حينَها بإمكانِ الضّعيفِ إزاءَ هذه المهامِ أن يغدو أكثرَ مقاومةً لها ولربَّما أكثرَ شغفًا بها، هذا ما قد يكونُ ليس بالبعيدِ فالإنسانُ في بحثٍ دؤوبٍ والأبحاثُ في تقدُّمٍ مستمرٍّ!

المصدر:

هنا