العمارة والتشييد > التشييد

أثر إضافة السُّكَّر إلى خلطة الإسمنت البورتلنديِّ

استمع على ساوندكلاود 🎧

يتفوَّقُ السكر على غيره من المنتجات الكيميائية المستخدمة في كونه إضافة لتأخير تصلُّب الإسمنت، وذلك لتوافره وثمنه الرخيص. لكنه إضافة إلى تأخُّر زمن الأخذ يملك آثارًا أُخرى في الخلطة الإسمنتية ترتبط بمقاومة الضغط، ولذلك فإنه من المهم فَهمُ هذه الآثار جيدًا قبل استخدامه.

تتَّصفُ معظم أعمال الهندسة المدنية بأنها أعمالٌ ميدانيةٌ تُجرى بالاعتماد على دراساتٍ مخبريَّةٍ؛ ولكن من الصعب أن يضبط المهندس جميعَ الشروط المحيطية للموقع كدرجة الحرارة والرطوبة والرياح وغيرها، كما هو الحال في المختبر.

فعلى سبيل المثال؛ يجري تفاعل إماهة الإسمنت في درجات الحرارة المرتفعة أسرعَ منه في المنخفضة؛ ما يُؤدي إلى تصلُّبِ الإسمنتِ في وقتٍ قصيرٍ، فيؤثِّر في مقاومته النهائية والتي ستنخفض تبعًا لهذا الاختلاف، إضافة إلى أنَّ درجة الحرارة المرتفعة ستُسبِّب تبخرَ المياه من الخلطةِ؛ ما يُسبِّب تقلُّصًا لدِنًا في حجم الخرسانة، وسيخلق إجهاداتٍ تُسبِّب تشقُّقات على سطحها في أثناء تبريد الخرسانة لاحقًا.

وعلى نحوٍ مُشابهٍ؛ فإنَّ صبَّ الخرسانة في جو باردٍ له مضارٌ على الخرسانة، فقد يتجمَّدُ ماء التفاعل في الجو البارد فيزداد حجم الكتلة الإسمنتية؛ ما يُسبِّب غيابَ الماء عن الخلطة، فيبقى الإسمنتُ بلا ماءٍ ليتفاعل معه فتنتج كتلة كبيرة الحجم منخفضةَ المقاومة.

وبهدف التحكُّم بهذه المُتغيرات يستخدمُ المهندس الإضافات، ومنها مبطِّئات التصلُّب retarders، وتشمل عدة مواد كيميائية من مشتقَّات الكربوهيدرات وأملاح الزنك الذوَّابة وغيرها، ويندرج السكرُ تحت تصنيف (المواد المغلفة)؛ إذ تُرسِل جزيئاتُ الإسمنت عند خلطها بالماء مجموعةً من أيونات الكالسيوم لذرات الماء المحيطة بها، وهنا يأتي دور المادة المُبطِّئة لتفاعل الإماهة، فالسكرِ يمنع وصول هذه الأيونات إلى الماء.

ولمعرفة تأثير السكر؛ أُجريت مجموعة اختبارات على عيِّنات مخبرية بنِسَبٍ متفاوتةٍ من السكر.

آلية الاختبار:

استُعمِل الإسمنت البورتلنديُّ صنف 53 مع السكر C12H22O11 إضافةً إلى نسبة 1:3 رمل معياري؛ إذ خُلِطت المكونات بكميةٍ مناسبةٍ من الماء، واستُخدِم جهاز فِيكَا vicat apparatus لتحديد كثافة الأخذ لكل عيِّنةٍ وزمنها، وحُدِّدت كميةُ الماء المخلوطةِ على نحوٍ يسمحُ لإبرةِ جهاز فيكا باختراقٍ يعادل 5-7 مم من أسفل القالب، وحُسِب زمن الشِّك من لحظةِ إضافة الماء للخلطة إلى اللحظة التي يصل اختراق الإبرة فيه 5±0.5 مم.

أُجرِيت التجارب بدرجة حرارةٍ 27±2° ورطوبةٍ نسبيةٍ 65±5%، وقِيسَت مقاومة عيِّنات المونة الإسمنتية بواسطة اختبار كسر العيِّنات المكعَّبية الشكل، وذلك بعمر 3-7 أيام من تاريخ تحضيرها. وقد انقسمت النتائج وفق ما يأتي:

بإضافة سكرٍ يعادل وزنه 0.07% من وزن الإسمنت؛ لُوحِظ زيادة في زمن الأخذ وصلت إلى 3 ساعات و35 دقيقةً، ثم إنه قُدِّرت الزيادة في المقاومة بـ 4%.

كانت النتائج معاكسة تمامًا عند تجاوز كمية السكر المُضاف 0.13% من وزن الإسمنت؛ إذ نقص زمن الأخذ وظهرت شقوقٌ على سطح العيِّنات في أثناء تصلُّبها.

وبذلك تغيَّر تأثير السكر كإضافةٍ على نحوٍ معاكسٍ تمامًا؛ ما يُظهِر مخاطر استخدام الإضافات، سواء السكر أو أية إضافاتٍ غيرها بنِسَبٍ غير مدروسةٍ.

ونظرًا للمجالات المتعددة والتي قد تؤدِّي إلى كوارث في حال أي تأثيرٍ سلبي قد يطرأ على الخلطات الإسمنتية نتيجةَ الإضافات كالسكر؛ تعدُّ دراسة تأثير هذه الإضافات أولويةً لا يمكن التغاضي عنها أبدًا عند التنفيذ.

صورة جهاز فيكا:

الرّسم البيانيّ لعلاقة كميّة السّكّر المضاف بزمن الأخذ:

علاقة كميّة السّكّر المضافة بمقاومة المونة على الضّغط:

المصدر: هنا