الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

حمياتٌ ومكملاتٌ غذائيةٌ لمرضى التوحد ما زالت موضعَ استفهامٍ

استمع على ساوندكلاود 🎧

اضطراباتُ طيفِ التّوحّدِ Autism Spectrum disorders (ASDs) هي مجموعةٌ من الاضطراباتِ الّتي تستهدفُ النموَّ العصبيَّ، وتتّصفُ بضعفِ التّفاعلِ الاجتماعيِّ، والتّواصلِّ اللّفظيّ وغيرِ اللّفظيّ، وبأنماطٍ سلوكيّةٍ مقيّدةٍ ومتكرّرةٍ.

يصابُ بمرضِ التّوحّدِ قرابة 1-2 من كل 100 شخصٍ في جميعِ أنحاءِ العالم، ووفقاً لإحصائياتِ المراكزِ الأمريكيّةِ لمكافحةِ الأمراضِ والوقايةِ منها U.S. Centers for Disease Control and Prevention، شُخِّصُ طفلٌ واحدٌ تقريباً من كلِّ 68 طفل باضطرابِ طيفِ التّوحّد، ويعتقدُ الخبراءُ أنَّ هناكَ عدداً منَ العواملِ يجعلُ بعضَ الأطفالِ عرضةً للخطر، بما في ذلك العواملُ الوراثيّةُ وبعضُ العواملِ البيئيّة، أثناء المراحلِ المبكّرةِ لنموِّ الدماغ.

وكثيراً ما يحاولُ آباءُ وأمّهاتُ الأطفالِ المصابينَ باضطرابِ التّوحدِ تغييرَ الأنظمةِ الغذائيّةِ الّتي يتناولها أطفالُهمْ أو إعطاءَهمْ بعضَ المكمّلاتِ الغذائيّةِ بهدفِ تخفيفِ أعراضِ هذا الاضطراب، ولكنَّ أيَّ تغييرٍ قد لا يكونُ بالضّرورةِ مفيداً للطّفل، بل إنّهُ قد يكونُ ضارّاً في بعضِ الأحيان، فالعديدُ من الخبراءِ يرونَ أنَّهُ من الضّروريِّ للآباءِ استشارةُ طبيبِ الأطفالِ قبلَ اتّخاذِ أيِّ إجراءٍ في تغييرِ النّظامِ الغذائيِّ لطفلهم.

ووفقاً لبعضِ الدّراساتِ الحديثة، فقدْ تبيّنَ عدم وجودِ دليلٍ قويٍّ يرجّحُ وجودُ أية فائدةٍ لأيٍّ من الأنظمةِ أو المكمّلاتِ الغذائيّة، فبعدَ تحليلِ النّتائجِ الّتي توصّلَ إليها الباحثون عند إجراءِ 19 تجربةً سريريّةً، تبيّنَ وجودُ دليلٍ ضعيفٍ على أنَّ التّدابيرَ الغذائيّةِ على اختلافِ أنواعها - من الأطعمةِ الخاليةِ من الغلوتين إلى مكمّلاتِ زيتِ السّمك - قد أفادتْ الأطفالَ الّذينَ يعانونَ من اضطراباتِ طيفِ التّوحد Autism Spectrum Disorders (ASDs).

وأعلن الباحثونَ أنَّ بعضَ الدّراساتِ قد أظهرتْ نتائجَ إيجابيّةً، في حينِ أنَّ البعضَ الآخرَ لم يسفرْ عن أيِّة نتائج، وقد أُجرِيت هذه الدّراساتُ على نطاقٍ ضيّقٍ ولفترةٍ زمنيّةٍ قصيرة، فشملتْ بينَ 12 و 92 طفلاً من أماكنَ مختلفةٍ، وغالباً ما كانت تستمرِّ لأقلَّ من ستّةِ أشهر.

ودرست عدّة أبحاثٍ ما إذا كانتْ أحماضُ Omega-3 الدّهنيّةِ قد أحدثت فرقاً في قدراتِ الأطفالِ اللّغويّةِ أو في سلوكِهم أو مهاراتِهم الاجتماعيّة، ولم يتوصّلْ الفريقُ إلى دليلٍ واضحٍ عن وجودِ فوائدَ تُذكَر. وفي بعضِ التّجارب، تبيّنَ أنَّ الأطفالَ الّذين قد أُعطوا علاجاً وهمياً (مادّةً غيرَ نشطةٍ) قد أظهروا تحسّناً أكبرَ من هؤلاء الّذين تناولوا أحماضَ Omega-3 الدّهنيّة بنسبة 30%.

وقد أظهرت نتائجُ مختلفةٌ لبعض التّجاربِ الأخرى الّتي أُجرِيتْ لاختبارِ المكمّلاتِ الغذائيّةِ كالإنزيماتِ الهاضمةِ وفيتامين B12، أنَّ الإنزيماتِ الهاضمةِ أدّت إلى تحسّنٍ في الأعراضِ الهضميّةِ والمشاكلِ السلوكيّةِ لدى بعضِ الأطفال، في حينِ لم يجدْ أطفالٌ آخرونَ أيَّة فائدةٍ.

وأمّا بالنّسبةِ للنّظامِ الغذائيّ، تحرَّت العديدُ من الدّراساتِ تأثيرِ الحميةِ الخاليةِ من الغلوتين (وهو البروتينُ الموجودُ في القمحِ والشيلم والشّعير) أو الكازئين (وهو البروتينُ الموجودُ في الحليب) والّتي عادةً ما يُشجَّعُ على الالتزامِ بها للأطفالِ المصابينَ بالتّوحّد، ومرّةً أخرى وجدَ الباحثونَ أنَّ النّتائجَ كانت متباينة، وأنَّ الدّراساتِ الّتي وجدتْ فائدةً من تلكَ الأنظمةِ كانت أقلَّ دقّةً من سابقتها.

إنَّ اضطراباتِ التّوحّدِ معقّدةٌ وتتفاوتُ كثيراً من شخصٍ لآخر، فقد يعاني طفلٌ من مشاكلَ أقلَّ في التّواصلِ والمهاراتِ الاجتماعيّةِ من غيره، في حينِ أنَّ آخرَ قد يتأثّرُ أكثر فيكونُ قليلَ الكلام، وربّما لا يتكلّم على الإطلاق، أو ربّما يعاني من الاضطراباتِ السلوكيّةِ المتكرّرةِ، ولذلك فإنَّ اتّباعَ نظامٍ غذائيٍّ ما قد يفيدُ بعضَ الأطفال، ولكنْ ليسَ بالضّرورةِ أن يفيدَ الأطفالَ الآخرين... وستُجرى تجاربَ أكبرَ ومدروسةً جيّداً للحصولِ على إجاباتٍ أكثرَ وضوحاً.

المصدر:

هنا

الدراسة المرجعية:

هنا