الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

البعوضُ والتّغيّر المناخيّ!

استمع على ساوندكلاود 🎧

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد أنّ درجة الحرارة المثاليّة لانتشار الأمراض المنقولة بالبعوض مثل فيروس زيكا وحمّى شيكونغونيا هي 29 درجة مئويّة، إذ يبدأ انتشار البعوض غالباً قبالة فصل الصّيف في أنحاء عديدة من العالم والسّؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يزيد فصل الصّيف وحرارته من احتماليّة تعرّضك للإصابة بأحد الأمراض المنقولة بالبعوض مثل زيكا؟

لمعرفة ذلك قام باحثون من جامعة ستانفورد بنمذجة تأثير ارتفاع درجة الحرارة على سلوك البعوض وخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بهم مع استخدام بيانات حقيقيّة عن إحصائيّات الإصابة بالأمراض نفسها بالطّريقة نفسها.

من خلال البحث، لُوحِظ أنّ حمّى الضّنك (أحد الأمراض المنقولة بالبعوض) قد سجلت ارتفاعاً في الإصابات خلال العقدين الماضيين ممّا استدعى عملاً إضافيّاً لتفسير هذه الظّاهرة وفهم طبيعة العلاقة بين انتشار حمّى الضّنك والتّغيّر المناخيّ.

درجة الحرارة المثلى:

تتحكّم درجة الحرارة بالكثير من العوامل الّتي تؤثّر على الوقت الذي يستغرقه الفيروس كي ينتقل للإنسان، وهذا بدوره يتضمّن الوقت الّذي تستغرقه البعوضة لحمل الفيروس خلال لسعة واحدة، الوقت اللّازم لحقن الفيروس في جسم الإنسان بالإضافة إلى مدّة دورة حياة البعوضة وعدد اللّسعات الّتي يمكن أن تقوم بها عادة خلال حياتها.

كلّ هذه السلوكيّات تعتمد بشكل مباشر على الحرارة وإن كانت العلاقة غير خطيّة، إذ تزداد لتصل حدّاً معيّناً ثمّ تعود للانخفاض، هذا الحدّ يقابل درجة حرارة 29 سيليزيوس، وعندها يكون انتشار البعوض ونقله للأمراض في أوجه، لكنْ عند درجات أقلّ أو أكثر فإنّ ذلك الانتشار يقلّ.

وكما هو متوقّع، فقد طابقت تلك الملاحظات التّمثيل الهندسيّ للبيانات التي أعطت قطعاً مكافئاً ذو نقطة محليّة عظمى تقابل الدّرجة 29 سيليزيوس.

التنبّؤ بخصائص انتشار الأمراض مستقبلاً:

ترتكز تنبّؤات هذه الخصائص على معرفة درجات الحرارة المثلى للانتشار، إذ كان من الصّعب سابقاً تقدير ذلك نظراً لوجود مجال واسع من الدّرجات المتوقّعة، ممّا يزيد من مجال البحث.

وبذلك، فإنّ معرفة درجة الحرارة المثاليّة لانتشار المرض والّتي تبلغ 29 درجة سيليزيوس هو أمر ضروريّ جداً للتوصّل لحلول وخطط لصدّ وردع انتشار الأوبئة من خلال معرفة كيفيّة انتشارها عن طريق البعوض وارتباط هذه الظّاهرة بالتغيّر المناخيّ.

وهكذا، يعتبر هذا النّوع من التّخطيط والنّمذجة خطوةّ هامّة وخاصّةّ في المجتمعات ذات الدّخل المنخفض، إذ تكثر في تلك المجتمعات المساكن العشوائيّة غير المحميّة، والتي توفّر بيئةً مثاليّة لانتشار البعوض وغيره من الحشرات "الانتهازيّة"، الّتي تنشر الأمراض في كلّ مكان ممكن، حيث تجد في مستوعبات تخزين المياه مثلاً مكاناً مناسباً للتّكاثر وحقن مسبّبات تلك الأمراض.

يبدو أنّ التّغير المناخيّ حمل العديد من المشكلات على جميع الأصعدة، فأين نحن من الحلّ؟!

المصادر:

هنا