الطب > مقالات طبية

هلْ هناكَ علاقةٌ بينَ عمرِ الطبيبِ ونتائجِ علاجهِ؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

فكرةٌ مثيرةٌ للاهتمامِ، هي وجودُ علاقةٍ بين تقدّمِ عمرِ الطّبيبِ المعالجِ و نسبةِ الوفيّات أو تراجع كفاءَةِ الطبيبِ، نَشَرتْ حول هذه العلاقة المجلَّةُ البريطانيَّة الطّبّيّة دراسةً أُجرِيَتْ في 16 مايو من العام الجاري.

تشيرُ الدّراسةُ إلى أنَّ تدنّي مستوى الخدمةِ الطبيّةِ المقدّمةِ من قبلِ الأطبّاءِ الأكبرِ سناً لم يرتبطْ بزيادةِ عددِ المرضى الذين يقدّمونَ لهم الرعاية، كتفسيرٍ لزيادةِ نسبةِ الأخطاءِ المحتملةِ مثلاً، و لم يُعثرْ على فرقٍ في نسبةِ إعادةِ استشفاءِ مرضاهم لأسبابٍ صحيّةٍ خلال 30 يوماً من الخروجِ -قد يرتبطُ ذلك أحياناً بعدمِ التّشافي الجيّدِ من الحالةِ المسبّبة للدخولِ الأوّل- ولكن ثمّة فرقٌ بسيطٌ في زيادةِ التّكاليفِ الطبيةِ لدى الأطباءِ الأكبرِ سنّاً.

عَمِلَ الدكتور تسوجاوا، الحائزُ على شهادةِ الماجستيرِ والدكتوراه في العلومِ الصّحّيّة والباحثِ في قسمِ الإدارةِ والسّياسةِ الصّحّيّةِ في معهدِ هارفارد تشان للعلومِ الصّحّيّة العامة، بالتّعاونِ مع زملائه على تقديمِ ومناقشةِ تلك الدراساتِ.

يقول: "إنّ هذه الدراساتِ تجريبيّةٌ ليس إلا، وإن ثبتتْ صحّتُها فعلاً فيُقدَّرُ أنّ كلَّ 77 مريضاً يعالجونَ من قبلِ طبيبٍ فوقَ سنّ 60 عاماً يمكنُ أن يقلَّ الخطرُ على مريضٍ واحدٍ حينَ يعالجُ من قبلِ طبيبٍ تحتَ سنّ 40 سنةً" (بحسبِ الإحصاءات التي خلصوا إليها).

يضيفُ د. تسوجاوا: "تُظْهِرُ النّتائجُ أن نسبةَ وفاةِ المرضى في ذاتِ المستشفى المُعَالَجينَ من قبلِ أطباءٍ دونَ سنّ الأربعين أقلُّ بـ11% من المرضى المُعَالَجِين من قبلِ أطباءٍ يفوقُ عمرهم الستين عاماً"، ويستدركُ قائلاً: "هذا الاختلافُ في نسبة الوفيّات يحاكي نسبةَ تأثيرِ استخدامِ دواءِ الكوليستيرل في خفضِ نسبةِ الوفيّات لمرضى أمراضِ القلبِ".

بالرّغمِ من ذلك ما زالتِ البيانات شحيحةً حولَ هذه النظريّةِ، لنجدَ أنّنا ما زلنا نقفُ على قاعدةٍ ضيقةٍ، حيث لم يُدْرَسِ اختلافُ جودةِ الخدمةِ الطّبّيّة باستفاضةٍ بينَ الأطباءِ بأعمارِهم المختلفةِ حتّى الآن، عدا عن دراسةٍ أجريتْ في عامِ 2005 بنتيجةٍ مشابهةٍ لمَا وصلَ إليه د. تسوجاوا وزملاؤه ليعلّق عليها قائلاً : "تتراكمُ المعرفةُ والمهارةُ الإكْلِينيكية لدى الأطباءِ الأكثرِ خبرةً ممّا قد يقدّمُ جودةً أفضلَ في الخدمةِ الطّبّيّة، وتكونُ معرّضةً للتراجعِ في حينِ عدمِ مواكبةِ آخرِ المستجداتِ في التّكْنِولوجيا والعلومِ الطّبّيّة أو البروتوكولات المتّبعةِ في الممارسةِ العمليّة" .

كما قامَ باحثو هارفارد باختيارٍ عشوائيّ لمرضى تمَّ إدخالهم لأسبابٍ طارئةٍ لدراسةِ نسبةِ الوفيّاتِ بينهم خلالَ ثلاثين يوماً من الدّخول، و قد تمّتْ متابعةُ حالتهم من قبلِ الأطباءِ المُعيّنينَ في جداولِ دوامِ المستشفى آنذاك.

تضمّنَتْ الشّريحةُ 736،537 حالةَ دخولٍ، معدّلُ أعمارِهم 80.5 سنةً بنسبة 60% نساءً وتلقوا الرعايةَ من قبلِ 18،854 طبيباً في مستشفياتِ الحالاتِ الطّارئة في أمريكا معدَّلُ أعمارِهم 41 سنة، ووجدتِ الدراسةُ المعدلَ الوسطيّ لنسبةِ الوفيّاتِ 11.1%، ويشير د. تسوجاوا إلى أنّه عندما تمتْ دراسةُ عيّنةٍ أصغرَ سنّاً من المرضى الذين تتراوحُ أعمارُهم بين خمسٍ وستينَ وخمسٍ وسبعينَ عاما (65-75) وهو العمرُ الأصغرُ سنّاً في هذه الشّريحةِ فقد أظهرتْ الإحصاءاتُ نتائجَ مشابهةً، واستُنْتَجَ أنّ الدراسة ستؤولُ لنتائجَ مشابهةٍ حتّى عندما تتمُّ دراسةُ مرضى دون سن 64 عاما .

فيما يلي مزيدٌ من التفاصيلِ الإحصائيّة التي تشملُ أعمارَ الأطبّاء مع نسبةِ الوفيّات المئويةِ لمرضاهم على التّوالي:

10،177- طبيبا دونَ سنّ 40 ، 10.8%

8016- طبيبا بينَ سن (41-49) ، 11.1%

3331- طبيبا بينَ سنّ (50-59)، 11.3%

1086- بعمر 60 فما فوق ، 12.1%

بذلك يمكنُنا الإشارةُ إلى أنّه مع زيادةِ عقدٍ واحدٍ في عمرِ الطبيبِ تزيدُ نسبةُ وفيّات المرضى بـ1%.

أما عن التّكاليفِ الطّبّيّة فوُجد أنّه مع كلّ عقدٍ تزيدُ التّكاليف بنسبة 2.4% .

يعلق د. تسوجاوا على النّتائجِ بقوله: " يتطلّبُ هذا الموضوعُ المزيدَ من البحثِ العلميّ لتبريرِ العلاقةِ الطردية بينَ عمر الأطباء ونسبةال وفيّات بينَ مرضاهم ".

يشير الكتّابُ لتلك الدراساتِ في الختامِ على أنّ رحلةَ المهنةِ الطبيّة تشهدُ كثيراً من التّطورات والتغيراتِ، وبالتّالي على ضرورةِ استئنافِ المسيرةِ التّعليميّة الطّبّيّة وإدخالِها في جداولِ عملِ الأطباءِ بشكلٍ مقبولٍ ومحتملٍ.

تبقى هذه الدراساتُ مصدراً لإشاراتٍ واستفساراتٍ واقتراحاتِ تطويرٍ أكثرَ منها مصدراً للأحكامِ التي لا يمكنُ أن تستخلصَ بصيغةٍ قطعيّة منها، وبانتظارِ ما سيجدّ في هذا المجالِ ندعوكم للتّأكدِ والاستفاضةِ من خلالِ متابعةِ المصدر.

المصدر: Medscape