الفيزياء والفلك > علم الفلك

بعض الذرّات في أجسامنا قد تكون تشكّلت خارج مجرتنا

استمع على ساوندكلاود 🎧

أن تنشأَ ذرةٌ ما في انفجارِ مستعرٍ أعظمٍ في مجرّتنا وتنطلقَ بسرعةٍ هائلةٍ لتستقرّ في كوكبنا، هو أمرٌ مثيرٌ للدّهشة! لكن ماذا عن فكرةِ "هجرةِ" بعضِ الذّرّاتِ من مجرّةٍ مجاورةٍ واستقرارها في أجسادِنا؟ هنا تتجاوزُ الفكرةُ حدودَ الدّهشةِ وحدودَ المجرّةِ أيضاً، لكنّها فكرةٌ توصّلت لها دراسةٌ فلكيّةٌ حديثة.

لطالما افترضنا أنّ المادةّ المُحيطةََ بنا قد تشكّلت على المستوى المحليّ، بعبارةٍ أخرى؛ افترضنا أنّ المادّةَ المُشكِّلةَ لكواكبِ المجموعةِ الشّمسيّةِ قد تكوّنت في مجرةِ دربِ التّبانة، لكنّ سلسلةً من العمليّاتِ الحاسوبيّةِ الحديثةِ الّتي تدرسُ نشوءَ المجموعةِ الشّمسيّةِ تقترحُ أنّ نصفَ تلكَ المادّةِ تقريبًا قد قدِمَ من مجرّاتٍ بعيدةٍ أخرى، في عمليّةٍ سمّيت "عمليّةٌ انتقالٍ مجرّيّةٍ" أو "Intergalactic Transfer". من المتوقّع أن تُغيّرَ هذهِ الظّاهرةُ من فهمنا العلميّ للعمليّةِ الّتي أدّت لتَشكِّلِ المجرّة.

قادَ الدّكتور "دانيال أنجلس ألكازار" الفريقَ البحثيّ الّذي أجرى الدراسةَ التّابعةَ لجامعةِ نورث ويسترن الأمريكية، حيثُ توصلّوا إلى نتائجَ مدهشةٍ عبر تنفيذِ محاكاةٍ عدديّةٍ متطوّرةٍ لإنتاجِ نماذجَ ثلاثيّةِ الأبعادِ للمجرّاتِ، فضلاً عن مُتابعةِ عمليّةِ تشكّلِها منذُ الانفجارِ العظيمِ وحتى يومِنا هذا، كما استخدمَ الفريقُ خوارزميّاتٍ متطوّرةٍ لمعالجةِ الكمّ الهائلِ من المعلوماتِ المُتعلّقةِ بأنماطِ اكتسابِ المادّةِ في المجرّات.

توصّل أنجلس ألكازار وزملاؤه خلال عمليّات تحليلِ البياناتِ إلى أنّ انفجاراتِ المُستَعِراتِ العُظمى تُطلقُ كميّاتٍ عظيمةٍ من الغازِ عبر المجرّاتِ، ممّا يُسبّبُ انتقالَ الذّرّاتِ من نظامٍ إلى نظامٍ مجاورٍ عن طريقِ الرّياح المَجرّيّة.

لاحظَ العلماءُ أيضاً أنّ هذا التّدفقَ من المادّةِ يميلُ إلى التّحركِ من النّظامِ الأصغرِ إلى النّظامِ الأكبرِ، ويمكنهُ أن يُساهمَ بما يصلُ إلى 50% من مجموعِ المادّةِ الموجودةِ في بعضِ المجرّات.

اقترحَ الفريقُ عن طريقِ هذا الدّليلِ أنّ أصلَ المادّةِ في مجرّتنا، بما في ذلكَ الموادّ المُكوِّنةِ للشّمس والأرضِ وحتّى النّاسَ الّذين يعيشونُ فوقَ سطحها، قد يكونُ أبعدَ بكثيرٍ من حدودِنا المحليّةِ المجرّيّةِ كما سادَ الاعتقادُ سابقاً.

نُشرِت الورقةُ البحثيّةُ في مجلّة "Monthly Notices of the Royal Astronomical Society" الشّهريّة. وأوضحَ أنجلس ألكازار:"يبدو أنّ كمّاً كبيراً من المادّةِ الموجودةِ في مجرّةِ دربِ التّبانةِ كانت في مجرّاتٍ أخرى قبل أن تنطلقّ بسببِ الرِّياحِ القويّةِ، لِتسافرَ عبرَ الفضاءِ متخطيّةً حدودها المجرّيّةِ، ولِتجدَ موطناً جديداً في مجرّةِ درب التّبانة".

يأملُ الفريقُ البحثيُّ حالياً أن يختبرَ التّوقّعاتِ الّتي حصلَ عليها من الدّراسةِ الحاسوبيّة عن طريقِ استخدامِ بياناتٍ حقيقيّةٍ جمعها مقرابُ هابل الفضائيّ وبعضُ المَراصدِ الأرضيّة.

المصدر: هنا