الفيزياء والفلك > فيزياء

خطوةٌ صينيّةٌ ناجحةٌ نحو شبكةِ إنترنت عالميّة كموميّة

استمع على ساوندكلاود 🎧

أعلنَ فريقٌ من الباحثين الصّينيّينَ عن أوّلِ مُحاولةٍ ناجحةٍ للنّقلِ الكُموميِّ إلى الفضاءِ اعتمادًا على القمرِ الصّناعيِّ ميكويس "Micius" الّذي تمَّ إطلاقُه في شهرِ آبٍ من العام 2016 والمُصمَّمِ خصّيصًا لأداءِ أهمِّ التّجاربِ الكُموميّةِ. وظَّفَ العُلماءُ زوجًا من الجُسيماتِ المُتشابكةِ لإعادةِ خلقِ فوتونٍ في الفضاءِ يمتلكُ خصائصَ مُطابقةً تمامًا لفوتونٍ موجودٍ على الأرضِ يبعُدُ عنه 1400 كم.

تُسمّى هذه العمليّةُ باِسمِ (النّقلِ الآنيِّ الكُموميِّ) وبالرّغمِ من أنَّ هذا الاسمَ يوحي بحدوثِ عمليّةِ نقلٍ فعليّةٍ إلّا أنَّه في الحقيقةِ لا توجدُ هُناكَ عمليّةُ نقلٍ لأيّةِ جسيماتٍ، بل هي مجرّدُ عمليّةِ نقلٍ لمعلوماتٍ مُحدّدةٍ عن جُسيم. قد يبدو هذا الكلامُ غريبًا علينا لكنّه في الحقيقةِ شائعٌ جدًّا في المخابرِ العلميّةِ العالميّةِ.

يُقصدُ بالتّشابكِ الكُموميِّ إنشاءُ زوجٍ من الجّسمياتِ الّتي تمتلكُ حالةً كُموميّةً مُشتركَةً. أي أنّهما يبدوان لنا جُسيمين مُنفصلَينِ ظاهريًّا لكنّهما يتصرّفانِ كأنّهما جُسيمٌ واحدٌ. إذا قُمنا بالتّأثيرِ على أحدِهما فسيتأثَّرُ الجُسيمُ الآخرُ آنيًّا حتّى لو لم يكن هناك تواصلٌ مُباشرٌ بينهما ومهما كانت المسافات الّتي تفصِلهما شاسعةً.

في عام 1993، اكتشفَ العُلماء أنّه بالإمكانِ توظيفُ هذه الظّاهرةِ من أجلِ نسخ الحالةِ الكُموميّةِ لجُسيمٍ ما وتطبيقِ الحالةِ ذاتِها على جُسيمٍ آخرَ، ممّا يجعل الجُسيمَ الثّاني مطابقًا تمامًا للجُسيمِ الأوّلِ بكلِِّ الخصائصِ والحالاتِ ولكنَّها فقط موجودةٌ في موقعٍ مُختلفٍ. فيبدو لنا الأمرُ وكأنّنا نسخنا الجُسيمةَ الأولى إلى مكانٍ ثانٍ أو (نقلناها آنيًّا). قد لا يبدو هذا منطقيًّا حياتنا اليوميّةِ، لكن علينا أن نتذكَّرَ أنَّ الذَّرةَ تعيش في عالمِها الخاص الّذي تحكمُهُ قوانينُ مختلفةٌ عن عالمِنا.

بما أنَّ النّقلَ الآنيَّ ينقُلُ نسخةً مُطابقةً من الجُسيمةِ الأولى، فيمكنُ استخدامُه لنقلِ البتَّاتِ الكموميّةِ qubits الّتي يستعملها العلماءُ في الكمبيوتراتِ الكُموميّةِ.

وبما أنّه لا يوجدُ نقلٌ فيزيائيٌّ فعليٌّ كما ذكرنا سابقًا، فإنَّ هذه التّجربةَ شائعةٌ جدًّا في العديدِ من المخابرِ حولَ العالمِ. فما هو الجّديد؟

أوّلًا، تحتاجُ هذه التّجربةُ في المخابرِ الأرضيّةِ إلى درجةٍ عاليةٍ جدًّا من الحساسيّةِ والدّقةِ. فما بالكَ بنجاحِها في قمرٍ صناعيٍّ يتحرّكُ فوقَ الأرضِ بسُرعاتٍ هائلةٍ، وهذا يُعتبرُ إنجازًا هندسيًّا رائعًا.

ثانيًا، يُركِّزُ الباحثونَ تفكيرَهم نحو الخطوةِ القادمةِ، فهم يملكونَ في ذهنهم مشروعًا أكبرَ بكثيرٍ، فهذه أوّلُ مرّةٍ يتمُّ فيها إرسالُ معلوماتٍ كُموميّةٍ من الأرضِ إلى قمرٍ صناعيٍّ لمسافةٍ كبيرةٍ، وهي مجرّدُ خطوةٍ أولى أساسيّةٍ نحو شبكةِ إنترنت كُموميّةٍ عالميّةٍ.

للمزيد حول التّشابك الكموميِّ : هنا

المصدر: هنا