الفيزياء والفلك > فيزياء

فيزياء بعض حيل الرجل العنكبوتي

استمع على ساوندكلاود 🎧

سنأخذكم ضمن هذا المقالِ في رحلةٍ حسابيّةٍ نتتبع فيها حِيَلَ سبايدر مان، ومن ثمّ سنناقشُ تلكَ الحِيل، أهيَ محضُ خيالٍ؟ أم يُمكن تحقيقه فعلاً؟

حيلةُ التّأرجحِ بين الأبنية:

شاهدنا جميعاً سبايدر مان يتنّقلُ عبرَ مدينةِ مانهاتن الأمريكيّةِ بسهولةٍ وبسرعةٍ، وذلكَ عبر إطلاقِ شِباكه إلى مناطقَ عاليةٍ مُتأرجحاً إلى الأمامِ ليُعيد الكرّة عند مبنىً آخر.

شِباكُ سبايدر مان ليست مزوّدةً بمحرّكاتِ دفعٍ كما هو الحالُ في الصّواريخ، فإذا تجاهلنا مقاومةَ الهواءِ تمكنّا من حسابِ سرعةِ إطلاقِ الشِباكِ الابتدائيّةِ للوصولِ إلى قممِ مباني مدينة مانهاتن.

يُمكن تطبيقُ القانونِ التّالي: v = 2gh

حيث تمثل v سرعة الشِباك، ويمثّل g ثابتَ تسارعِ الجاذبيّةِ على سطح الأرض وقيمته 9.81m/s^2 ويعني أنّ الجسم السّاقط على الأرض بتأثير الجاذبيّة فقط تزداد سرعته بمقدار 9.81 كلّ ثانية، أمّا h فيمثّل ارتفاع المبنى، وفي مثالنا هذا h=100 m.

بإدخال الأرقامِ إلى العلاقةِ نحصلُ على سرعةٍ للشِّباكِ تبلغ 44.29 متراً في كلّ ثانية، أو 159.5 كيلومتراً في كلّ ساعة. ما رأيكم؟ هل هذا سريعٌ بالنّسبة لكم؟ للمقارنة فقط، تُغادرُ رصاصةٌ من عيارِ 55 مم فُوهةَ البندقيّةِ بسرعةِ 300 متراً في الثانية؛ أي ما يعادلُ 1080 كيلومتراً في الساعة! إذاً تبدو سرعةُ الشِّباكِ معقولةً.

لنلقِ نظرةً على الصّورة التّالية

في هذه الصّورةِ يتأرجحُ سبايدر مان متمسّكاً بخيطٍ من الحِبال، وكما هو واضحٌ فالخيط رفيعٌ جداً. فهل هذا ممكن؟

نعلمُ أنّ خيوطَ العنكبوتِ متينةٌ جدّاً، لكنّ هذا لا يعني أنّها ليست قابلةً للتّمزّق. لنفترض أنّ سبايدر مان يستعملُ خيوطَ العنكبوتِ العاديّةِ الّتي ينسجها أيّ عنكبوتٍ حقيقيّ. لخيوطِ العنكبوتِ الاعتياديّة توتّرٌ يصلُ إلى 1000 ميغا باسكال؛ وهذا يعني أنّه إذا كانت مساحةُ مقطعِ الخيطِ متراً مربّعاً، فإن ذلك الخيطَ قادرٌ على تحمّلِ قوّةٍ تصلُ إلى مليارِ نيوتن. من الواضحِ في الصّورة أنّ مساحةَ ذلكَ الخيطِ لا تصلُ إلى المتر المربّع. لنقل إنّ للخيطَ نصفُ قطرٍ يُعادل 3 مم تقريباً، هذا يعني أنّ مساحةَ مقطعه تساوي 0.000007069 متراً مربّعاً، وبتطبيقِ العلاقةِ T=W/A أي W=TA (تُمثّل W القوّة بينما تُمثّل T الضّغطَ المُطبّق على الخيطِ وA مساحة مقطع الخيط) نحصلُ على القوّة الثّقاليّة الّتي يتحمّلها الخيط. نحصلُ بتعويض الأرقامِ على W=7069 N؛ هذا يعني أن الخيطَ قادرٌ على حملِ وزنٍ قدره 720 كيلو غرام. إذاً الخيطُ قويٌّ كفايةٍ ليتمكّن سبايدر مان من التّعلق به، ولكن هل هو قويٌّ كفايةً للتّأرجح؟

كما نعلم فعندَ الوقوعِ ومن ثمّ التّعلق فإنّنا نُطبّق قوةً إضافيّةً. بالنّظرِ إلى شخصيّةِ سبايدر مان، يُمكنُ القولُ إنّ كتلته تصلُ إلى 60 كيلو غراماً، فحتّى لو كان سبايدر مان يهوي بسرعةٍ، فإنّ للحبال القُدرةَ على حمل وزنه ومنعه من السّقوط.

أي يمكننا القولُ إنّ الحِبال قويةٌ بالفعل بما يكفي ليتمكّن سبايدر مان من التّنقلِ عبر مدينة مانهاتن بسهولةٍ وسرعة. لكنّ الأمرَ لا يتوقّف عند التّنقل، بل إن سبايدر مان يستعملُ حباله لأشياءَ أخرى.

حيلةُ منعِ الباخرةِ من الغرقِ باستعمال الحِبال:

لنشاهد سويّاً هذا المقطعَ الصغيرَ من الفيلم:

في هذا المقطعِ يقسمُ الشّريرُ فولتر باخرةً سياحيةً مليئةً بالرّكابِ إلى قسمين، ليتدخّل بعدَها بطلُنا ذي الرّداءِ الأحمرِ والأزرقِ في محاولةٍ لمنعِ غرقِ الباخرة، وذلكَ بربطِ قسمي الباخرةِ بخيوطهِ ومن ثمّ محاولةِ شدّ الطّرفين معاً، فهل هذا ممكن؟

لننظر إلى الأمرِ من وجهة نظرٍ فيزيائيّة.

تصلُ كتلةُ باخرةٍ كهذه إلى 3200 طن، ويصلُ عرضُها إلى 21 متراً. فإذا افترضنا أن فولتر قطعَ السّفينةَ من المنتصفِ تماماً، فهذا يعني أن لدينا قطعتينِ تصلُ كتلةُ كلٍّ منهما إلى 1600 طن؛ أي ما يعادل 1600000 كغ. كلّ قطعةٍ تخضعُ لقوّةٍ ثقاليّةٍ قدرها 15696000 نيوتن. تُطبّقُ قوّةُ الثّقلِ في مركزِ الثّقل؛ أي على مسافةِ 5.25 مترٍ تقريباً من موقعِ الشقّ. يحاولُ سبايدر مان جذبَ القِطعتينِ معاً؛ أي أنّه يخضعُ لعزمٍ قدره: M=2Fd (تُمثّل M العزم بينما تمثّلُ F القوّة المطبّقة و d ذراع القوّة) بالتعويض نجد: M=1648308000 Nm. لنفترض الآن أنّ ارتفاعَ الباخرةِ 21 متراً أيضاً، ولنفترض أنّ سبايدر مان يحاولُ شدّ القِسمين معاً عندَ المُنتصف تماماً؛ أي على ارتفاعِ 10.5 متراً. يمكننا حسابُ القوّةِ اللازمة لشدّ الشقّين سوياً. M=2Fd أي F=M/2d، نحصلُ بالتّعويض على: F=7848000 نيوتن.

يمكننا الآن حسابُ عددِ الشّباكِ اللازمة لمنع الشقّينِ من الغرق:

لنحسب في البدايةِ مساحة مقطعِ الشّبكةِ الوحيدةِ الّتي يُمكنها إنجازُ تلك المهمة: T=F/A أي: A=F/T. نحصلُ بالتّعويض على: 0.015695 متراً مربعاً. لكنّ بطلنا يمتلكُ شباكاً مساحة مقطعها 0.000007069 متراً مربعاً، وهذا يعني أنّه بحاجةٍ إلى 2220 شبكةٍ لكلّ جزء من السّفينةِ ليصلَ الى الثّخانة المطلوبة وينجز المهمّة المطلوبة. على الرّغم أنّ سبايدر مان يُطلق العديدَ من الشِّباك، إلا أنّه لم يُجرِ الحساباتِ المطلوبةِ ولم يُطلق عدداً كافياً من الشِّباك، لذا فإنّه بحاجةٍ ماسّة إلى المُساعدة، وإلا فإنّ سبايدر مان سيلقى حتفه مع الكثيرِ من ركّابِ تلك السّفينة، ولكننا لن نخبركم بما حدث حتى لا نفسد عليكم فرصتكم في الاستمتاع بالفيلم، مشاهدةً ممتعة!

المصادر:

هنا