الهندسة والآليات > منوعات هندسية

السفر عبر الزمن - الجزء 2: الوسائل الممكنة

استمع على ساوندكلاود 🎧

وسائل السفر عبر الزمن:

1- الثقوب الدودية Through the wormhole:

في عام 1935؛ استفاد أينشتاين والفيزيائي ناثان روزن "Nathan Rosen" من نتائج النظرية النسبية العامة لإنشاء جسور في الزمكان أُطلق عليها اسم الثقوب الدودية "wormholes" أو جسور أينشتاين وروزن "Einstein-Rosen bridges".

ليست الثقوب الدودية -حقيقةً- وسيلةً للسفر عبر الزمن؛ وإنَّما هي طرقٌ مختصرة يمكنها أن تقلِّل زمنَ الرّحلة والمسافة إذ تجعل الوصول إلى الجسم البعيد أسرع، فلنتخيل الشكل السابق على أنه ورقة مطوية فإن المسافة بين حافتيها عند طيها هي أقصر بكثير مما إذا كانت مستوية. وعلى الرغم من قابلية السفر عبر الثقوب الدودية وفقاً للنسبية العامة إلا أنَّ العملية ليست بتلك البساطة، إذ لم يتمكّن العلماء من رصدها بعدُ؛ بالإضافة إلى سببين آخرين:

الثقوب الدودية البدائية دقيقة وصغيرة جداً سنتيمتراً ويستلزم توسيعها طاقة سلبية مضادة للجاذبية الأرضية، ولكن احتمالية وجود ثقوب بأحجام أكبر ممكنةٌ طالما أن الكون آخذٌ في الاتساع.

من المتوقع انهيارها بسهولة، ولكن بينت الأبحاث أن احتواء الثقوب الدودية على مادة "exotic"* يمكن أن تُبقي الثقب متماسكاً لفترات زمنية أطول. وإذا كان وجود تلك المادة ممكناً سواء طبيعياً أم بفعل العلماء فستكون الثقوب الدودية طريقة فعالة للسفر عبر الزمن نظرياً أو حتى لإرسال المعلومات فقط [4].

2- الثقوب السوداء Black holes:

يوجد إمكانية أخرى للسفر عبر الزمن من خلال دوران المركبة الفضائية بسرعة الضوء حول الثقوب السوداء؛ وقد اكتُشِفَت الثقوب السوداء بعد نظرية النسبية العامة لأينشتاين ولم تُقَرَّ إلا في عام 1967 على يد الفيزيائي جون ويلر John Wheeler"" إذ تبين أنها تنشأ إثر موت نجم ضخم تاركاً خلفه نواة كثيفة، وفي حال كانت كتلة هذه النواة أكبر من كتلة الشمس بثلاث مرات فإنها ستنضغط بشدة على نفسها بفعل قوة جاذبيتها لتشكل ثقباً أسوداً.

إن الثقوب السوداء فائقة الكتلة إذ تزيد كتلتها على الكتل الشمسية بملايين المرات أو أكثر، وكذلك فإنّ حقول الجاذبية المتولدة داخلها كبيرةٌ جداً وينحني الزمكان بسببها ولا يتمكن أي جسم من النفاذ منها حتى الضوء، وإذا حدث ومررت في ثقب أسود فسيكون احتمالاً ضعيفاً أن تخرج حياً منه. ولم يتمكن العلماء من رصد الثقوب السوداء بتلك التيليسكوبات التي ترصد الأشعة السينية أو الضوء أو أي نوع من الإشعاعات الإلكترومغناطيسية؛ ولكن تنبؤوا بوجودها من خلال تأثيرها على ما حولها [5]..أما من ناحية استخدامها للسفر عبر الزمن؛ فقد أوضح الفيزيائي الشهير ستيف هوكينغ أن دوران رائد فضاء في مركبته الفضائية حول الثقب الأسود لمدة خمس سنوات تقابل عشر سنوات على الأرض، فإذا كان عمره 20 عاماً فسوف يكون عمره 25 عندما يعود إلى الأرض؛ في حين سيكون أخوه التوأم قد أصبح 30 عاماً[1] .

3- الأسطوانة اللا محدودة Infinite cylinder أو (اسطوانة تبلر Tipler Cylinder):

جاءت فكرة الأسطوانة بوصفها وسيلة للسفر عبر الزمن اعتماداً على نظرية النسبية العامة؛ ولكن لم يجري ذلك فعليّاً إلا على يد الفلكي فرانك تبلر عام 1974 وهي أسطوانة طويلة؛ وسريعة الدوران، وكثيفة الكتلة؛ إذ تزيدُ كتلتُها عن كتلة الشمس بعشر مرات، وعند دورانها بليون دورة حول محورها في الدقيقة الواحدة ستخلف وراءها منحنيات زمنية مغلقة يمكن أن تسافر عليها المركبات الفضائية المجاورة وتعود إلى الماضي فقط، إذ سيؤدي دورانُها إلى نشوء ملايين لا بل بلايين السنوات من نقطة البداية وربما لمجرات عديدة وبعيدة.

ويوجد بعض القيود لهذه الطريقة، وكذلك يجب أن تكون الأسطوانة طويلة ولا نهاية لها حتّى تكون مهيّأة لإجراء رحلة زمنية عبرها [1] [6].

4- السلاسل الكونية Cosmic strings:

عرض فكرة السلاسل الكونية الفيزيائي J. Richard Gott"" عام 1991 وهي عبارة عن خيوط رفيعة جداً من الطاقة تمتد عبر الكون الآخذ في الاتساع، ويُعتقد أن الكون قد خلّفها منذ بداية تكوينه وأنها تحتوي كميات هائلة من الكتلة، ممّا يسبِّبُ انحناء مستوى الزمكان من حولها.

يفترضُ العلماء بأن السلاسل الكونية إما أن تكون غير محدودة؛ وإمّا على شكل حلقات لا نهاية لها، وعند اقتراب سلسلتَين كونيّتَين بعضهما من بعضٍ بالتّوازي فسوف يؤدي ذلك إلى انحناء في مستوى الزمكان، وهذا يجعل إمكانية السفر عبر الزمن ممكنة نظرياً [7] [1].

لم ينتهِ مقالنا بعدُ، وسنتكلّم في الجزء الأخير عن آلات الزمن ومقدار الطاقة اللازمة لتشغيلها، كذلكَ ماذا لو عدت إلى الماضي وقتلت جدك! فماذا سيحدث؟!

الهامش*:

"exotic": شكل غريب من المادة يحتوي على كثافة الطاقة السلبية وضغط سلبي كبير، شوهدت في حالات محددة للفراغ كجزء من نظرية الحقل الكمي.

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا

3 - هنا

4 - هنا

5 - هنا