الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

قلمٌ صغير يوفر مياه شربٍ آمنة في كل مكان!

استمع على ساوندكلاود 🎧

تتنوع طرائقُ تعقيم مياه الشرب بين طرائق كيميائية كإضافة الكلور أو اليود، وأخرى فيزيائية كالترشيح والمعالجة الحرارية، ولن يكون بإمكاننا اصطحاب مثل تلك المنشآت لتعقيم المياه التي نحتاجها أثناء رحلة أو سفرٍ، وإنما نعتمد على طريقة تعقيم بديلة وهي الأشعة فوق البنفسجيّة، حيث سنتكلم هنا عن أحدِ تطبيقاتها وهو جهازٌ يسمّى SteriPEN.

تحتوي الشّمسُ بالإضافةِ إلى طيفها المرئيِّ على أشعّةٍ فوقَ بنفسجيّةٍ تمثِّلُ شعاعاً كهرطيسيّاً لهُ أطوالُ موجاتٍ أقلُّ منَ الضّوءِ المرئيِّ الّذي تتراوحُ أطوالُ موجاتهِ بينَ (780-400) نانو متر، وهذه الأشعّة مقسّمةٌ إلى ثلاثِ مجموعاتٍ

1. UV-A لها طولُ موجةٍ بينَ (400-315) نانومتر.

2. UV-B لها طولُ موجةٍ بينَ (280-315) نانومتر.

3. UV-C لها طولُ موجةٍ بينَ (280-200) نانومتر.

لكنْ لا يصل إلى الأرضِ منها إلّا UV-A، وUV-B حيث تُمتصُّ كافّة الإشعاعاتِ منْ نوعِ UV-C في الغلافِ الجويِّ. وجهازُ SteriPEN هو جهازٌ محمولٌ باليدِ لتعقيمِ المياهِ بالأشعّةِ فوقَ البنفسجيّةِ (UV) يدّعي مصنِّعُهُ أنّ فعاليّتهَ في تخفيض البكتيريا والفيروساتِ والأوّليّاتِ تصل إلى 99.99% على أقلِّ تقدير.

يشبهُ الجهازُ في شكلهِ قلمَ الكتابةِ ومنْ هنا جاءَ اسمهُ "قلم التطهير"، ويحتوي في بدايتهِ على مصباحٍ يصدرُ الأشعّةَ فوقَ البنفسجيّةِ بالإضافةِ إلى جزءٍ منَ الأشعّةِ المرئيّةِ للدّلالةِ على أنَّ الجهازَ قيدُ العمل. أمّا بالنّسبةِ لآليّةِ المعالجةِ فإنَّ الضّررَ الحاصلَ للمتعضّياتِ بسببِ الأشعّةِ فوقَ البنفسجيّةِ يؤثّرُ مباشرةً على الـ DNA حيثُ تُدفَعُ أسسُ الثايمين (1) لتشكيلِ ديمرات (2)، ولذلكَ فإنَّ الأنزيماتِ المسؤولةِ عنْ نسخِ الـ DNA أثناءَ عمليّةِ انقسامِ الخلايا تصبحُ غيرَ قادرةٍ على العمل.

بالتّالي فإنَّ الأشعّةَ فوقَ البنفسجيّةِ تملكُ خاصيّةً كابحةً للجراثيمِ والبكتيرياتِ ولكنّها ليستْ قاتلةً للبكتيريا بشكلٍ أساسيّ، أي أنَّ المياهَ المعالجةَ باستخدامِ STERIPEN مطهّرةٌ ولكنّها ليستْ عقيمة. قامَ بعضُ الباحثينَ بإجراءِ عدّةِ تجاربَ للتّحقّقِ منْ فعاليّةِ الجهازِ، وشملتْ هذهِ التّجاربُ عيّناتٍ منَ المياهِ الحاويةِ على تراكيزَ مختلفةٍ منَ البكتيريا المتنوّعةِ وباستخدامِ عدّةِ أنواعٍ منَ العبوات، وقدْ أثبتَ الجهازُ بنتيجةِ الاختبارِ فعاليّةً عاليةً لمعالجةِ المياهِ في جميع العبوات شرطَ أنْ تتمَّ المعالجةُ بالطّريقةِ الصّحيحة، وألا يزيد حجمها عنْ ليترٍ واحد.

إذا استخدمت العبواتُ البلاستيكيّةُ أوِ الزّجاجيّةُ فإنها تحجُب الأشعّةِ فوقَ البنفسجيّةِ منَ النّوعين B، وC بينما يمرُّ جزءٌ من الأشعّة من النّوعِ A بالإضافةِ إلى الطّيفِ المرئيِّ، وهذا لا يؤدّي إلى أيّةِ آثارٍ سلبيّة، أمّا استُخدِم الجهازِ في وعاءٍ ذو فمٍ كبيرٍ فإنَّ جزءاً منَ الأشعّةِ منَ النّوعِ C ينعكسُ باتّجاهِ سطحِ المياه، ولذلكَ ينصحُ بعدمِ النّظرِ إلى الجهازِ مباشرةً أثناءَ عملهِ أو ارتداءُ نظّاراتٍ واقية.

منَ الضّروريِّ جدّاً تحريكُ المياهِ أثناءَ تطبيقِ المعالجةِ بالأشعّةِ لضمانِ جودةِ المعالجةِ كما أنَّ جميعَ القطراتِ المتجمعّةِ على العبوةِ منَ الخارجِ أو على غطاءِ العبوةِ لا تعتبرُ معقّمةً ولذلكَ ينصحُ بتجفيفِ العبوةِ تماماً. يقومُ الجهازُ بمعالجةِ المياهِ بشكلٍ صحيحٍ فقطْ في حالِ كانتِ المياهُ صافيةً، لذا يًنصحُ بترشيحِ المياهِ قبلَ المعالجةِ.

بالنتيجة يتميّزُ الجهازُ بفعاليّةِ معالجةٍ عاليةٍ وزمنٍ قليلٍ جدّاً للمعالجةِ لا يتجاوزُ 90 ثانيةً، كما أنّ المياهَ بعدَ المعالجةِ تكونُ صالحةً للاستهلاكِ مباشرةً على عكسِ المعالجةِ الحراريّةِ الّتي تحتاجُ وقتاً لتبريدِ المياه. لكنْ على الرّغمِ منْ هذه المزايا فللجهازِ بعضَ السّلبيّاتِ التشغيلية كاستخدامه للبطاريات في العمل وبالتّالي دورةُ عملهِ محدودةٌ بهذهِ البطّاريّاتِ إلى أنْ يتمَّ استبدالها، كما أنه لا يقومُ بتخليصِ المياهِ منَ الموادِّ السّامّةِ والمعادنِ الثّقيلةِ شأنهُ شأنُ جميعِ عمليّاتِ المعالجةِ التي تفتقرُ التّرشيح.

بكافة الأحوال، استخدام لجهاز لتعقيم المياه قبل شربها يبقى أقل سوءاً من شربها بدون معالجة!


الهوامش

(1) الثايمين Thymine: هو أحد مركبات البيريميدين وهو أحد الوحدات الأساسية لبناء DNA.

(2) ديمرات Dimers: هو جزيء يتكون من وحدتين متشابهين أو وحدتين مرتبطين معاً، مثل السكروز الذي يتكون من جزيء جلوكوز وجزيء فركتوز.

المصدر

هنا