الهندسة والآليات > منوعات هندسية

حمض النمل يدخل عالم السيارات

استمع على ساوندكلاود 🎧

قام عدد من الطلاب من جامعة آيندهوفن "Eindhoven" للتكنولوجيا في هولندا بالعمل على تطوير طريقة جديدة لتشغيل مركبةٍ كهربائيةٍ بالاعتماداً على حمض الفورميك أو ما يسمى بحمض النمل.

الطلاب البالغ عددهم خمسة وثلاثون طالباً يتبعون لفريق "FAST" الذي يعمل على فكرة النقل المستدام لفترة معينة، حيث اعتمدوا بشكلٍ أساسي على حمض الفورميك ذي الصيغة (CH2O2) الذي يُستخرج طبيعياً من أوراق نبات القرّاص اللاذع كما يُفرزه النمل عندما يشعر بالخطر، إضافة لإمكانية إنتاجه تجارياً، وله استعمالاتٌ عديدة كالحفاظ على الأغذية الحيوانية ودباغة الجلود.

يرتكز النظام الذي عمل عليه الفريق على حافلةٍ كهربائيةٍ ترتبط بها مقطورةٌ صغيرة حيث يتم تحويل حمض الفورميك إلى طاقةٍ كهربائية.

عمل الفريق على تشكيل خليط مكوَّن من نسبة 99% من حمض الفورميك ممزوج بمادة مُضيفة agent لتحسين عامل الأداء، فحصلوا بذلك على الهيدروزين " hydrozine" وهو الاسم الذي تم إطلاقه على المادة الكيميائية، وتُنتِج هذه المادة نتيجة انقسامها ثنائي أوكسيد الكربون والماءَ المكوَّن من الأوكسجين والهيدروجين.

آلية العمل:

بما أن حمض الفورميك يحتوي في صيغته الكيميائية على ذرات الهيدروجين والأكسجين والكربون، فإن الانبعاثات الناتجة عنه هي الماء وثنائي أكسيد الكربون فقط خلافاً للوقود الذي نعرفه والذي تنبعث منه غازات سامة مثل أكسيد النتريك والكبريت، كما أنه صديقٌ للبيئة مثل الهيدروجين ولكن أهميته تكمن بتكلفته المنخفضة مقارنة بالهيدروجين.

تصل سعة خزان وقود الهيدروزين إلى 300 لتر وهي تزيد مسافة سير الحافلة بمقدار 200 كيلومتر، مع العلم أن الحافلات العاملة بوقود الهيدروجين الحالية تستطيع السير لمسافة تزيد عن 400 كيلومتر.

للهيدروزين كثافةٌ أكبر بأربع مراتٍ من كثافة البطارية كما أن طبيعة المادة السائلة تجعل منه مادةً سهلةً للنقل والتعبئة، وقد تم فعلياً بناءُ أول محطة وقود لتعبئة الهيدروزين.

يتم تجزئة الهيدروزين داخل الحافلة إلى عناصره الأساسية أي الماء(H2O)وثنائي أكسيد الكربون (CO2) الذي يُطلَق من المركبة إلى الهواء أمّا الهيدروجين فتتم إضافته إلى خلية وقود حيث يتفاعل مع الأكسجيين لإنتاج الطاقة الكهربائية التي يحوّلها المحرك الكهربائي إلى طاقة ميكانيكية تقوم بتحريك المركبة.

يعود غاز ثنائي أكسيد الكربون الذي انطلق إلى الهواء مجدداً إلى محطات الوقود ليشترك في عملية تكوين الهيدروزين ومن ثمَّ ليتم استخدامه مرةً أخرى وهكذا تتشكل حلقة مغلقة وبالتالي نحصل على طاقةٍ متجددةٍ ناتجةٍ عن حمض الفورميك في الأصل.

ومقطع الفيديو التالي يوضح هذه الحلقة المغلقة الناتجة علماً أن آلية استعادة غاز ثنائي أوكسيد الكربون من الهواء في محطة الوقود غير موضَّحة ضمن البحث المنشور

لا تزال الاختبارات جاريةً ولكن من المتوقع أن يتم تشغيل الحافلة لتعمل بشكلٍ نظامي في أواخر العام الجاري.

لماذا تم العمل على حافلة وليس سيارة؟

يوضّح أحد أعضاء الفريق بأن تطويرهم لحافلة كان متعمّداً وهذا ما قاله:

" إذا قمنا بتطوير سيارة فإننا سندخل مضمار المنافسة مع السيارات الكهربائية الأخرى، ونحن مقتنعون بأن البطارية التي تقوم بتشغيل السيارة الكهربائية تعتبر الحلَّ الأمثل للكثير من الناس، ولكن إذا استطعنا أن نطوِّرحافلة تلبي احتياجاتِ شركات الحافلات بمسافة تزيد عن 400 كيلومتر مع تعبئةٍ سريعةٍ للوقود، عندها سنُظهِر إمكانية الهيدروزين في قطاعٍ لا توجد فيه منافسة في مجال الطاقة المتجددة حتى الآن"

بقي أن نذكر أن التجارب الأولى للمشروع بدأت من خلال العمل على نموذج مصغّر أبعاده متر واحد وأُطلِق عليه اسم "Junior" والذي أثبت إمكانية القيادة باستخدام الهيدروزين، أما الخطوة التالية فكانت مع الحافلة التي تحدثنا عنها وبلغ طولها 25 متراً وحملت اسم "REX".

إن الجهود التي بذلها فريق FAST رائعة ومبهرة وتعتبر خطوة هامة نحو مستقبل نظيف باستخدام حمض الفورميك.

المصادر:

هنا

هنا