الهندسة والآليات > تكنولوجيا الفضاء

تجربة شركة SpaceX

استمع على ساوندكلاود 🎧

قامت شركة SpaceX التّابعةِ لإيلون ماسك بتحقيقِ وعدِها في تخفيضِ الكلفةِ العاليةِ لإطلاقِ الأشياءِ إلى الفضاءِ، وذلك عبرَ إعادةِ استخدامِ الجزءِ السُّفليِّ من صاروخِ Falcon 9 البالغِ طوله سبعونَ متراً، ويدعى مسرِّع المرحلة الأولى. تمَّ إطلاقه سابقاً في 8 نيسان 2016.

قامَ هذا المُسرِّعُ حينها بتوصيلِ قمرٍ اصطناعيٍّ إلى مداره، وهبطَ إلى الأرضِ موازناً نفسَه ليهبطَ على سفينةٍ ذاتيّةِ القيادةِ في المحيطِ الأطلسيِّ. كانت تلك تجربةً غيرَ اعتياديّةٍ. حيثُ أنَّه بعد انتهاءِ عمليّةِ الإطلاقِ، تتحطَّمُ كلُّ أجزاءِ الصّاروخِ في المحيط وتغرقُ نحو القاع، ولا يتمُّ أبداً استعادتها أو رؤيتها مرَّةً ثانيةً. يكلِّفُ

المُسرِّعُ عشراتِ ملايينِ الدُّولاراتِ، فهو الجزءُ الأغلى في الصَّواريخِ ثنائيّةِ المرحلة.

يقولُ الخبراءُ أنَّ الزَّبائنَ الّذينَ استخدموا صواريخَ SpaceX في إطلاقِ الأقمارِ الاصطناعيّةِ ولوازمِ محطَّاتِ الفضاءِ سابقاً، يمكنهم أن يوفِّروا نحوَ 30 بالمئة من سعرِ الصَّاروخِ Falcon 9 الّذي يُكلِّفُ 62 مليون دولار أميركيّ.

يُعَدُّ نظامُ صواريخِ SpaceX المداريّةِ في الأساسِ أرخصَ الأنظمةِ الّتي تستخدُمها شركاتُ الفضاءِ في

العالم، وتخفيضٌ كهذا قد يوفِّرُ علاوةً على ذلك 18 مليون دولارٍ أميركيٍّ لكلِّ إطلاقٍ تقومُ به تلكَ الشَّركاتِ.

أكدَّ جون لوغسدون قبلَ إطلاقِ الصَّاروخِ، وهو خبيرٌ في سياسةِ الفضاءِ ومؤرِّخٌ في معهدِ سياسةِ الفضاءِ في جامعةِ جورج واشنطن، في تصريحٍ لمجلَّةِ Business Insider، أنَّ هذا العملَ يَعِدُ بثورةٍ.

يقولُ: "إنَّ إعادةَ الاستخدامِ كانَ حُلماً في مجالِ الوصولِ للفضاءِ لوقتٍ طويلٍ جدَّاً."

تُعدُّ هذه الرّحلاتِ التَّمثيليّةِ مثلَ إطلاقِ وهبوطِ صاروخِ spaceX، ضروريّةً لإثباتِ فعاليّةِ نظامِ الصَّاروخِ كما هو متوقَّعٌ. ولكنَّه خطيرٌ أيضاً كونَهم سيختبرونَ تجهيزاتٍ جديدةٍ فشلُها محتملٌ.

لهذا السّببِ لا يتمُّ تحميلُ تلكِ الرَّحلاتِ بحمولاتٍ قيّمةٍ حتّى تكونَ الخسائرُ أقلَّ في حالِ الفشلِ، خاصّةً أنَّ الحمولاتِ عادةً تكونُ أقماراً اصطناعيّةً يصلُ ثمنُها إلى مئاتِ ملايينِ الدُّولاراتِ.

كانت شركة SES وهي شركةُ اتّصالاتٍ مقرُّها في لوكسمبورغ، تتابع SpaceX لتكونَ الأولى الّتي

تُطلقُ شيئاً بواسطةِ مُسرِّعٍ مُستعمَل.

في هذه الحالة، يحمل الصَّاروخُ قمرًا يُدعى SES-10 والّذي سيقومُ بتزويدِ الإنترنت والتَّغطيّةِ التّلفزيونيّةِ لمعظمِ أميريكا الوسطى وجنوبِ أميريكا.

سيقومُ مُسرِّعُ SpaceX بقذفِ صاروخِ المرحلةِ الثَّانيةِ عشراتِ الأميالِ فوقَ الأرضِ، ثمَّ ينفصلُ

عنه. بعدها، يقومُ صاروخُ المرحلةِ الثَّانيةِ بأخذِ SES-10 إلى مدارِهِ الّذي يبعدُ حوالي 35 ألفَ كيلومترٍ فوقَ الكوكب. في هذه الأثناءِ يعودُ المُسرِّعُ إلى المحيطِ ويهبِطُ فوقَ سفينةٍ.

قال ماركوس باير- مديرُ الاتصالات العالمية في SES- : "حيثُما نستطيعُ تغييرَ معادلةِ الصّناعةِ سوفَ نفعل، نطمحُ دائماً لنكونَ الأوّل."

قامت SpaceX بتصميم Falcon 9 منذ البدايةِ ليكونَ قابلاً لإعادةِ الاستعمالِ، ومعظمُ تكلفةِ البناءِ

ذهبَت في مُسرِّعِ المرحلة الأولى.

كلَّفت إعادةُ ملءِ الصَّاروخِ بسائلِ RP-1 (نوع من الكيروسين) والأوكسجين السَّائل (لحرقِ الوقود) حوالي 200،000 دولار.

يقول الخبراءُ: "المُسرِّعُ ليس مجرَّدَ اكسسواراتٍ إضافيّةٍ. هناك تسعُ محرِّكاتٍ صاروخيّةٍ في المرحلةِ الأولى، بينما يوجدُ محرِّكٌ واحد في الثَّانية. والمحرِّكاتُ هي العنصرُ الأغلى ثمناً". بذلك نرى أنَّ Falcon 9 من البدايةِ كانَّ مصمَّماً ليكونَ سهلَ الإصلاحِ والاستعمالِ.

يقولُ الخبراء: "هذا يوضِّحُ الفكرةَ الأساسيَّةَ الّتي نهدفُ إليها وهي إطلاقُ الأشياءِ ثمَّ استعادتِها وتجهيزِها للإطلاقِ مرَّةً ثانيّةً بتكلفةٍ مُنخفضةٍ، وإطلاقِها ثانيةً".

حاول المهندسونَ لعقودٍ أن يبنوا أنظمةَ إطلاقٍ يمكن إعادةُ استعمالها، وكانَ المثالُ الأبرزُ هو المكّوكُ الفضائيُّ الّذي صمَّمته NASA وشركاؤها، لكنَّهم لم يحصلوا على النَّجاحِ المطلوبِ. مع ذلكَ كانت تلك المحاولاتُ في السَّنواتِ الماضيةِ حافزاً لصُنعِ أنظمةِ إطلاقٍ يمكنُ إعادة استعمالها.

حتّى قامت SpaceX في 30/3/2017 بإطلاقِ صاروخِ Falcon 9، وجهَّزت له سفينةً بدونِ قيادةٍ (أطلقت عليها اسماً كوميديّاً of course I still love you "سأبقى أحبُّك طبعاً")، وثبَّتت كاميراتٍ حول السَّفينةِ لتُسجِّلَ هبوطَ المُسرِّعِ المُعادِ استخدامه.

ونشرت الفيديو أدناه على حسابِها على إنستغرام:

ولكي تتضحَ لديكم الأحجامُ الحقيقيّةُ للنِّظامِ، تجدونَ في الصُّورةِ أدناه صورةً كاملةً لـ Falcon 9 يتمُّ سحبَه إلى منصَّةِ الإطلاقِ:

يمكنُ القولَ إنَّ تلك اللَّحظة هي الأكثرُ أهميَّةً في تاريخِ SpaceX. يقول إيلون ماسك:

"عملنا 15 سنةً للوصولِ إلى هذه النّقطةِ، أعجزُ عن التَّعبير."

هذا الصّيف، شركةُ ماسك أيضًا ولأوّلِ مرَّةٍ بصددِ عرضِ نظامِ إطلاقِ صاروخِ Falcon Heavy

المُشابهِ لنظامِ Falcon 9 من حيثُ إمكانيّةِ إعادةِ الاستعمالِ ولكنَّه أكثرُ قوّةً. كما تُخطِّطُ لإرسالِ أوَّلِ المسافرينَ البشرِ إلى الفضاءِ في 2018، بالإضافةِ إلى تغطيةِ الأرضِ بـ 4425 قمرٍ اصطناعيٍّ يزوِّدونا بإنترنت عالي السِّرعة.

ربَّما تقوم شركةُ ماسك مستقبلًا بغزوٍ بشريٍّ للمرِّيخِ، وربَّما إنقاذَ الجنسِ البشريِّ. إلى ذلك الحين دمتم بخير!

المصدر:

هنا