الفيزياء والفلك > فيزياء

كيف تنجو من مقلب

استمع على ساوندكلاود 🎧

تخيّل أنّك وقعت ضحيّة البرنامجِ الشّهير "رامز تحت الأرض"!

عالِقٌ في الرّمال المُتحرّكة، وتحاولُ أن تسحبَ ساقيكَ بكلّ قوّتك لكنّك عاجزٌ عن الخروجِ من هذه الرّمال. لست عالقاً فقط، وتدرك أيضاً أنّك تغرقُ ببطءٍ في الوحل إلى أجلٍ غير مُسمّى.

تتشكّلُ الرّمالُ المُتحرّكةُ عندما تختلطُ مادّةٌ مِثلَ الرّمل أو الطّميِ مع الطّينِ بكميّاتٍ كبيرة مِن الماء. تُصبحُ الرّمالُ مُشبعةً بِالماءِ بحيثُ يؤدّي أيّ ضغطٍ مفاجىءٍ عليها (كالمشي فوقها) إلى انهيارها.

تُصنّف الرّمالُ المُتحرّكة فيزيائيّاً ضمن خانةِ الموائِع غيرِ النيوتونيّة "Non-Newtonian Fluid". إذا نظرتُم إليها، فإنّها تبدو صلبةً ومُتماسكة، لكن إذا ضغطتّ عليها ولو قليلًا، فإنّ لزوجَتها تنخفِض فورًا. ما معنى هذا؟ إذا أدخلتَ إصبعكَ في كوبِ ماءٍ فإنّ باستطاعتك إيصالها إلى قعر الكوبِ دون بذلِ الكثيرِ من الجُهد، لأنّ لزوجةََ المياهِ مُنخفِضة. أما إذا حاولتَ إدخال إصبعِك في كوبٍ من العسلِ فسيكونُ الوصولُ إلى قاعِ الكوبِ أصعبَ قليلًا، لأنّ لزوجةََ العسلِ أعلى من لزوجةِ الماء. لذلك، عِندما يمشي حيوانٌ أو إنسانٌ فوقَ الرّمال المُتحرّكةِ، فإنّهُ يُمارِسُ ضغطًا إضافيًا على اللّزوجة لجعلها أكثرَ مُرونةً، مما يجعلهُ يغرقُ فيها.

على الرّغم ممّا نراه على شاشةِ التلفازِ أو نقرؤهُ في بعض الروايات، نادرًا ما تبتلعُ الرّمالُ المُتحرّكة أحدًا، ومن المُستبعدِ جدّاً أن يَغرقَ جِسمُك كلّه إلى الأسفل. كانتِ الرّمالُ المتحرّكةُ رائجةً جِدّاً في وسائل الإعلامِ، حتّى أنّ العديدَ من الأفلامِ الأمريكيّة احتوت على مشاهِد غرقِ شخصٍ في الرّمال المُتحرّكة، الأمر الّذي عزّز من الاعتقاد السائد بأن الرمال المتحركة قد تبتلعك.

يَصعُبُ الخروج مِن الرّمال المُتحرّكة لأنّ الضّغط الإضافيّ لِحركتك يؤدّي إلى ابتعادِ المياهِ عن الرّمال، ممّا يجعلك محاصرًا في رمالٍ مُجفّفة نوعاً ما. لا تطلب من أصدقائك أن يسحبوك، فمِنَ المُحتملِ أن يخرُج قسمٌ واحد مِنك دونَ القِسم الآخر، وفقًا لبون، أستاذِ الفيزياء في معهد فان دير فالز-زيمان في جامعة أمستردام.

ومِن أجلِ النّجاةِ من هذهِ الرمال، من الضّروريّ جدًا في البدايةِ ألّا تفزعَ حتّى لا يزدادَ الوضعُ سوءاً، خذ نفسًا عميقًا وقيّم وضعكَ حتّى تتّخذَ الإجراءَ الصّحيح. يختلِفُ وضعُك اعتمادًا على مدى العُمقِ الّذي وصلتَ إليه. فعلى سبيل المثال؛ إذا وجدّتَ أنّك غرقتَ فيها حتى رُكبتيك فقط، ابدأ بسحب قدمٍ واحدةٍ ببطءٍ، ولا داعي للذّعرِ في هذهِ المرحلةِ إذا بدأت ساقُكَ الأخرى بالغرقِ أعمقَ ممّا كانت عليه، المهمّ أن تسحب قدمك تمامًا في كلّ مرّة قبل محاولةِ إخراجِ السّاقِ الأُخرى، تقدّم ببطءٍ حتّى تصلَ إلى اليابسة.

أما إذا كنت غارقًا حتّى مُستوى الخصرِ، بدايةً حاول تحريك قدميك الغارقتين تحت الرمال المتحرّكة، الأمر الّذي يُفسح المجالِ لِتدفّقِ المياهِ وبالتالي يسّمح لك بالمزيدِ مِن الحركة.

تخلّص من حذائك إذا كان يعيقُ حركتك، ومن ثُمّ حاول الاستلقاءِ على ظهركَ لأنّ هذا يُساعدك على توزيع وزنك بالتساوي فوق الرمال المتحرّكة، ما يجعلك تعومُ فوق الرّمال عوضًا عن الغرق.

أخيرًا جدّف بيديك إلى الخلف (وضعية السباحة) حتّى تصل إلى اليابسة، جذّف ولا تخش شيء لأنّ الرمال ستبقيك عائمًا طالما أنت مستلقٍ على ظهرك، فإذا وصلت إلى اليابسة لا تقف مباشرةً، بل استمر بالحركة على ظهرك بالتقلّب يمنةً ويسرةً حتى تتأكّد من صلابة الأرض وجفافها.

شاهد الفيديو

يُمكِن للرّمالِ المُتحرّكة أن تكونَ خطيرةً، ليس لأنّها قد تبتلعكَ ولكن لأنّها تقيّد حركتكَ، وقد تترككَ عرضةً للشّمس أو أمواجِ البحرِ (إذا كانت قريبةً من البحر) لفتراتٍ طويلةٍ من الزّمن. لذلكَ عند القيامِ بمغامرةٍ في الصّحراءِ أو في أيّ منطقةٍ حيث ُوجودُ الرّمالِ المُتحرّكة أمرٌ شائع، تأكّد مِن أن تلاحظ الأرضَ جيّدًا، وحبذا لو أبقيتَ عصىً إلى جانبكَ دومًا، وحاول أن تبقى في مجموعاتٍ مع أصدقائك قدرَ الإمكان.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا