الهندسة والآليات > التكنولوجيا

تربةٌ بتقنيةٍ نانويةٍ لتبريد الأجهزة الالكترونية

استمع على ساوندكلاود 🎧

يرتكز المبدأ الفيزيائيُّ الذي تقوم عليه التقنيةُ على ظواهرَ معقدةٍ لتأثيراتِ وتفاعلاتِ الحقلِ الكهرطيسي المتولد على السطوحِ النانويةِ لجزيئاتِ ثنائي أوكسيد السيليكون silicon dioxide. تُستَخدمُ جسيماتٌ نانويةٌُ من أوكسيد السيليكون معزولةٌ بواسطةِ معطفٍ أو غلافٍ من بوليميرٍ يتمتَّعُ بثابتِ عازليةٍ كهرَبائيةٍ مرتفع، بحيثُ نحصل على مادةٍ رخيصةٍ من جهة وذاتِ قدرةٍ على تبريدِ الأجهزة الكهربائيةِ ذاتِ الاستهلاك المرتفعِ من جهةٍ أخرى.

لا تتمُّ عمليةُ التبريد من قِبلِ جسيماتِ أوكسيد السيليكون بحدِّ ذاتها، وإنّما تلعبُ الخواصُّ المميّزة للمعطف المستخدمِ في العزل الدورَ الأهمَّ في هذه العملية، وذلكََ من خلالِ قدرتِها على نقلِ الحرارة المتولّدة عن الدارةِ الالكترونية الملامسة لها وتصريفِها بعيداً بكفاءةٍ أعلى من كفاءةِ المواد التي تُصَنَّع منها مُصرِّفات الحرارةِ التقليدية heat sink.

يُمكن الاستفادةُ من هذه التقنية في مجالاتِ عمل الثنائيات الباعثة للضوء LED والتطبيقاتِ التي تتمتع بتدفقاتٍ حراريةٍ مرتفعة high heat fluxes.

يشمَلُ البحثُ المُنجَز دراسةً نظريةً إضافةً إلى تطبيقٍ مخبري، وهو مدعومٌ من قِبلِ الحكومةِ الأمريكية وجامعةِ هاوارد Howard University.

الفيزياء المُطَبَّقة بحسب البروفيسور المُشرِف:

يمكننا عند استخدامِ ظاهرةِ تأثيرِ الحقلِ الكهرطيسي السطحي التجميعي collective surface electromagnetic effect في الجزيئات النانوية زيادةُ الناقليةِ الحرارية بمقدار 20 ضِعفاً مما يُتيح المجالَ لتصريف الحرارة المتولدة بشكلٍ جيد.

تم تشكيلُ وسادةٍ من الجزيئات النانوية "العازلة" (أي التي تسلكُ في الظروف الطبيعية سلوكَ عازلٍ كهرَبائي). ومن ثُمَّ طُبِّقَ "شعاعٌ ضوئيٌ" (وسنرى في فقرة النتائج أنَّ هذا الشعاعَ لم يعد ضرورياً وتم الاستعاضةُ عنه بالمصدرِ الحراري) لتوليد روابطَ قويةً للموادِ المكوِّنة للوسادة وذلك من خلال هندسة موادَّ ذاتِ ثابتِ عازليةٍ كهرَبائيةٍ عالٍ جداً على سطح الوسادة (كالماء أو مادةٍ لزجةٍ تسمَّى ethylene glycol وتستَخدَم عادةً في مانِع تجمد المياه في السيارات). مما أدَّى في النهايةِ لتحويل وسادة الجزيئات النانوية العازلة كهرَبائياً إلى مادةٍ ناقلةٍ كهرَبائياً.

الأبحاثُ المتعلقةُ بالاكتشافِ الجديد والخلفيةُ الفيزيائيةُ النظرية:

- لا بدَّ من الإشارةِ إلى أنَّه قد سبقَ وتمَّ نشرُ مجموعةٍ من الأبحاث والدراسات النظرية خلال السنواتِ السابقة، والتي ناقشَت بمجملها ما يُعرَف باسمِ surface phonon polaritons حيث أنَّ الـ Polaritons هي أشباه موصلاتٍ كموميةٍ يتمُّ توليدها من خلال تطبيق أمواجٍ كهرطيسيةٍ عاليةِ الترابط على ثنائي قطب dipole مُثارٍ كهربائياً أو مغناطيسياً، أما الفونون phonon فهو يُعبِّر عن حالة الاهتزاز الكمومية ضمن الشبكة البلورية الصُّلبةِ والتي تُساهم في تحديد قِيَمٍ معينةٍ كالناقلية الحرارية والكهرَبائيةِ للجسم، وتُدرَس قدرتُه على زيادةِ الناقلية الحرارية للموادِّ النانويةِ التي يتم تصنيعها من موادَّ مُستَقطَبةٍ كهربائياً polar materials كثنائي أوكسيد السيليكون.

- عندما يتم تقليصُ حجمِ مادةٍ إلى أبعادٍ أقلَّ من 100 نانومتر، تُسيطرعندها خواصُّ السطح surface properties للمادة مقابلَ تراجعِ تأثيرِ الخواص العامة bulk properties للمادة، مما يُتيح المجالَ لانتقال الحرارة من جُسيمٍ إلى جُسيمٍ مجاورٍ بتأثير ظاهرة الفونون وبمساعدةٍ من الأمواج الكهرطيسية المترابطة coupled electromagnetic waves.

نتائجُ وخلاصةُ المقال:

- يُعتَبَر هذا البحثُ المُنجَز أولَ بحثٍ قادرٍ على إجراءِ قياسٍ عمليٍّ لكمية الحرارة المتدفقة من سطح surface phonon polaritons وذلك نتيجةً لصعوباتٍ واجهت تطبيقَ التجارب مخبرياً في الدراسات السابقة.

- النتيجة الأكثرُ فائدةً وأهميةً عمليةً للبحث في مجالِ تبريد الدارات الإلكترونية،هي أنّه في حالِ استخدامِ جسيماتٍ نانويةٍ بنمطٍ صحيحٍ ضمنَ وسادةٍ تجميعية، فإنّه لا ضرورةَ لتسليطِ ضوءٍ عليها لزيادة الناقليةِ الحرارية، وإنما يكفي تسخينُ هذه الجزيئات النانوية لتقوم ذاتياً بتفعيل الإشعاعِ الذاتي للحرارة thermal self-emission وبالتالي توليدِ أثرِ نقلِ الحرارة بين الجسيمات وبعيداً عن الجهاز الالكتروني المُرادُ تبريده.

- يُولِّد الإشعاعُ الحراريُّ thermal radiation أيضاً حقلاً كهربائياً يُحيط بالجسيماتِ النانوية.

- لم يَكُن استخدامُ الماء ضمن المعطف العازل المحيط بالجزيئاتِ النانوية لثنائي أوكسيد السيليكون فعالاً نتيجةَ عدمِ قوةِ الخليطة المتشكلةِ مع الوقت not robust، فاستُخدِمَ ethylene glycol بدلاً عن الماء.

- تتمتعُ الخليطةُ الجديدة بقدرة نقلِ حرارةٍ من مرتبة 20 لكلِّ [Watt/m.K] أي 20 واط كل متركلفن وهي وحدةُ قياسِ الناقلية الحرارية، وهي أعلى من القيمةِ المُنتَجةِ لكلٍّ من ثنائي أوكسيد السيليكون و ethylene glycol، كما تُنافسُ مُركَّباتَ البوليمير باهظةَ الثمن المُستخدَمة في تشتيت الحرارة.

- يمكنُ استخدامُ موادَّ أخرى غيرِ ثنائي أوكسيد السيليكون Silicon dioxide والحصولُ على نفسِ التأثير، لكنَّ ما يميزُ هذه المادةَّ أنه بالإمكان الحصولُ على نتيجة التجربة في حرارةِ الغرفة إضافةً لخواصها الفيزيائية المناسبة وتكلفتها المنخفضة، كما يتم تفعيل تأثيرِ نقل الحرارة بدءاً من 50 درجة سيلسيوس وهي درجةٌ مناسبةٌ لعملِ الأجهزة الالكترونية عموماً.

- تتسبب الحرارة مشكلة تبخر جِل ethylene glycol، لكن يتم البحث حالياً عن بدائل له أكثر استقراراً.

- تم نجاح التجربة حتى الآنَ باستخدامِ كميةٍ قليلةٍ من الجزيئاتِ النانوية لثنائي أوكسيد السيليكون، ستكونُ الخطوةُ القادمة باختبار نتائجِ نقل الحرارة لمسافاتٍ أطولَ في أحجامٍ أكبَرَ من المادة.

- يُعتَبرُ معدّلُ انتقالِ الطاقة الحرارية من أحدِ جوانب الجُسيم إلى الجانب المقابل ثابتاً خلال وسادة الجسيمات النانوية، وبالتالي لا يبدو أن سماكةَ الوِسادةِ مَهمَّةٌ بحدِّ ذاتها بشرطِ أن تكونَ الجسيماتُ متقاربةً لبعضها البعض بما فيه الكفايةُ لتترابطَ أنماطُها معاً بالشكل الذي يُتيح المجالَ لنقلِ الطاقة.

- لا تزالُ مزيدٌ من الاختبارات مطلوبةً للتحقق من فعالية الخليطِ على المدى الطَّويل ومدى موثوقيته وتأثيرِه على الأجهزة الالكترونية التي يُغلِّفُها.

المصدر:

هنا