التعليم واللغات > اللغويات

أغمض عينيك.. وتعلّم لغةً جديدة

استمع على ساوندكلاود 🎧

أغمض عينيك..

استرخ.. تخيل مكاناً هادئاً لطالما سحرك.

ابق هكذا لمدة خمس دقائق.

هل انتهيت؟َ جيد جداً، الآن يمكنك الذهاب إلى حصتك اللغوية.

هل تساءلت يوماً لماذا يتعلم بعض الأشخاص لغات جديدة أسرع من غيرهم؟ يتعلق أحد الأسباب بالنشاط الدماغي الذي يحدث في أثناء الاسترخاء.

وصلت دراسة جديدة قام بها علماء في جامعة واشنطن إلى أن قياس نشاط الدماغ خلال خمس دقائق من الراحة باستطاعته التنبؤ بالسرعة التي سوف يتعلم بها أحدهم لغته الثانية. تعد هذه الدراسة، الممولة من قبل مكتب البحوث البحري (ONR)، الأولى من نوعها التي تستخدم أنماطاً من موجات الدماغ في حالة الراحة لتحديد معدل سرعة تعلم اللغة.

يعتقد د. راي بيريز، أحد المشرفين على البرنامج، أن هذا البحث من شأنه أن يمكن الجيش من تطوير عملية انتقاء أكثر فاعلية لأولئك القادرين على تعلم اللغات بسرعة، وهذا ضروري جداً لقطاع الاستخبارات الذي يحتاج دوماً وعلى وجه السرعة مختصين لغويين يستطيعون تحدث عدة لغات بطلاقة.

كما يعتقد د. شانتيل برات، الأستاذ المساعد والباحث في معهد التعلم وعلوم الدماغ في جامعة واشنطن، أن الطريقة الي يعمل بها الدماغ خلال فترة الراحة يمكنها أن تخبرنا قابلية هذا الشخص لتعلم لغة ثانية بنسبة تصل إلى 60%.

تضمنت تجربة الدراسة 19 مشاركاً من البالغين بين عمر 18 و 31 ليس لديهم أي تجربة سابقة في تعلم اللغة الفرنسية، قام هؤلاء بزيارة المخبر اللغوي مرتين أسبوعياً خلال فترة امتدت لثمانية أسابيع، تلقى هؤلاء دروساً في اللغة الفرنسية مدة كل منها 30 دقيقة استخدم خلالها برنامج كومبيوتر للواقع الافتراضي يدعى (OLCTS).

صمم هذا البرنامج ليوفر عناصر من الجيش يتحدثون لغة أجنبية بطلاقة خلال 20 ساعة من التدريب، حيث يرشد برنامج التقدم الذاتي هذا المستخدمين من خلال سلسلة من المشاهد والقصص، فيما تمكنهم خاصية التعرف الصوتي من ضبط لفظهم.

وللتأكد من أن المشاركين كانوا يتقدمون بشكل جيد في تعلم اللغة، استخدم الباحثون اختبارات دورية كان على المشاركين اجتيازها بحد أدنى من أجل الانتقال إلى الدرس التالي، حيث ساعدت هذه الاختبارات أيضاً في قياس السرعة التي تطور بها المشاركون لغوياً.

طلب الباحثون من المشاركين أن يجلسوا ويسترخوا لمدة خمس دقائق مغلقين أعينهم قبل وبعد كل جلسة دراسية، كما طلبوا منهم التنفس بعمق وارتداء سماعة رأسEEG)) لقياس النشاط الدماغي في القشرة الدماغية في أثناء فترة الراحة، حيث تعد القشرة الدماغية ذات أهمية كبيرة للذاكرة والانتباه والإدراك.

وجد الباحثون أن سرعة تعلم الفرنسية تناسبت طرداً مع حجم الشبكات العصبية التي كانت ضمن ترددات “beta”، والتي تعد مسؤولة عن اللغة والذاكرة.

للتأكد من هذه النتيجة، طلب من المشاركين بعد انتهاء مدة التدريب (ثمانية أسابيع) أن يخضعوا لامتحان قدرة لغوية لتقييم فهمهم وأدائهم للدروس التي كانوا قد تلقوها، ووجدوا أن أولئك ذوي الشبكات العصبية الـ"beta" الأكبر تعلم الفرنسية بوقت أقصر مرتين عن غيرهم.

إن هذه الدراسة لا تنفي عدم تعلم أولئك الذين لم يسترخوا قبل وبعد الجلسات الدراسية، حيث أنهم تعلموا اللغة أيضاً بنفس الدرجة، ولكن ما تطرحه هذه الدراسة هو تأكيدها على دور الاسترخاء والراحة في السرعة التي يتقدم بها متعلم اللغة خلال مسيرته.

تعد دراسة الاختلافات الفردية للدماغ واعدةً حيث من شأنها أن تكشف أساليب قد تساعدنا في اتقاننا للغة ليس فقط لأغراض عسكرية وإنما لأغراض صناعية وتربوية، ففي نهاية المطاف لا بد لنا من أن نكون قادرين على تحدث عدة لغات في مجتمعنا المعولم الذي يتزايد ترابطه يوماً بعد يوم.

المصدر:

هنا