التاريخ وعلم الآثار > حقائق تاريخية

عشر معلومات لا تعرفها عن المصارعين الرومان

استمع على ساوندكلاود 🎧

توافد المشاهدون إلى ساحات المحاربين على امتداد الإمبراطوريّة الرومانيّة لمشاهدة المُحاربين المُسلحين والمُدَربين يدخلون ضمن رياضة دموية لمدة تزيد على الـ 656 عامًا، جريمة قتل تُقدَّم تقديمًا مسرحيًا وبدماء باردة.

فلنتعرف معًا إلى بعض الحقائق المبهمة للرجال المحبوبين من عامة الشعب ضمن الدروع التي يُنظر إليها بازدراء من الطبقات رفيعة المستوى، المصارعين الذين يقفون خلف أكثر الألعاب الترفيهيّة سيئة السمعة ضمن الإمبراطوريّة الرومانيّة.

1_ لم يكن المصارعون عبيدًا دائمًا:

بينما كان المصارعون الأوائل أفرادًا اقتيدوا نتيجة غزوات أو عبيدًا ارتكبوا الجرائم فإن النقوش على أضرحة القبور تظهر أنه بحلول القرن الميلادي الأول فإن هذه المعادلة بدأت بالتغير؛ إذ بدأ الرجال الأحرار طوعيًا يشاركون في الألعاب للحصول على المجد والجوائز الماليّة، وهؤلاء الرجال كانوا عادةً رجالًا بائسين أو جنودًا سابقين ماهرين في القتال وبعضهم كان من طبقة النبلاء رفيعة المستوى كالفرسان وأعضاء مجلس الشيوخ الحريصين على استمرار إظهار مهاراتهم القتاليّة.

2_ألعاب المصارعة كانت أساسًا جزءًا من مراسم الدفن:

يصف عدد من المؤرخين القدماء الألعاب الرومانيّة بأنها مستوردة من بلاد الإيتروسكان ولكن حاليًا يجري الجدال حول كونها بدأت طقسًا دمويًا تُنَظم وتُقام في أثناء مراسم دفن النبلاء؛ فعندما يموت أحد النبلاء تنظم عائلته المصارعات بين العبيد أو المجرمين المُدانين كنوع من طقوس الدفن للتذكير بمزايا الشخص الميت التي أظهرها في حياته. وتبعًا للكُتّاب الرومانيين Tertullian و Festus فإن الرومان آمنو بأن الدم يساعد في تطهير روح الشخص الميت إلى جانب أن هذه المصارعات ربما عملت بديلًا من التقدمات البشرية القديمة.

وقد تزايدت أهميّة الألعاب لاحقًا خلال حكم يوليوس قيصر الذي نظمَ الألعاب بين مئات من المصارعين على شرف أبيه وابنته المتوفيين، وفي نهاية العام الميلادي الأول استضافت الدوائر الحاكمة الألعاب ضمن قطاعات الإمبراطوريّة جميعها وسيلة ترفيه مفضلة لدى الشعب.

3_ لم تكن المصارعات تستمر دائمًا حتى موت أحد الطرفين:

إنَّ أفلام هوليوود وبرامج التلفاز تصف عادةً ألعاب المصارعين بأنها بلا قواعد ودمويّة جدًا ولكن المباريات معظمها أجريت بقوانين عادلة وصارمة؛ إذ عادة ما تجري المصارعة بين فردين من الوزن والخبرة نفسهما وبإشراف حكم كان يوقف القتال غالبًا حين يصاب أحد المقاتليَن بجراح خطيرة. وكان يمكن للمباراة أن تتوقف فجائيًا عندما يضجر المشاهدون من طول المباراة، وفي حالات نادرة كان يمكن للمصارعين الاثنين مغادرة الحلبة بشرف عند تقديمهم عرضًا مشوّقًا ومُمَيّزًا للمشاهدين.

ونظرًا إلى أن المصارعين مُكلفون بالنسبة إلى مالكيهم من حيث الطعام والمسكن والتدريب فلم يكن من المجدي ازدياد معدلات موتهم في ساحة المصارعة، ولهذا أيضًا عَمِل مدربوهم على تعليمهم كيفيّة إصابة خصومهم بالجراح من دون أن تكون خطرة أو تؤدي إلى مقتلهم، ومع ذلك فإن حياة المصارع كانت قصيرة وقاسيّة والأغلبيّة عاشوا حتى منتصف العشرينيات فحسب وبحسب تقدير المؤرخين فإنه بين كل 7 صراعات كان يلقى أحد المصارعين حتفه.

4_الإشارة بإبهام اليد نحو الأسفل لم تكن تعني المطالبة بالموت:

عند إصابة المصارع بجراح خطرة أو إلقائه سلاحه مستسلمًا للانهزام فإن مصيره في هذا الحال يتعلق بقرار الجمهور، أما في الألعاب التي أُقيمت ضمن مبنى الكولوسيوم _(لمعرفة المزيد عن المبنى يمكن التعرّف إليه من خلال الرابط هنا )_ فإن الكلمة الأخيرة في تحديد مصير المصارع بالحياة أو الموت كانت بيد الإمبراطور ذاته، ولكن الحكّام المحليّن ومنظمي الألعاب غالبًا ما سمحوا للجمهور نفسه باتخاذ القرار.

تظهر اللوحات التاريخية والأفلام السينمائيّة الجمهور عادةً مشيرين بالإبهام نحو الأسفل عند رغبتهم بإنهاء حياة المصارع المهزوم من خصمه ولكن هذا ليس صحيحًا بدقة؛ إذ يظن بعض المؤرخين أنَّ إشارة الموت كانت برفع الإبهام نحو الأعلى وليس نحو الأسفل، بينما إغلاق قبضة اليد مع الإشارة بإصبعين اثنين أو التلويح بمنديل إلى جانب الإشارة بالإبهام نحو الأسفل قد تُشير إلى طلب الرحمة للمصارع المهزوم. وبغض النظر مهما كانت الإشارة المُستخدمة فإن قرار الجمهور كان مصحوبًا دائمًا بالصراخ به ما بين القضاء على المصارع المهزوم أو إعطائه فرصة أخرى.

5_ كان المصارعون منظمين في فئات وأنواع مختلفة:

عند افتتاح الكولوسيوم في عام 80 م كانت ألعاب المصارعة قد تطورت من المعارك الحرة إلى الموت ضمن رياضة دموية ومنظمة تنظيمًا جيدًا؛ إذ كان يجري ترتيب المقاتلين في الصفوف بحسب نتائجهم ومستوى مهاراتهم وخبراتهم وخصوصًا بحسب الاختلاف في أنماط القتال وأنواع الأسلحة المستخدمة من كلٍ منهم.

فالأكثر شعبيّية كانت فئة الـ(Thraeces) والـ(Murmillones) الذين اعتادوا على القتال باستخدام السيف والدرع، إلى جانب الـ(Equites) الذين دخلوا الساحة على ظهر الأحصنة والـ (Essedarii) الذين حاربوا بالعربات التي تجرها الأحصنة، والـ(Dimachaerus) الذين اعتادوا على استخدام سيفين عوضًا عن واحد في الوقت ذاته. أما أغرب أنواع المقاتلين قد يكون الـ(Retuarius) المسلح بشبكة ورمح ثلاثي الرؤوس فقط الذين حاولوا إيقاع خصومهم ضمن الشباك قبل التحرك لمواجهتهم ولكن إن فشلوا في هذه الحركة سوف يبقى المصارع من دون دفاع بصورة شبه كاملة.

6_ نادرًا ما كان يجري القتال ضد الحيوانات:

غالبًا ما ارتبط اسم الكولوسيوم والحلبات الرومانيّة الأخرى بألعاب الصيد والقتال ضد الحيوانات ولكن لم يكن من الشائع أن يشترك المصارعين ضمنها، فألعاب التواجّه مع الحيوانات البريّة كانت مرتبطةً بفئات معينة من المصارعين مثل الـ (Venatores) والـ ( Bestiarii) الذين واجهوا أنواع الحيوانات كلها مواجهة مباشرة من الغزلان والنعام حتى الأسود والتماسيح والدببة أو الفيلة، وقد كان صيد الحيوانات عادةً الحدث الافتتاحي ضمن الألعاب إذ يُقضى على عدد من الحيوانات ضمن عرض واحد؛ فقد قُتل 9 آلاف حيوان خلال مراسم افتتاح الكولوسيوم التي امتدت 100 يوم، أما بمناسبة المهرجان الذي أقامه الإمبراطور تراجان في القرن الثاني الميلادي فقُضي على 11 ألف آخرون. وقُتل الحيوانات معظمهم من أجل الألعاب أما الباقي فقد دُرِّب على القيام بحيل وتحريض بعضها ضمن المعارك إذ كانت الحيوانات البريّة ذات شعبية كبيرة ضمن العروض، وكثيرًا ما أُلقي المجرمون أمام الأسود أو الدببة جزءًا من العرض الترفيهي اليومي.

7_ كان يوجد ألعاب قتال للنساء أيضًا:

سيقت النساء العبيد إلى جانب نظرائهن الرجال أيضًا، وعلى الرغم من كون المؤرخين غير متأكدين من الوقت الذي نُظمت فيه ألعاب مصارعة خاصة بالنساء لأول مرة ولكن بحلول القرن الأول الميلادي فقد أصبحت عنصرًا رئيسًا ضمن هذه الألعاب. وهذه المصارعات لم تؤخذ على محمل الجد ضمن الثقافة الرومانيّة العامة ولكن كثيرات منهم أثبتن أنفسهن ضمن الألعاب المنفردة إلى جانب الألعاب متضمنة القتال ضد الحيوانات، لكن هذه المشاركة توقفت حوالى عام 200 م عندما أمر الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس بمنعهم من المشاركة في الألعاب.

8_ عمل بعض المصارعين على تنظيم أنفسهم ضمن مجموعات:

على الرغم من كونهم مجبرين على الذهاب إلى الألعاب ومواجهة الحياة أو الموت فإن المصارعين تعاملوا بعضهم مع بعض بنوع من الأُخوة، وعَمَد بعضهم إلى تقسيم أنفسهم ضمن مجموعات يترأسُها زعماء منتخبين انتخابًا انتقائيًا إلى جانب الآلهة الخاصة بكل منهم؛ فعندما يسقط أحد المصارعين في ساحة المصارعة فإن هذه المجموعات تعمل على أن يتلقى المصارع جنازة مناسبة وأن تُكرَّم إنجازاته في الحلبات، وإن كان للمتوفى زوجة أو أولاد فإنهم يعملون على تلقي أسرته تعويضًا ماليًا لخسارتهم.

9_ عمل عدد من الأباطرة على تنظيم ألعاب المصارعة أو المشاركة فيها:

إن أحد أسهل وسائل الأباطرة للفوز بحب الشعب كانت استضافة ألعاب المصارعة ولكن قليلًا منهم أخذ خطوة أكبر ونظم القتال حقًا أوشارك فيه، فعدد من الحكّام قاموا بالعرض ضمن الساحات مثل Caligula و Titus وHadrian ضمن قواعد محددة جدًا ومملة عادةً. أشهرهم الإمبراطور Commodus الذي حاول إبهار الجمهور من خلال قتل الدببة والفهود عن منصات مرتفعة نسبيًا عن مستوى الحيوانات، وقاتل أيضًا ضمن عدد قليل من المصارعات ضد أفراد مسلحين تسلحًا خفيفًا وعند فوزه في نهاية الألعاب كان يعمل على التأكد من مكافأة نفسه بمبالغ هائلة.

10_ غالبًا ما تحول المصارعون إلى مشاهير:

على الرغم من عدّهم أشخاصاَ متوحشين وغير متحضرين من المؤرخين الرومانيين فقد نالَ المصارعون شهرةً واسعةً بين الطبقات الدنيا وعامة للشعب؛ فالصور والرسومات التي تمثلّهم زينت كثيرًا من جدران الأماكن العامة. واعتاد الأطفال على اللعب بشخصيات مصنوعة من الطين تمثل المصارعين الأشهر مع تحول المصارع الأشهر إلى وسيلة تسويق للمنتجات التجاريّة مثل كبار الرياضيين في يومنا هذا، إلى جانب اشتهار المصارعين بقدرتهم على جذب النساء الرومانيات.

المصدر:

هنا