الهندسة والآليات > منوعات هندسية

الواقع الافتراضي عندما نعيش الخيال واقعاً

استمع على ساوندكلاود 🎧

يحاول الباحثون في مجال الواقع الافتراضي جعل التجربة غنيّةً وقريبةً قدر الإمكان من التجربة الحقيقيّة الّتي تحدث في الواقع، وهم في الحقيقة قطعوا أشواطًا لا بأس بها، سواءً أكانت التجارب في القطاع الطبيّ، أو في مجال الألعاب، أو في أيّ مجال آخر.

عندما يرتدي شخص ما نظارة الواقع الافتراضي ويبدأ تجربته، لابدّ له إذاً من التعامل مع الأشياء الافتراضية ولمسها وتحريكها، بل وحتى رميها والتقاطها، وبدون هذا الأمر تكون التجربة ناقصة كثيراً وبعيدة عن الواقع كذلك. فلنفترض أننا نريد التقاط كرة في الواقع الافتراضي، فحتى نحقق هدفنا فالأمر معقد بعض الشيء فهو يحتاج إلى عتاد صلب قوي وإلى عتاد ليّن لا يقلّ قوةً.

من أجل ذلك قام الباحثون في مختبرات ديزني (Disney Research lab) بالالتفاف حوّل الموضوع، وذلك عن طريق الاستعانة بكُرةٍ حقيقيّةٍ ومن ثمّ نمذجتها داخل الواقع الافتراضي، بحيث يجعل المستخدم قادرًا على التقاط الكرة الحقيقيّة وهو داخل بيئة الواقع الافتراضي.

يقول غونتر نيمير (Günter Niemeyer) أحد القائمين على البحث: "إنّ الإمساكَ بالكرة الحقيقية والإحساسَ بها بين يديك يجعلُ تجربة الواقع الافتراضي ثريّة، ويجعلها أكثر واقعية وديناميكية، وأكثر إثارة وتفاعلية"

كيف تمكّن الفريق من فعلها إذًا؟

انطلق الفريق من فهم آلية التقاط الكرة في العالم الحقيقي، وهو ما يتطلّب التنسيق بين اليدّ والعين، فالشخص يلاحق الكرة بعينيه، ومن ثم يتوقع مكان وصول الكرة، بعدها يحرك يديه نحو المكان المناسب ويلتقطها. بشكل مماثل استخدم الفريق نظاماً التقاط الحركة واسمه (OptiTrack Flex 13) لتتبع الكرة، وجهازاً يحدد موقع رأس ويدّ المستخدم، ومن ثمّ نقل كل هذا إلى مشهد في الواقع الافتراضي يراه المستخدم من خلال النظارة التي يرتديها.

يعمل هذا الجهاز بنظام تشغيل ويندوز 10 ( 64 بت)، وهو قائم على معالج إنتل زيون (Intel-Xeon E5-2680) بسرعة 2.5 جيجاهيرتز مع ذاكرة 32 جيجا وبطاقة رسومات (Nvidia GeForce GTX970). يستطيع النظام التقاط 120 إطارًا في الثانية ويبلغ متوسط وقت تأخره 8.33 ميلي ثانية فقط.

يمكن للمستخدم أن يتفاعل مع الكرة بثلاثة طرق. الطريقة الأولى الأقرب للحالة الواقعيّة، حيث يظهر موقع الكرة في الزمن الحقيقي. الطريقة الثانيّة إظهار خط مسار الكرة كما تنبأ به النظام. وأخيرًا إظهار المنطقة التي من المحتمل أن تستقر بها الكرة.

قام فريق البحث بتجريب النظام من خلال 140 رميّة للكرة، وتضمنت التجربة الطرق الثلاث لِتَفاعُل المستخدم مع الكرة، وقد استطاع المستخدم التقاط الكرة في 132 محاولة من أصل المحاولات الكليّة.

كانت نتائج التجربة مبهرة، حيث استطاع المستخدم التقاط الكرات المباغتة بنسبة وصلت إلى 95 في المئة، وفي الطريقتين الثانية والثالثة فقد كان المستخدم يضع يديه في مكان الالتقاط قبل أن تصل الكرة حتّى.

يمكنكم الإطلاع على شروط التجربة والنتائج من خلال ورقة بحثيّة قام فريق البحث في "ديزني" بنشرها وهي موجودة ضمن المصادر، كما يمكنكم مشاهدة هذا الفيديو الّذي يبيّن التجربة.

ما هو الهدف من هذا النظام؟

لا بدّ من أن نسأل هذا السؤال، ما هو الهدف من هذا البحث؟ كما قلنا سابقًا فإن التفاعل مع الأشياء يعطي تجربة الواقع الافتراضي المزيد من الإثارة والتفاعلية، وخاصة في مجال الألعاب، فلك أن تتخيل كم ستكون الألعاب أكثر إثارة بوجود أغراضٍ حقيقية داخلها، كأن تمسك بالكرة أو ترميها، أو أن تمسك ببندقية حقيقية وتقاتل الأموات الأحياء وغيرها الكثير من الألعاب الأخرى.

مجال الألعاب ليسَ الوحيدَ الذي سَيتطور، بل عدّة مجالات أخرى كالمجالات الطبيّة والتعليميّة، والقائمة تطول، ببساطة نحن أمام اختراع سيفتح آفاقًا لا نهائيّة في المستقبل.

المصدر: هنا

الورقة البحثية: هنا