الفيزياء والفلك > فيزياء

انهيار نجم يولد ثقب أسود مباشرةً دون مستعرٍ أعظم

استمع على ساوندكلاود 🎧

في كوننا الشّاسع غالباً ما تفنى النّجوم على هيئة انفجارات مُستَعرات عُظمى، ولكن بعضُ النّجوم فائقة الكُتلة تفنى بصمت ودون انفجار، وعندما يحدُث هذا فإنّها تفنى وسط سحابةٍ فائقة من الجاذبيّة وتختفي عن الأنظار كأنّها لم تكن موجودة من قبل، ولكنّها مع هذا تترك أثراً خلفها متمثلاً بثقبٍ أسود، السّطور القادمة تحكي القصة.

بدء النّجم (N6946-BH1) الذي يكبُر شمسَنا بحوالي 25 مرة بالسّطوع تدريجياً في عام 2009 ولكن بحلول عام 2015 كان قد اختفى ولم يعُد لهُ أي وجود. يُفترض بنجمٍ كهذا أن ينفجر بهيئة مُستَعر أعظم شديد السّطوع، ولكنّهُ عِوضاً عن هذا خفت بهدوء، وبعدَ إجراء عمليّة رصد دقيقة عن طريق بيانات قادمة من مقراب Large Binocular Telescope ومقرابيّ هابل وسبيتزر الفضائيين، خلُص الباحثون إلى أن النّجم قد تحوّل إلى ثقب أسود، يبدو إنّ هذا هو مصير النّجوم الفائقة الكتلة في كوننا!

أوضح كريستوفر كوشانيك Christopher Kochanek، أستاذ علم الفلك في جامعة أوهايو، وأحد الباحثين البارزين في علم الرصد الفلكيّ: "هذا النّوع من التّحول الهائل للنّجوم قد يكون السّبب وراء نُدرة رؤيّة انفجارات المُستَعرات العُظمى للنّجوم الفائقة الكُتلة". ويبدو أن حوالي 30% من هذا النّوع من النّجوم قد تنهار بهدوء وتتحوّل إلى ثقوبٍ سوداء دون المُرور بانفجارات مُستَعراتٍ عُظمى.

وأضاف كوشانيك "التّحول النّموذجي لنجمٍ ما إلى ثقبٍ أسود يتمُّ عادةً بعد حدوث انفجار مُستَعرٍ أعظم، فإذا ما تمكن النّجم من التّحول إلى ثقبٍ أسود دون المرور بمرحلة المُستَعر الأعظم فإن هذا سيُفسر سبب قلّة رؤيّة انفجارات المُستَعرات العُظمى للنّجوم فائقة الكُتلة". نُشرت نتائج بحث كوشانيك وفريقه من عُلماء الفلك في الإصدار الشّهري لمجلة الجمعيّة الملكيّة الفلكيّة Royal Astronomical Society.

صورة للمستعر الأعظم SN 2017eaw في مجرة NGC 6946 التي رُصد فيها الكثير من انفجارات المستعرات العُظمى.

من بين المجرّات التي حظيت بدراسة مُستفيضة المجرّة NGC 6946، والتي يُطلق عليها اسم "مجرة الألعاب النّاريّة" بسبب كثرة حدوث المُستَعرات العُظمى فيها، وهي مجرّة حلزونيّة تبعد عنا حوالي 22 مليون سنة ضوئيّة، رُصِد فيها النجم N6946-BH1 وهو يسطُع بشكلٍ ضعيف في عام 2009 إلا أنّهُ اختفى تماماً في عام 2015. ليبدأ تعاون مُشترك بين المراصد الفلكيّة للبحث عن ذلك النّجم والتّأكد من عدم تحوّله إلى مُستَعر، بدأت عمليّة المسح باستخدام المقراب Large Binocular Telescope، ثم وجهوا مقراب هابل الفضائي ومقراب سبيتزر الفضائي (المُتخصص برصد الأشعّة تحت الحمراء) نحو ذلك النجم، للتأكد إذا ما كان النّجم لا يزال هُنالك ولكنّه مُختبئ داخل سحابةٍ من الغُبار.

لتأتي كلُّ النّتائج مؤكدةً أن النّجم لم يعد لهُ أيُّ وجود، وهو ما جعل الباحثون يستنتجون أن النّجم قد تحوّل إلى ثقبٍ أسود.

صورتان بالضوء المرئي من مقراب هابل الفضائي تُظهر الأولى النجم N6946-BH1 وهو ساطعاً عام 2007 وأخرى نفس النجم بعد اختفاءه تماماً عام 2015.

لا يزالُ باكراً اعطاءُ فرضياتٍ حولَ هذا النّوع من التّحولات للنّجوم ولكن لدى سكوت آدمزScott Adams (الحاصِل مؤخراً على شهادة الدكتوراه من جامعة أوهايو) فرضيّة حول الموضوع: "إن النّجم N6946-BH1 هو النّجم الوحيد الذي رُصد فناءهُ دون المرور بمرحلة المُستَعر الأعظم، خلال سبع سنواتٍ من عمليّات رصدنا والتي سجّلنا فيها حدوث ستّة مُستَعراتٍ عُظمى في المجرّات التي راقبناها، وهو ما يقودُنا إلى تخمين أن 10% إلى 30% من النّجوم الفائقة الكُتلة قد تفنى دون المرور بمرحلة المُستَعر الأعظم، وهو بدوره ما قد يُفسر لنا المُشكلة التي دفعتنا لبدء المسح بالأساس، وهي وجود عددٍ قليل من المُستَعرات العُظمى مقارنةً بعدد النّجوم الفائقة الكًتلة في كوننا التي تفنى باستمرار".

ويُضيف كريزيستوف ستانيك Krzysztof Stanek أحد المؤلفين المشاركين بالدّراسة واستاذ علم الفلك في جامعة أوهايو: "قد لا يبدو هذا منطقيّاً، أن يتحوّل نجمٌ ما إلى مُستَعرٍ أعظم وهي عمليّة تتضمّن تفجّر جزءٍ كبيرٍ من طبقاتِه الخارجيّة ومع ذلك يتبقى كُتلةٌ كافيّةٌ تُحوّلُ ما بقي من النّجم إلى ثقبٍ أسود فائق الحجم على غرار الثقوب السّوداء التي رصدت من قبل مرصد ليغوLIGO"، واستنتج قائلاً: "أظن أنهُ من الأسهل أن ينشأ الثقب الأسود دون مرورِ النّجم بمرحلةِ المُستَعر الأعظم".

المصدر:

هنا