الهندسة والآليات > الطاقة

Synlight أكبر شمس اصطناعية في العالم تسطع من ألمانيا

استمع على ساوندكلاود 🎧

يطولُ الحديثُ عن الطّاقاتِ المتجدّدةِ صديقةِ البيئة، وكثيرةٌ هي الأبحاثُ في هذا المجال. نُقدّم لكم اليومَ إحدى هذه الأبحاث التي لا تقلُّ غرابتُها عن فائدتِها، نتكلم عن شمسٍ اصطناعيّةٍ يمكنُ تشغيلُها بضغطةِ زرٍ واحدة! مما تتكوّن هذه الشّمسُ الاصطناعيّة؟ وما هي فائدتُها؟ سنتعرف على ذلك وأكثر في التقرير التالي:

قامَ مركزُ الفضاءِ الألماني (DLR) في الـثالثِ والعشرين من آذار (مارس) 2016، بتشغيّلِ أكبر شمس ٍاصطناعيةٍ في العالم، أطلقوا عليها اسم Synlight. في محاولةٍ للابتكارِ في قطاعِ إنتاجِ الطاقاتِ المتجدّدة.

الدافعُ لهذا البحث المُبتَكَر:

ابتكرَ الباحثونَ الألمان طرقًا جديدةً للحصول على الطّاقة المُتجدّدة، وخاصةً في ظلّ تنامي الطّلبِ على مصادرَ بديلةٍ للطّاقة التّقليديّة. يستشعرُ هؤلاءِ الباحثون ضرورةَ تطوّيرِ التكنولوجيا الحاليّة بطرقٍ عمليةٍ بغرضِ تحقيقِ أهدافِ الطّاقةِ المتجددة، ويمكن لعمليةِ انتقالِ الطّاقةِ من المصادرِ التقليديةِ إلى المتجدّدة أن تتعثر في حالِ عدمِ الاستثمار في الأبحاث المبتكرة وفي أحدث التقنيات مثل Synlight.

على الرغم من أنّ البشرَ قادرون حالياً على تسخيرِ الطاقة القادمة من الشّمس الطبيعيةِ من خلال الألواح الشّمسية، إلا أنّ جزءاً كبيرًا من ضوء الشمس وطاقتِها لا يزال غيرَ مُستَغَل. لذلك يُعتبر أحد أهداف Synlight هو دراسةُ وتجربةُ الطرقِ المختلفةِ للاستفادة من تلك الطّاقةِ الضائعة.

إشعاعُ الشّمس الاصطناعية:

تقعُ Synlight في بناءٍ مكوّنٍ من ثلاثةِ طوابقَ في مدينة جوليش في ألمانيا، وتتكونُ من 149 مصباح زينون قصير القوس، وهذه المصابيحُ مجتمعةٌ يمكن أن تُصدرَ حرارةً حارقةً تصل حتى 3000 درجة مئوية (سيليسيوس). ولمعرفة مدى إشعاعِ مصابيحِ الزينون قصيرةِ القوس الـ 149، يكفي أن تعرفَ أنّ شاشةَ السينما الكبيرة تُضاءُ بمصباح زينون واحد، وإذا ما تمّ تركيزُ إضاءةِ Synlight على بقعةٍ بأبعاد 20 سم × 20 سم، فستكونُ شدّةُ الإضاءة أقوى بـ عشرة آلاف مرة من أشعة الشّمس الطّبيعية.

أهدافُ مشروعِ Synlight:

يُشكّلُ تحليلُ جزيئاتِ الماءِ بشكلٍ فعّالٍ للحصول على الهيدروجين أحدَ الأهدافِ الأساسية لـ Synlight. هل لك أن تتخيلَ أنّ كلّ هذه المتاعب فقط للحصول على الهيدروجين؟ نعم بالفعل، فالهيدروجين يُشكّلُ مصدراً كبيراً للطاقة النظيفة؛ لأن حرقه لا يُنتِج انبعاثاتِ غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2 السّامة.

تمكّن العلماءُ منذ عدة سنواتٍ من إتمامِ عمليةِ تحليلِ الماء H2O إلى مكوناته الهيدروجين والأوكسجين باستخدام الطّاقة الشّمسيّة، ولكنّ الأبحاثَ في هذا المجال تعاني من النقص بسبب عدم تواجدِ ضوءِ الشّمس باستمرار، حيث تعاني منطقةُ وسطِ أوروبا من ساعات ضوء الشمس المتقلبة وكذلك من الطقس السيء. وإذا نقلنا الأبحاثَ لمناطقَ مشمسةً بشكل أكبر فلن يحلَّ المشكلة، وذلك بسبب الكثافة غير الثابتةِ لضوءِ الشّمس. يبقى الحلُّ الأمثلُ أمامَ العلماءِ هو بناء شمسٍ اصطناعيةٍ تقدّم كثافةً ثابتة من الضوء على مدار الساعة وبضغطة زر واحدة، فقاموا ببناء Synlight.

Synlight لها دور مهمٌ جدًا في مساعدة العلماء على فهم كيفيةِ تسخيرِ الأشعةِ الشّمسية الطبيعية وطاقِتها بطريقة تقللّ من الجهد والتكلفة، وذلك بغرضِ إنتاجِ الكهرباء المطلوبة لتفكيك الماءِ والحصول على الهيدروجين. على الرغم من أنّ تكلفةَ الـ Synlight تصلُ حتى 3.8 مليون دولار، إلاّ أنّ هذا النوعَ من التكنولوجيا يعتبرُ ذو جدوى اقتصادية جيدة على المدى الطويل.

مستقبل الطاقة المتجّددة:

ستمهدُ Synlight للعلماءِ طريقًا لمعرفةِ كيفيةِ تسخيرِ واستغلالِ الطّاقة الشّمسية بشكلٍ فعّال، وهذا ما يجعلُ حضارتَنا أقربَ بشكلٍ كبيرٍ للحصول على الطّاقة المتجدّدة والموثوقة. مما سيسمحُ للعالم بالانتقال نقلةً نوعيةً من استهلاك الطاقة السّامة إلى استخدام الطاقة النظيفة كالهيدروجين.

بمجرد أن يُتقِن الباحثون تقنياتِ صُنعِ الهيدروجين باستخدام Synlight، سيمهدُ ذلك الطريقَ بمعدلٍ يصلُ إلى عشر أضعاف للوصول إلى مستوى يناسبُ الاستخدامات الصّناعية. على الرغم من أنّ الأمرَ سيستغرق عدة سنواتٍ أخرى لتطويرِ هذه التكنولوجيا، إلاّ أنّه لا بُدّ من خطواتٍ صغيرة بالاتجاه الصحيح حتى تجني ثمارها.

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا