العمارة والتشييد > مواد البناء

الألياف البازلتية و استخداماتها في المنشآت و الصناعات المختلفة

استمع على ساوندكلاود 🎧

نشأت الحاجةُ في العقود الأخيرة إلى تقوية غير قابلة للتآكل في صناعة البناء والتشييد، ففي المنشآت الخرسانية القريبة من البحر، مثل المنازل أو الجسور، هناك حاجةٌ إلى صيانة الخرسانة بشكل منتظم، وفي مثل هذه الظروف فإن الخطرَ الأكثر شيوعاً هو تآكلُ حديد التسليح مما يجعل المباني ضعيفةً وخطرة في فترة قصيرة من الزمن.

هناك العديدُ من الأبحاث والاختبارات التي دمجت الأليافَ البازلتية في المنشآت الخرسانية، وبشكل أساسي في الجوائز. وقد أظهرت الاختبارات تحسناً في المقاومة والمتانة. وتُعد واحدةً من فوائد استخدام هذه الألياف كمادة لتقوية البيتون أنها غيرُ قابلةٍ للتآكل؛ إذْ يمكن أن تُستخدم الصخور البازلتية ليس فقط في صناعة قضبان البازلت، ولكن أيضاً الأقمشة البازلتية، أسلاك الألياف البازلتية المقطعة، أسلاك البازلت الشعرية المستمرة وشبكات ألياف البازلت.

بعض التطبيقات المحتملة لهذه المركبات البازلتية هي: البلاستيك البوليمري المقوى، وتقويةُ التربة والجسور والطرق السريعة، والأرضياتُ الصناعية وعزل الصوت والحرارة للمباني السكنية والصناعية، و السترات الواقية من الرصاص وإعادة تأهيل المنشآت.

ما هو البازلت :

البازلت هو نوعٌ من الصخور البركانية التي تشكلت نتيجة التبريدِ السريع للحمم على سطح الأرض. وهو أكثرُ الصخور شيوعاً على سطح القشرة الأرضية، تم العثور على سيول ضخمة من الحمم البركانية تُسمى "سيول بازلتية" في العديد من القارات. وتختلف خصائصُ الصخور البازلتية حسب مصدر الحمم البركانية. يتكون البازلت أساساً من السيليكا والألومينا مع الجير، وأكسيد المغنيسيوم وأكسيد الحديد وجد بنسب أقل.

وفيما يلي التركيبُ الكيميائي للصخور البازلتية Chemical Composition of Basalt Rock :

كما تتمتع الصخور البازلتية بالمواصفات التالية:

• مواصفات جمالية عالية وخصوصاً بعد صقلها.

• مقاومة شديدة للكسر.

• عازليه جيدة للحرارة وقدرة عالية لامتصاص الصوت والضجيج .

• مقاومة عالية للعوامل الجوية وعوامل الاهتراء والتلف والأوساط الكيميائية الحامضية والقلوية والرطوبة.

• خامات طبيعية نظيفة وغير ملوِّثة للبيئة .

• يعتبر البازلت أفضلَ مقوٍّ للخرسانة بسبب قوة الشد التي يتمتع بها.

كما تتميز الصخور البازلتية من الناحية الصناعية بثبات حراري وكيميائي عاليين وهي خامات تركيبها قليلُ التعقيد كما أنَّ عمليةَ صهرِها وتجانسها وإغنائِها قد تمَّت من قِبل الطبيعة بفعل النشاط البركاني ولهذا فإنَّ القسم الأكبرَ من الطاقة المستهلكة لعملية الصهر الأولية للبازلت قد تمت من قبل الطبيعة نفسها.

الألياف البازلتية Basalt Fibers :

تم بحثُ إنتاج الألياف من البازلت خلال الحرب الباردة (الاتحاد السوفيتي القديم ) حيث كانت البحوث التجارية محدودةً وتم الإنتاج في الولايات المتحدة خلال نفس الفترة، إذْ بحث السوفييت البازلت كمصدرٍ لألياف المنسوجات المقاومة البالستية.

البازلت لديه عاملُ مرونةٍ عالية ومقاومة للحرارة ممتازة، جعلت أليافَه ذاتَ قدرة لمقاومة الحرارة وعزل الصوت بشكلٍ جيد. الألياف البازلتية هي وافدٌ جديد نسبياً إلى البوليمرات المقواة بالألياف (FRPs) والمواد المركبة الهيكلية فهي تحتوي على التركيبة الكيميائية المماثلة لألياف الزجاج ولكنَّ لها خصائصَ متانةٍ أفضل، وخلافاً لمعظم الألياف الزجاجية فإنها شديدةُ المقاومة للتأثيرات القلوية و الحمضية و الملحية مما يجعلها مرشحاً جيداً لهياكل الخرسانة والجسور الشاطئية. مقارنة بألياف الكربون وألياف الأراميد فإنها تمتلك ميزاتٍ في تطبيقاتِ درجات الحرارة على نطاق أوسع (-452 درجة فهرنهايت إلى 120 درجة فهرنهايت ) (-269 درجة مئوية إلى + 650 ° C)، مقاومةً أكبر للأكسدة، مقاومةً أكبر للإشعاع وقوة الضغط وقوة القص.

صناعة الألياف البازلتية:

الألياف البازلتية هي عبارة عن الألياف المستمرة Continuous Basalt fibers المنتجة من خلال الصخور البازلتية البركانية المنصهرة في حوالي 2700 درجة فهرنهايت (1500 درجة مئوية). إنتاج الألياف البازلتية والألياف الزجاجية متشابه، لكنَّ الصخورَ البازلتية المسحوقة هي المادة الخام الوحيدة المطلوبة لتصنيع الألياف البازلتية إذْ لا تحتاج الألياف البازلتية أيةَ إضافاتٍ أخرى في عملية إنتاجها مما يعطيها ميزة إضافية في التكلفة. وعلى الرغم من أن درجةَ الحرارة المطلوبة لإنتاج الألياف البازلتية أعلى من الزجاج إلا أنَّ الباحثين قالوا إنَّ إنتاجَ الألياف المصنوعة من البازلت يتطلب طاقةً أقلَّ نظراً لتجانس تسخينها.

يتم إنتاج الألياف البازلتية بطريقتين مختلفتين باستخدام البازلت المكسر المصهور في أفران خاصة.

في الطريقة الأولى والتي تدعى Junkers Type وهي النفخ بأُسطوانات الطرد المركزي والتي تستخدم لتصنيع الألياف الرخيصة بطول 60 – 100 مم وقطر 8 – 20 ميكرون والتي تستخدم بشكل أساسي كمواد عازلة في البناء وصناعة السيارات. حيث يتم تمرير المصهور البازلتي على قضيب آلة غزل الألياف الأفقي التي لديها ثلاثة رؤوس نابذة وتتكون من أسطوانة تسريع وأسطوانتين لتوليد الألياف. هذه الألياف المتشكلة بفعل القوة النابذة يتم نفخها بواسطة ضغط الهواء العالي كما في الشكل:

Junkers type basalt production: 1 – basalt lava، 2 – blowing valves، 3 – accelerating cylinder، 4 – fiberization cylinder، 5 – basalt fibers

1 - الحمم البازلتية، 2 - صمامات النفخ، 3 – اسطوانة تسريع ، 4 -الاسطوانة المولدة للألياف، 5 - ألياف البازلت

أما الطريقة الثانية فهي مشابهة للطريقة التقليدية لإنتاج ألياف الزجاج. تدعى بتكنولوجيا الغزل بعد الصهر ويتم إنتاج ألياف بقطر 10- 14 ميكرون على شكل بكرات. كما في الشكل:

1) صومعة الحجر المسحوق، 2) محطة تحميل، 3) نظام النقل، 4) محطة دفع الشحنة، 5) منطقة الصهر الأولية، 6) منطقة التحكم بتسخين الحرارة الثانوية 7) تشكيل الأسلاك 8 ) تحجيم لأبعاد الخيوط أطوالها و أقطارها، 9) غزل ولف الخيوط ، 10) شد الألياف ، 11) اللف .

تتمتع الألياف البازلتية بمواصفات نوعية عالية جداً واقتصادية مقارنة مع الألياف الأخرى السائدة والمستخدمة في الوقت الحاضر ( ألياف الزجاج والكربون وغيرها ) بالإضافة إلى كونها غيرَ ضارةٍ بالبيئة وصحة الإنسان. هذا ومن المعروف أنَّ الأليافَ البازلتية تملك قوة شدٍّ أفضلَ من الألياف الزجاجية، وإجهادَ قصورٍ أكبرَ من ألياف الكربون، مما يجعلها ذات مقاومة جيدة للتأثر الكيماوي، وتحمّل للصدم والنار ، مع أبخرة سامّة أقل.

متانة الألياف البازلتية Durability of basalt fiber:

لاختبار متانة وقوة تحمل ألياف البازلت أُجريت التجارب التالية:

• مقاومة القلوية Alkali resistance

• مقاومة العوامل الجوية Weathering resistance

• الاستقرار الحراري Thermal stability

وتم اختبار ألياف الكربون والألياف الزجاجية أيضا للمقارنة.

• مقاومة القلوية: عندما تُستخدم قضبان الألياف كتقوية داخل الخرسانة فإن مقاومةَ القلويات تعتبر عاملاً مهماً. يشمل الاختبار على غمر قضيب بازلتي في 1 م من محلول هيدروكسيد الصوديوم لمدة 7 ، 14 ، 21 و 28 يوم .

أظهر الاختبار أنَّ كلاً من الألياف البازلتية والألياف الزجاجية تبدأان بفقدان القوة والاستقرار الحجمي بعد سبعة أيام. وكانت تلك الخسارة بعد سبعة أيام حوالي 50% وحوالي 80% بعد 28 يوما. ومن ناحية أخرى أظهرت النتائج أنَّ أليافَ الكربون فقدت 13% من قوتها بعد 28يوم، وأنَّ مقاومةَ البازلت والألياف الزجاجية العازلة للقلويات كانت أضعفَ بكثير من ألياف الكربون. ومع ذلك، وفقاً لاختباراتٍ في كندا على الجسر القائم المدعوم بالألياف الزجاجية، لم يثبتْ أي دليلٍ من أنّ هذا الحجمَ والقوة قد نقصت.

• مقاومة العوامل الجوية: لاختبار المقاومة ضدَّ العوامل الجوية مثلِ التعرض للأشعة فوق البنفسجية تمَّ الفحص بالطريقة المحددة في JIS A 1415. وفق هذه الطريقة فإنَّ التعرض للأشعة لمدة 200 ساعة يعادل سنة من التعرض لأشعة الشمس في الظروف الطبيعية وبهذه الحالة فإنَّ 4000 ساعة تمثل 20 سنةً من التعرض تحت الظروف الطبيعية. متانةُ ألياف الكربون فقط تأثرت بمجرد التعرض، وكان معدل انخفاض متانة الألياف الزجاجية حوالي ضعفي الألياف البازلتية.

• الاستقرار الحراري: تم تسخينُ عينات الألياف لمدة 2ساعة بدرجة حرارة 100، 200، 400، 600 و 1200 درجة مئوية. وبعد يومٍ من التبريد في شروط المختبر تم قياس قوة الشد في الألياف جنباً إلى جنبٍ مع الفحص البصري. تبين أنه عندما كانت الحرارة تحت 200 درجة مئوية لم يكنْ هناك فرقٌ كبيرٌ بين أنواع الألياف ولكن عندما زادت الحرارة عن 200 درجة مئوية أصبحت الفروق مرئية. انخفاض قوة الألياف الكربونية والزجاجية كانت مميزة كلما ارتفعت درجة حرارة التسخين ولكن الألياف البازلتية احتفظت بحوالي 90% من متانتها في درجة الحرارة العادية حتى وصولها إلى 7600 درجة مئوية. التعرض لدرجة حرارة 1200 درجة مئوية لمدة 2 ساعة كافية لإحداث حريق. وفي مثل هذه الظروف بدت ألياف الكربون منصهرة تماماً بعد أن فقدت كل استقرارها الحجمي في حين أنَّ الأليافَ الزجاجيةَ فقدته جزئياً أما الألياف البازلتية فحافظت على شكلها واحتفظت بسلامتها الميكانيكية.

مادة البازلت كأسلوب تقوية :Basalt material as strengthening method

هناك العديدُ من أساليب التقوية باستخدام ألياف البازلت لتقوية الخرسانة.

سنستعرض ثلاثةَ أنواعٍ: التقوية الخارجية، وشبكة الألياف، ونوع مادة القضيب.

1. التقوية الخارجية :The external strengthening:

يتم تطبيق طبقة من الألياف إلى الجزء السفلي (جهة الشد) من الجائز البيتوني كما نشاهد في الشكل:

تزيد هذه الطريقةُ المتانةَ بشكل ملحوظ بجعلها الخرسانة متماسكة.

2. شبكة الألياف Fiber matrixes:

يتم وضع شبكة الألياف في الخرسانة لزيادة القوة في الجوائز الخرسانية المسلحة النموذجية.

حيث يتم وضع شبكات في الجوائز البيتونية، في مثل هذه الطريقة، لتحقيق أقصى قدرٍ من مقاومة قوة القص ومنع التشققات. عادة ما تتشكل شقوقُ القص بزاوية 45 درجة، حيث تبدأ الشقوق من القاعدة باتجاه القوة. يتم وضع شبكات الألياف بشكل عمودي على صدع محتمل. وهذا يعطي قوة اضافية لهذا المجال من الجائز ويمنع تشققاتِ القص.

3. القضيب / نوع القضيب The rod/bar type:

يعتبر قضيب الليف البازلتي خَياراً جيداً لتقوية الخرسانة، على سبيل المثال في الأحوال الجوية التي تؤدي إلى تآكلٍ مؤكد. ويكمن الخطر عادة في المنشآت القريبة من البحر أو البيئة المالحة، وتُعد المنازل والجسور ضمن هذه الفئة. عند استخدام قضبان التسليح النموذجي بالقرب من بيئة مالحة يجب الأخذ بعين الاعتبار الاعتباراتِ الخاصةَ للتغطية البيتونية ولكنْ مع استخدامِ قضبان التسليح FRP فإن الحاجةَ لبيتون التغطية يكون أقل دون أن يشكل ذلك خطراً على متانة المنشأ.

وهذا يشكل حجةً كافية لاستبدال قضبان الصلب بقضبان البازلت على نطاق واسع. ومن المزايا الأخرى لقضبان البازلت هي أنَّ وزنَه هو ثلث وزن الصلب، ومعامل التمدد الحراري قريبٌ جداً من الخرسانة. نسبة الأداء الميكانيكية عالية للقضيب المركب من ألياف البازلت جنباً إلى جنبٍ مع المقاومة للتآكل وللتأثيرات القلوية، وهي أسباب أخرى لاستبدال الصلب في الخرسانة بقضبان مركبة من ألياف البازلت. وقد أجريت تجارب لتقييم أداء الخرسانة المسلحة بقضبان مركبة من ألياف البازلت وتبين أنها خَيار جيد لتقوية الهيكل الخرساني، مثل الجسور والمنازل التي تقع على مقربة من البحر بالإضافة إلى متانتها الجيدة جداً حوالي ثلاثة أضعاف قوة حديد التسليح المستخدم حالياً، كما أنَّ مقاومتَها للحرارة جيدة جداً وهو أمر مهمٌ للغاية في المباني.

الخلاصة والنتائج :

حاليا هناك العديد من الشركات المصنعة لقضبان FRP ومعظم هذه القضبان مصنوعة من الألياف الزجاجية E-glass fiber والراتنجات الحرارية ومع ذلك فإن قضبانFRP تفتقر إلى المتانة الكافية في ظل الظروف القاسية وهي قضبان مكلفة وغير مقاومة للقلويات. القضبان البازلتية لا تمتلك هذه العيوب، ويمكن استخدامها بشكل فعال و تُعتبر المادةَ الأساسية في تصنيع كثير من المواد والمنتجات المتنوعة أهمها :

• ألياف مجدولة Strands Fiber Basalt تستخدم في صناعة النسيج والمواد البولميريه والبلاستيك المقاوم .

• خيوط مفتولة Roving Fiber Basalt تستخدم في صناعة المواد المنسوجة وغير المنسوجة ، كما تستخدم كمواد مالئة للمركبات البولميريه ذات الامتصاص الضعيف للماء والعزل الكهربائي .

• قضبان بازلتية مركبة rods Composite Basalt بديلة لتحل محل الحديد والفولاذ والفيبرغلاس كعناصر تقوية في صناعة الخرسانة والأبنية وغيرها .

• الأنابيب البازلتية والبازلتية البلاستيكية المقاومة للتآكل Plastic – Basalt and pipes Basalt pipes /أنابيب اكساء وضخ ونقل النفط وحفر الآبار وشبكات الصرف الصحي وغيرها .

• أقمشة وملابس Fabrics and Cloth Basalt تستخدم في صناعة وتقوية الملابس الواقية للجسم العازلة والمقاومة للحرارة والنار . .

• أجسام الشاحنات والباصات وسيارات التبريد .

• في الأبنية الزراعية والصناعية الحديثة كعوازل حرارية وصوتية .

• لتدعيم الطرق الإسفلتية ومهابط الطائرات .

• مراوح طاقة الرياح ولواقط الأشعة الشمسية .

• شبكات عزل وتدعيم الأبنية والمنشآت الصناعية .

• مواد تركيبية مقاومة للاحتراق والنار في المحطات الكهربائية والنووية والمنشآت النفطية ومختلف المنشآت الحيوية (مهابط الطائرات ومدرجات المطارات – الجسور – الأنفاق – السدود).

• في أجهزة الرادار الخاصة. - في صناعة المفروشات .

• فلاتر عالية النوعية لتنقية الغازات والغبار والدخان وكافة مخلفات المنشآت الصناعية والأبنية .

بعض من أشكال تطبيقات الألياف البازلتية

وبما أنّ البازلت هو أكثرُ الصخورِ شيوعاً على وجه الأرض لذلك لن يكون هناك أي نقص في المصادر، مما يعني أنَّ هذه الموادَّ هي أرخص بكثير من المواد الصخرية الأخرى، على سبيل المثال من ألياف الكربون. والقدرة على إعادة دورة الألياف البازلتية لأشكالٍ مختلفة يحل مشكلة التخلص من النفايات. كما أصبحت الألياف البازلتية خياراً شائعاً من قبل علماء المواد مما يجعلها مادة تدعيم مفيدةٍ سواءً في الوقت الحاضر أو في المستقبل.

المصادر :

هنا

هنا

هنا

هنا