الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

نظارة المستقبل ستغنيك عن طبيب العيون

استمع على ساوندكلاود 🎧

إن كنّتم مثلي ومثل الكثيرين تحتاجون نظارةً طبيةً، فلا بدّ أنّكم سئمتم مراجعة طبيب العيون كل فترةٍ لإجراء فحصٍ للنظر، وربما بدأتم تسأمون كذلك تغيير نظاراتكم الطبيّة بين الحين والآخر لتتناسب مع وضع عينيكم، سواءً أكان تحسنًا أم سوءًا. لكن ماذا لو أخبرناكم أنّ هذه المعاناة في طريقها إلى الزوال، وأنّ النظارات الطبية ستصبح قادرةً على تعديل وضعها بشكلٍ تلقائيٍّ لتتناسب مع الوضع الصحي للعين.

تخيّلوا معي وجود نظاراتٍ طبيةٍ قادرةٍ على تعديل نفسها ذاتياً، بحيث تنتقل خلال ثوانٍ من كونِها تفيدُ في حالة مدِّ البصر إلى علاجها قصر النظر، وهو ما يوفِّرُ مئات الدولارات بكلِّ تأكيد، حيث يعاني العديد من الأشخاص من قصر النظر ومدِّ النظر في آنٍ معًا وهو ما يضطرهم إلى شراء نظارتين.

للأسف هذا يبقى مجرّد تخيّلاتٍ مع العدسات الحالية، فبالرغم من كون العدسات الطبية قد تطوَّرت كثيرًا إلّا أنّ مثل هذه التكنولوجيا تحتاج طفرةً علميّةً لتتحقق.

يسعدنا إخباركم أنّ هذه الطفرة قد تحققت بالفعل- أو أنّها في طريقها إلى لتحقق -وذلك من خلال تقنيةٍ جديدةٍ نسبيَّاً تُدعى العدسات السائلة. تُقدّم لنا تقنية العدسات السائلة إمكانياتٍ هائلةً كنّا نظنها خيالاً علميّاً ، فقد أصبح بإمكاننا صناعة نظاراتٍ ذكيّة يمكنها أن تتحول خلال لحظاتٍ وتعالج طيفاً واسعاًَ من أمراض العيون، والدرجاتِ المختلفةَ لقِصر النظر ومدّه وانحرافه. فبمجرَّد اقتناء هذه النظارة لن تحتاج لاُخرى حتى نهاية حياتك.

كيف تعمل هذه النظارة الجديدة إذًا؟

أنتج الباحثون في جامعة Utah نموذجاً أولياً لهذه النظارة عبر استخدام العدساتٍ السائلة والمكابس الكَهْرَضَغْطِيّة، وهي المكابس التي تنضغط وتنبسط بمجرّد تعريضها لإشارةٍ كهربائيّة.

تمَّ تحقيق هذه العدسات السائلة عن طريق غشائين شفافين رقيقين يحيطان بمادة الجلِسْرِين، وهو سائل ذو قرينةِ انكسارٍ عاليّة. تتحدب هذه العدسات المرنة عندما تدفعها المكابس نحو الأمام، وتتقعر في الحالة المعاكسة.

بالنسبة للمستخدمين المصابين بقصر النظر ومدّ النظر معًا، فإنّ العدسات تغيّر انحناءها بواسطة المكابس. تستطيع هذه العدسات كذلك تغييرَ بعِدها البؤريِّ وبالتالي تركيزَ الأشعة في النقطةِ المناسبة وهي أهمُّ خاصةٍ في العدسات السائلة وهو ما يميّزها عن العدسات الصلبة التي تُستخدَم اليوم في النظارات التقليدية.

لتتكيف هذه النظارات مع الوضع الآني لكل شخص، يتطلب معرفة نوعين من المعلومات: أحدهما هو الحالةُ الطبيّة للعين، التي يدخلها المستخدم عبر تطبيقٍ على الجهاز المحمول، والمعلومة الأخرى هي البعدُ البؤري، والذي يتم قياسه عبر حساسٍ موجودٍ في مركز إطار النظارة.

يوجدُ متحكِمٌ صغريّ في النظارة يخزنُ الحالةَ الطبيّة ويستقبلُ البعدَ البؤريّ منَ الحساس. يقومُ المتحكِّمُ بعدها بإدخالِ هذه الأرقام ضمنَ خوارزميةٍ متخصصةٍ، التي تقومُ بدورها بحسابِ الجهدِ اللازمِ تطبيُقه على المكابس الكَهْرَضَغْطِيّة لتحقيق الانحناء أو التقوّس المرغوب.

أمّا بالنسبةِ للطاقةِ الكهربائيّةِ فتحصلُ عليها العدسةَ من خلال بطارياتٍ توجدُ ضمنَ جزءٍ من الإطار، وتعمل هذه البطاريات لحد الستِّ ساعات قبل أن تحتاج لإعادةِ شحن.

تحسيناتٌ مستقبليٌة محتملة:

يمتلكُ فريقُ البحثِ الآن نموذجاً مبدئياً جيّداً إلى حدٍ كبيرٍ، ولكن يأملُ الفريقُ في المستقبل أن يتمكن من إضافة تكنولوجيا تُسمى "تتبُّع العين"، حيث يمكن لهذه التكنولوجيا أن توفر تعديلاتٍ أدقَّ للتركيز، وهو ما يحسِّن العملَ بصورةٍ كبيرة. تحسينٌ آخر محتملٌ على مستوى إطار النظارة سينالُ إعجابَ أنصارِ الموضة بكل تأكيد، حيث أنَّ إطار النظارة الحالي سميكٌ وعريض لأنه صُنع عن طريق تقنية القطع بالليزر.

سواءً أكان شكل الإطار غيرَ ملائمٍ أو أنه يوافق الموضة الحاليّة، تبقى هذه النظارة ثورةً تكنولوجيةً بحق، وستغيّر مفهومنا وكل ما نعرفه عن النظارات الطبيّة، وستريح بكل تأكيد كلَّ من يحتاجها.

المصدر:

هنا