الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

حرق الدهون يمر عبر الدماغ

استمع على ساوندكلاود 🎧

تعرّف العلماء منذ 80 عاماً خلَت على مجموعةِ ببتيداتٍ تُعرف باسم تاكيكينين Tachykinin، والتي تتواجد في صفٍّ واسعٍ من الكائنات الحية اعتباراً من البرمائيات وصولاً إلى الثدييات. وقد كانت مهمّةُ هذه الببتيدات عديدةً؛ تتنوع بين تحفيز العصبونات، وإثارةِ الاستجابات السلوكية أو التسبّبِ بتوسيعِ أو تضييقِ الأوعيةِ الدموية وإحداثِ التقلّصاتٍ المعوية. وقد أُجري عددٌ من التجارب لوضعِها على عضلاتٍ ملساءَ من أمعاءِ الخنازير، فوُجدَ أنّها قد تقلّصت بالفعلِ عند ملامسةِ هذه الببتيدات. وقد اعتقدَ العلماء حينها أن هذه الببتيدات هي الهرمون الذي يربط الدماغ بالأمعاء، ولكن الببتيد العصبي لم يُربَط وقتَها باستقلاب الدهون على الإطلاق.

من جهةٍ أخرى، توصّل العلماءُ سابقاُ إلى دورِ هرمون "السيروتونين Serotonin" في تحريضِ حرقِ الدهونِ في الأمعاء، وهو ناقلٌ عصبيّ أشيرَ إلى كونِهِ يساعد على فقدِ الوزن، ولكن دونَ معرفةِ آليةِ عملِه المحدّدة. ومن هنا كانت الدراسةُ التي أجراها الباحثون في مركز The Scripps Research Institute (TSRI) على الديدان المُدوّرة C.elegans، التي تمتلك جهازَ استقلابٍ أبسطَ مما هو عندَ البشر، لبحثِ هذا الموضوع.

أثناَء بحثِهم، توصّل العلماءُ إلى إيجادِ ببتيد عصبيّ أسموه FLP-7 (وتلفظ Flip-7)، ولاحظوا أنه يُماثلُ الببتيداتِ المُسمّاةَ Tachykinin عند الثدييات، فتمّت دراسةُ ارتباطِهِ بمستوياتِ السيروتونين في الدماغ بهدفِ تحديدِ دورِه في حرق الدهون. وتمكّنوا بالفعل من تأكيد العلاقةِ بين إفراز العصبوناتِ للببتيد FLP-7 ومستويات السيروتونين التي تتأثر ببعض المنبّهاتِ الحسيّة مثل وجود الطعام ومشاهدتِه أو شمّ رائحتِه، لينتقل بعدها FLP-7 عبر جهازِ الدوران ويبدأ عمليةَ حرق الدهون في الأمعاء. وكانت تلكَ المرّةَ الأولى التي يجدُ الباحثون فيها هرموناً دماغياً يحرض بشكلٍ نوعيٍ وانتقائيٍ على استقلابِ الدهون بدون أي تأثيرٍ على امتصاصِ الغذاء.

وبعد المزيد من الاستقصاء توصّل الباحثون إلى أن زيادةَ كميةِ FLP-7 لم تترافق مع أي تأثيراتٍ جانبيةٍ على امتصاص الغذاء أو غيرِها من المؤشرات المدروسة كالحركة على سبيل المثال، إذ استمرّت الديدان بأداء وظائفها بشكلٍ طبيعيٍ في الوقت الذي تقوم فيه بحرق الدهون بشكلٍ أكبر. وبحسب الباحثين، فإن هذا الاكتشاف يُشجّعُ الدراساتِ المستقبليةَ حول آليةِ تنظيمِ مستوياتِ FLP-7 دونَ حدوثِ تأثيراتٍ جانبية كتلكَ الملحوظةِ عند التلاعبِ بمستويات السيروتونين.

المصدر:

هنا