الهندسة والآليات > الاتصالات والشبكات

الجيل الرابع من الاتصالات الخليوية (الجزء الأول) : الجيل الرابع المزور

استمع على ساوندكلاود 🎧

5. الجيلُ الرّابعُ من الاتّصالاتِ الخُليويّة

5.1. مقدمة: [1]

إنَّ تصنيفَ نظامِ (LTE) Long Term Evolutionضمنَ أنظمةِ الجيلِ الثّالثِ قد يثيرُ استغرابَ البعضِ، نتيجةً عن الخطأِ واسعِ الانتشارِ، سواء أفي الأسواق أم في بعضِ المراجعِ، حولَ تسميةِ الجيلِ الرّابعِ بنظامِ LTE. فإذا كان الحرفانِ "4G" مطبوعَين على هاتفِك النقّالِ دونَ أن تصلَ سرعةُ التّحميلِ لديك إلى درجةِ 1Gbps أو، على الأقلِّ، إلى مئاتِ الميجابت في الثّانيةِ عندَ الاتّصالِ بشبكاتِ الجيلِ الرّابعِ، فاعلمْ أنَّكَ قد خُدِعْت.

ولكن ممّا يُخفّفُ من وطأةِ الأمرِ عليك، أنّكَ لستَ وحدَك المخدوعَ، بل هي خدعةٌ عالميّةٌ، إِنْ صحَّ التعبيرُ، سببُها تسويقُ نظامِ LTE منذُ البدايةِ على أنَّه "جيلٌ رابعٌ" مِن قِبَل مُصنِّعي الهواتفِ النقّالةِ دونَ المصادقةِ على المعاييرِ والمتطلّباتِ التّقنيّةِ لأنظمةِ "الجيلِ الرابعِ" التي أقرَّها الاتّحادُ الدّوليُّ للاتّصالات ((ITU.

وممّا فاقمَ مِن هذهِ الخدعةِ أنَّ الاتّحادَ الدّوليَّ للاتّصالاتِ قد أعلنَ في آخرِ الأمرِ، نتيجةً عنِ الضّغوطِ التّسويقيّةِ الكبيرةِ وعن الميّزاتِ الفارقةِ لنظامِ LTE مقارنةً بأنظمةِ الجيلِ الثّالثِ السّابقةِ، أنَّهُ يُمكنُ اعتبارُ نظامِ LTE نظامًا تابعًا للجيلِ الرّابع. وهذا تفسيرٌ لما قد تسمعُه أو تقرأه عن الفارقِ بين مصطلحين، الأوّلُ هو الجيلُ الرّابعُ دونَ أيّةِ إضافةٍ، والثّاني هو الجيلُ الرّابعُ "الحقيقيّ" مُمَثّلًا بنظامِ Long Term Evolution-Advanced LTE-A، إذ يُمكننا أن نعتبرَ أنَّ نظامَ LTE جيلٌ رابعٌ "مزوَّرٌ" بينما يكونُ نظامُ LTE-A هو الجيلُ الرّابعُ الحقيقيّ.

وكما يبدو جليًّا من الاسمِ فإنَّ نظامَ LTE-A هو تطويرُ نظامِ LTE وتحسينُ ميزاتِهِ، عن طريقِ استخدامِ بعضِ التّقنيّاتِ الجديدةِ، والتي جعلتْ هذا النّظامَ موافقًا معاييرَ الجيلِ الرّابعِ بحسبِ الاتّحادِ الدّوليِّ للاتّصالات.

5.2. Long Term Evolution (LTE): [2، 3]

بدأ المشروعُ سنةَ 2004 وأُطلِقَ للاستثمارِ في سنةِ 2010 بتوصياتِ الهيئةِ التّشاركيّةِ 3GPP ومعاييرِها، بهدفِ زيادةِ معدّلِ نقلِ البياناتِ وتقليلِ فترةِ الانتظار(1) latency، وإنجازِ نفاذٍ راديويّ أمثل لحُزمِ البيانات. وقد صُمّمَتْ معماريّةٌ جديدةٌ بهدفِ دعمِ تحويلِ حزمِ البياناتِ لتحقيقِ خدمةِ تجوالٍ أسلس وجودةِ خدمةٍ أعلى بكثيرٍ، وقد مهّدَ هذا النّظامُ الطريقَ لظهورِ نظامِ الجيلِ الرّابعِ LTE-Advanced (LTE-A).

5.2.1. معماريّةُ شبكةِ LTE (LTE Network Architecture): [3]

الشّكل (1)

حيثُ تتألّفُ المعماريّةُ الجديدةُ من ثلاثةِ مكوّناتٍ رئيسيّةٍ:

5.2.1.1. User Equipment (UE):

الجهازُ النقّالُ (أو المحطّةُ النقّالةُ) الذي يستخدمُه المشترِكُ أو المستخدَمُ للاتّصالِ بالشّبكة.

5.2.1.2. Evolved UMTS Terrestrial Radio Access Network (E-UTRAN):

الإصدارُ المُحسَّنُ من شبكةِ النّفاذِ الرّاديويِّ الأرضيِّ في النّظامِ العالميِّ للاتّصالاتِ المتنقّلةِ UMTS، يُظهرُ الشّكلَ (2) التّالي معماريّةَ هذا القسم:

الشّكل (2)

وظيفةُ هذا القسمِ: قيادةُ الاتّصالاتِ اللاسلكيّةِ بين الموبايل والقسمِ الآخرِ من معماريّة LTE الذي يُدعى نواةَ حُزَمِ البياناتِ المطوَّرةِ Evolved Packet Core (EPC).

كما نلاحظُ في الشَّكلِ (2) وجودَ وحدةٍ تُدعى المحطّةَ الثّابتةَ المُطوَّرةَ evolved base station (eNodeB or eNB)، ويُعتبرُ كلٌّ منها بمثابةِ محطّة قاعدة تتحكّمُ بالأجهزةِ الخَليويّةِ في خليّةٍ أو في عدّةِ خلايا. وتتلخّصُ وظيفةُ هذه المحطّاتِ بِما يَلي:

• إرسال الإشاراتِ الراديويّةِ إلى الهواتفِ المحمولةِ واستقبالِها منها باستخدامِ وظائفِ معالجةِ الإشارةِ التماثليّةِ والرّقميّةِ ضمنَ الواجهةِ الراديويّةِ LTE air interface.

• توجيه بعضِ الأوامرِ إلى الهواتفِ الخاضعةِ لتغطيتِها مثلَ أوامرِ إجراءاتِ التّسليمِ (المشروحة مُسبقًا في مقالاتِ الجيلِ الثّالث).

تتّصلُ كلُّ محطّةٍ eBN مع القسمِ EPC بواسطةِ واجهةِ S1، كما يمكنُ أن تتّصلَ مع المحطّاتِ القريبةِ منها بواسطةِ واجهةِ X2 التي تُستخدمُ بشكلٍ أساسيٍّ للقيامِ بوظائفِ تبادلِ الإشاراتِ وإعادةِ توجيهِ حُزَمِ البياناتِ خلالَ إجراءِ التّسليمِ، وتُعتبرُ عمليّةُ إعادةِ توجيهِ حُزَمِ البياناتِ من الميّزاتِ المهمّةِ في نظامِ LTE حيثُ أنَّها تقومُ بتخزينِ البياناتِ خلالَ إجراءِ التّسليمِ أي خلالَ انتقالِ المشتركِ من تغطيةِ محطّةٍ إلى أخرى ثمَّ تُعيدُ توجيهَ هذه البياناتِ إلى المشتركِ عندما يُصبحُ الاتّصال جيّدًا ضمنَ تغطيةِ المحطّةِ الثّانيةِ دونَ أيِّ ضياعٍ.

5.2.1.3. Evolved Packet Core (EPC):

تُعتبرُ نواةَ حُزَمِ البياناتِ المطوَّرةِ The core network، ويُظهرُ الشّكلُ (3) التّالي معماريّةَ هذا القسمِ وأهمَّ عناصرِهِ:

الشّكل (3)

مُكوّناتُ الوحدة:

• Home Subscriber Server (HSS): قاعدةُ البياناتِ المركزيّةِ التي تحتوي على معلوماتِ المشتركينَ في الشّبكة.

• Packet Data Network (PDN) Gateway (P-GW): يُحقّقُ التّواصلَ مع العالمِ الخارجيِّ مثلَ شبكاتِ حُزَمِ البياناتِ PDN (كالإنترنت) عبرَ الواجهةِ SGi كما هو مُبيّنٌ في الشّكل (3).

• Serving Gateway (S-GW): يلعبُ دورَ الموجِّه، حيثُ يقومُ بتوجيهِ البياناتِ بينَ المحطّةِ الثّابتةِ وبوّاباتِ PDN gateway.

• Mobility Management Entity (MME) قسمُ إدارةِ التّجوالِ: يتحكّمُ بعمليّةِ التّجوالِ في مستواها العالي ضمنَ الجهازِ النقّالِ، عن طريقِ إدارةِ تبادلِ الإشاراتِ بينَ الجهازِ النقّالِ وبعضِ مُكوّناتِ EPC.

• Policy Control and Charging Rules Function (PCRF): وظيفتُهُ التّحكّمُ بعمليّاتِ الشّحنِ وجودةِ الخدمة.

نُلاحظُ في الشّكل أيضًا وجودَ رابطٍ يُسمَّى S5/S8، حيثُ أنَّ لهذا الرّابطِ حالتين، فإمّا أن يربطَ بينَ جهازينِ موجودينِ في الشّبكة نفسِها فيُسمَّى S5، أو بينَ جهازينِ موجودينِ ضمنَ شبكاتٍ مختلفةٍ فيُسمَّى S8.

5.2.2. تقنيّاتُ ومزايا نظامِ LTE:

5.2.2.1. Orthogonal Frequency Division Multiplexing (OFDM): [4]

تُعتبرُ تقنيّةُ التّجميعِ بالتّقسيمِ المتعامدِ للتّردّدِ OFDM من أهمِّ التّقنيّاتِ المستخدمةِ في نظامِ LTE وهي المعتمدةُ كأساسٍ في الأنظمةِ المستخدمةِ لتوفيرِ النّفاذِ المتعدّدِ مثلَ نظامِ (OFDMA) للمسارِ (الوصلة) الهابطِ الذي يُخصّصُ كتلًا زمنيّةً - تردّديّةً ضمنَ الحواملِ الفرعيّةِ بهدفِ تخديمِ العديدِ من المستخدمين بفاعليّةٍ أعلى وتداخلٍ أقلّ، ونظامِ Single Frequency Division Multiple Access SC-FDMA للمسارِ الصّاعدِ الذي يعملُ على حلِّ مشكلةِ الذّروةِ المرتفعةِ في نظامِ OFDM التي تُسبّبُ استهلاكًا كبيرًا للطّاقةِ في الموبايل.

تمتازُ تقنيّةُ OFDM بقدرتِها الكبيرةِ على التّغلّبِ على الظّروفِ السّيّئةِ التي قد تمرُّ بها قناةُ النّقلِ المُستخدَمةِ: كتداخلِ الإشاراتِ ((Narrow interference والخفوتِ الانتقائيِّ للتّردّدِ (frequency-selective fading)، وهذه الميزةُ مهمّةٌ جدًّا خاصّةً مع التّزايدِ الكبيرِ لأعدادِ المستخدمين والانتشارِ الواسعِ لأنظمةِ الاتّصالاتِ الخَليويّةِ المختلفةِ والمتجاورة. ومن الميّزاتِ الأخرى المفيدةِ في هذه التّقنيّةِ بساطةُ تسويةِ القناةِ (channel equalization)، والتّسويةُ هي عمليّةُ التّخلّصِ من التّشويهِ الذي قد تتعرّضُ له الإشارةُ ضمنَ القناة.

تعتمدُ تقنيّةُ OFDM على مبدأِ إرسالِ الإشارةِ عبرَ العديدِ من الحواملِ أو القنواتِ الفرعيّةِ ضيّقةِ النّطاقِ التّردّديّ بدلًا من إرسالِها عبرَ قناةٍ واحدةٍ عريضةِ النّطاقِ التّردّديّ، وتكمنُ قوّةُ هذه التّقنيّةِ في منعِ التّداخلِ من خلالِ جعلِ كلّ إشارةٍ منقولةٍ على حاملٍ فرعيّ ما متعامدةً مع الإشاراتِ المنتقلةِ على الحواملِ الفرعيّةِ المجاورةِ ممّا يمنعُ التّداخل.

5.2.2.2. MIMO (Multiple Input Multiple Output): [2، 5]

تكلّمنا عن هذه التّقنيةِ ودورِها في زيادةِ معدّلِ نقلِ البياناتِ في معرضِ حديثِنا عن نظامِ HSPA+ في المقالِ السّابقِ، وقد زِيدَ عددُ الهوائيّاتِ التي يُمكن استخدامُها في هذا النّظامِ حتّى أربعة هوائيّاتٍ في كلٍّ من المُرسِلِ والمُستقبِل.

5.2.2.3. الحواملُ التّردّديّة:

يدعمُ عرضَ حُزَمٍ متنوّعة للحواملِ التّردّديّة (1.4، 3 ،5 ،10 ،15 ،20) MHz.

5.2.2.4. معدّلُ نقلِ البيانات:

300 Mbps للمسارِ الهابطِ في حالِ استخدامِ القناةِ ذاتِ عرضِ نطاقِ 20 MHz واستخدامِ تقنيّةِ (4x4 MIMO) أي أربعة هوائيّات في كلٍّ من المرسِلِ والمستقبِل. أمّا في حالِ استخدامِ القناةِ ولكن بتقنيّةِ (2x2 MIMO) فإنَّ معدّلَ نقلِ البياناتِ في المسارِ الهابطِ ينخفضُ إلى النّصف 150 Mbps.

و75 Mbps للمسارِ الصّاعدِ.

5.2.2.5. زمنُ الانتظار latency:

منخفضٌ، أقلُّ من 10 ms.

5.2.2.6. إمكانيّةُ استخدامِ تقنيّتي FDD وTDD معًا

5.2.2.7. يؤمّنُ LTE اتّصالًا سلسًا حتّى مع شبكاتِ الأنظمةِ السّابقةِ مثلَ GSM وCDMA وWCDMA.

5.2.2.8. فعّاليّة طيفيّة عالية Spectral efficiency:

والتي تعني أنّه من أجلِ قناةٍ بعرضِ نطاقٍ تردّديّ معيّن يمكنُ إرسالُ البياناتِ بفعّالية عالية من أجلِ جميعِ المشتركين، وكلّما كانت الفعّالية الطّيفيّة أعلى أمكنَ الحصولُ على معدّلِ نقلِ بياناتٍ أعلى ضمنَ القناة. فعلى سبيلِ المثالِ عندما تكونُ قيمةُ الفعّالية الطّيفيّة 10 bps/Hz، فإنَّ هذا يعني أنّه من أجلِ قناةٍ بعرضِ نطاقٍ تردّديّ 1Hz فإنَّ معدّلَ نقلِ البياناتِ ضمنَ القناةِ يكونُ 10 bps. وبكلماتٍ أخرى فإنّه كلّما كانت الفعّالية الطّيفيّة أعلى كانَ معدّلُ نقلِ البياناتِ أعلى.

ملحق:

(1) latency: الكمون أو فترةُ الانتظارِ، وهي الفترةُ الفاصلةُ بينَ عمليّةِ تحفيزٍ لنظامٍ ما وبينَ الاستجابةِ لذلك التحفيز. تختلفُ تفاصيلُ هذا المفهومِ بينَ نظامٍ وآخر، ولكن فيما يتعلّقُ براحةِ مستخدمِ الموبايلِ أو أيِّ جهازٍ إلكترونيّ فإنّه من الضّروريّ تقليلُ قيمةِ الكمونِ أو فترةِ الانتظارِ بهدفِ جعلِ الاستجابةِ أقربَ ما يمكنُ إلى الزّمنِ الحقيقيّ، وفي مجالِ الشّبكاتِ فإنَّ هذا المصطلحَ يعبّرُ عن فترةِ الانتظارِ المطلوبةِ للاتّصالِ بالشّبكة. [6]

المراجع:

[1] - هنا

[2] - هنا

[3] - هنا

[4] - هنا

[5] - هنا

[6] - هنا