الطب > مقالات طبية

تشخيص الانْصِمامِ الرئويِّ بمساعدة أحرفِ P الخمسة

استمع على ساوندكلاود 🎧

الانصمامُ الرئويُّ هو الانسدادُ المفاجئُ لشريانٍ رئيسٍ في الرئةِ بجسمٍ جائلٍ في الدمِ؛ غالباً ما يكونُ خثرةً دمويةً، والتي يمكنُ أن تكونَ كبيرةً كفايةً لإعاقةِ مرورِ الدمِ إلى الرئتين مؤديةً بذلك إلى الوفاةِ، ومن ثَمّ تحتاجُ للعلاجِ السريعِ، وهنا تكمنُ المشكلةُ! فالتشخيصُ السريعُ هو الأساسيُّ في تدبيرِ هذه الحالةِ المهدّدةِ للحياةِ، حيثُ أنَّ معظمَ العلاجاتِ المتوافرةِ حالياً فعّالةٌ وناجحةٌ.

للوصولِ إلى هذا التشخيصِ يجبُ التفكيرُ بما يُسمّى أحرفَ P الخمسةَ "The Five P’s of PE".

P1: Patient Presentation - مظهرُ المريض.

كخطوةٍ أولى يجبُ تأمُّلُ المريضِ قبلَ إجراءِ أيِّ اختبارٍ تشخيصيٍّ، وأخذِ قصةٍ مَرضيةٍ تفصيليةٍ، وإجراءِ فحصٍ جسميٍّ دقيقٍ. غالباً ما يتظاهرُ مرضُ الانصمامِ الرئويِّ بأعراضٍ وعلاماتٍ متنوِّعةٍ وخادعةٍ، تتضمنُ ضيقَ النفَسِ والألمَ الصدريَّ الجَّنْبيَّ، اللّذان على الرغمِ من كونِهِما الأكثرَ شيوعاً إلا أنّهما غيرُ كافيَين لتأكيدِ أو نفيِ الانصمامِ. ومن الأعراضِ الأقلِّ شيوعاً: السّعالُ، الإغماءُ، نَفْثُ الدمِ، تسرُّعُ القلبِ، الترفّعُ الحَروريُّ (ارتفاع الحرارة)، وتوذُّمُ الساق.

P2: Pre-test Probability- احتماليّةُ الإصابةِ قبلَ إجراءِ الاختبارات.

يجبُ تحديدُ احتماليّةِ الإصابةِ بالانصمامِ الرئويِّ قبلَ اللجوءِ للاختباراتِ التشخيصيةِ، بحيث تكونُ وسيلةً لتأكيدِ الشكِّ لا للتشخيصِ وتصنيفِ خطورةِ المرضى تبعاً لها.

يتمُّ تحديدُ هذه الاحتماليةِ عن طريقِ الصورةِ السريريّةِ للمريضِ، إضافةً لمعاييرِ التقييمِ التنبُّؤيةِ السريريةِ، حيثُ أنّ لكلِّ مريضٍ خصوصيةً في الشذوذِ عن هذه المعاييرِ.

P3: Prediction Rules- معاييرُ التقييمِ التنبؤيةُ السريرية.

هناك معياران للتقييم:

معيار (revised Geneva ( r Geneva: وهو معيارٌ موضوعيٌّ أي يعتمدُ على تقييمِ الفاحصِ السريريِّ، ويتضمّنُ ثلاثَ درجاتٍ من الخطورةِ (منخفضةٍ ومتوسطةٍ وعالية).

- معيار ويل Well’s score: الّذي يصنِّفُ المرضى إلى: الأقلِّ احتمالاً للإصابةِ بالانصمامِ الرئويِّ (أقل من 4 نقاط) والأكثرِ احتمالاً للإصابةِ (أكثر من 4 نقاط)، ولكن من سلبياتِ معيار ‘ويل‘ أنّه يعطي 3 نقاط عندَ الشكِّ السريريِّ بالإصابةِ بالانصمامِ.

كلا المعيارَين يوجّهان لإجراءِ اختباراتٍ تشخيصيةٍ إضافيةٍ، ولكن بوجهٍ عامٍّ يُعتبر المرضى الأصغرُ من خمسين عاماً منخفضي الخطورةِ للإصابةِ بالانصمامِ، وعندها يمكنُ استعمالُ معاييرِ استبعادِ (نفيِ) الانصمامِ الرئويِّ (Pulmonary Embolism Rule Out Criteria PERC).

P4: Pesky D-dimer- اختبار D-dimer

نلجأُ إلى هذا الاختبارِ عندما لا نتمكّن من استبعادِ الانصمامِ الرئويِّ عن طريقِ PERC، حيثُ يُصنَّفُ المرضى إلى سلبيّي ثُنائيّ الوحدات أو المَثنَويّ دي (D-dimer) وإيجابيّي المَثْنَويّ دي.

يقيس هذا الاختبارُ نواتجَ انحلالِ الفِبْرينِ في البلازما، مما يشيرُ إلى بدءِ عمليةِ انحلالِ الفِبرينِ وانطلاقِ الخثراتِ الدمويّةِ في مجرى الدمِ.

سلبيّتُه في هذه المرحلةِ تنفي وجودَ الانصِمامِ الرئويِّ، ولكنّ إيجابيّتَه لا تؤكّدُها، حيث نلجأُ لإجراءاتٍ تشخيصيةٍ شعاعيةٍ إضافيةٍ.

أكثرُ ما يُستخدم عند المرضى الذين حصلوا على أقلَّ من 4 نقاطٍ حسبَ معيارِ Well ولم يتمَّ نفيُ إصابتِهم حسب PERC.

القيمةُ الطبيعيةُ لنتيجةِ الاختبارِ هي أقلُّ من- أو تساوي 250 نانوغرام/مل، ولكن هذه القيمةَ تتغيرُ مع التقدمِ بالعمرِ حيث تزدادُ بعدَ عمرِ الخمسين.

P5: Pictures- الصور الشعاعية.

بعدَ الحصولِ على نتيجةِ D-dimer إيجابيّةٍ، أو إذا كان المرضى ذوي خطورةٍ عاليةٍ للإصابةِ بالانصمام، يجب اللجوءُ للصورِ الشعاعيّةِ.

صورةُ الصدرِ البسيطةُ يمكنُ أن تكونَ طبيعيةً تماماً أو تحتوي على مظاهرِ ضخامةٍ قلبيّةٍ أو ما يشبهُ التهابَ الرّئةِ.

المعيارُ الذهبيُّ للتشخيصِ هو التصويرُ الظَّليلُ المحوسَبُ للأوعيةِ الدمويةِ الرئويةِ CTA، حيث يمكنُ عن طريقِه كشفُ الانصماماتِ (الصمّاتِ) الصغيرةِ اللاعَرَضيّةِ، ومن سلبياتِهِ التكلفةُ العاليةُ واعتلالُ الأنابيبِ البوليّةِ بسببِ المادةِ الظليلةِ والآثارِ التحسُّسيّةِ، ولكن في حالِ الخطورةِ العاليةِ للانصمامِ يجبُ القيامُ بهذا الإجراءِ.

يمكنُ اللجوءُ للفحصِ الومَضانيِّ للرئتين بحقنِ الموادِّ المشعّةِ، وذلك عندَ وجودِ مضادّاتِ استطبابٍ لتصوير CTA، ولكن لا يمكنُ استعمالُهُ عند مرضى ذاتِ الرئةِ والداءِ الرئويِّ المُسِدِّ المزمنِ وقصورِ القلبِ الاحتقانيِّ.

وكاختبارٍ سابقٍ أو بديلٍ عن CTA يمكن دراسةُ أوردةِ الطرفين السفليَّين عن طريقِ الأمواجِ فوقَ الصوتيّةِ بتقنيّةِ الدوبلر، للتحقّقِ من وجودِ خثراتٍ كبيرةٍ فيها، مما قد يوفِّرُ أعباءَ إجراءِ CTA في حال غيابِ الدلائلِ على وجودِ هذه الخثراتِ، حيثُ يشكّلُ التهابُ الوريدِ الخثريِّ العميقِ DVT أهمَّ عواملِ الاخْتِطارِ للانصمامِ الرئويِّ.

المصادر:

هنا

هنا