الرياضيات > الرياضيات

صيغة رياضيّة تكشف السِّرَّ الغامض وراء طريقة سباحة الحيوانات المنويّة

استمع على ساوندكلاود 🎧

طوّر الباحثون صيغةً رياضيّةً مبنيّةً على أساسِ الحركةِ الإيقاعيّةِ لرأسِ الحيوانِ المنويّ وذيله، ممّا يُقلِّلُ بشكلٍ ملحوظٍ من تعقيداتِ الفهمِ والتّنبّؤِ حولَ كيفيّةِ قيام النُّطفةِ برحلَتِها الصّعبةِ نحوَ تخصيبِ البويضة.

أظهر البحثُ أنّه يتوجّب على الحيوانات المنويّةِ القيامُ بحركاتٍ مُتناقضةٍ ومُتعدّدةٍ.

هذا وقد وجدَ باحثون من جامعاتِ يورك وبرمنغهام وأكسفورد وجامعة كيوتو في اليابان أنّ ذيلَ الحيواناتِ المنويّةِ يُشكِّلُ إيقاعًا مُميّزًا يدفعُ بالحيوانِ المنويِّ إلى الأمام، لكنَّهُ يقوم أيضًا بسحبِ الرّأسِ إلى الوراءِ والجوانبِ وِفْقَ نمطٍ مُنَسَّقٍ.

وفي حينِ أنّ الخصوبةَ النّاجحةَ تعتمدُ على كيفيّةِ تحرُّكِ الحيوانِ المنويِّ عبرَ السّائِل، فإنَّ اِلتقاطَ تفاصيلِ هذه الحركةِ هي مسألةٌ في غايةِ التّعقيِد.

ويهدفُ الفريق إلى استخدامِ هذه النّتائجِ الجديدةِ لفهمِ كيفيّةِ تصرُّفِ وتفاعلِ مجموعاتٍ أكبرَ من الحيواناتِ المنويّةِ، وهي مهمةٌ من المستحيلِ تحقيقَها باستخدامِ تقنيّاتِ الرّصدِ الحديثةِ. ويمكنُ أن يوفِّرَ هذا العملُ رؤىً جديدةً في علاجِ العقمِ عندَ الذّكورِ.

تبسيطُ المسألةِ:

قالَ الدّكتور هيرميس غاديلها Hermes Gadêlha، من قسم الرّياضياتِ في جامعةِ يورك: "لمُراقبةِ تحقيقِ الحيواناتِ المنويّةِ لعمليّةِ الدّفعِ إلى الأمامِ خلالَ السّوائلِ على المقياسِ المِيكرويِّ، يتمُّ حاليّاً تطوير تقنيّاتٍ مجهرَيّةٍ متطوّرةٍ وعاليّةِ الدّقة."

"ويتمُّ تغذيةُ القياساتِ النّاتجةِ عن ضربةِ ذيلِ الحيواناتِ المنويّةِ في نموذجٍ حاسوبيٍّ، والّذي يُساعدُ بعد ذلكَ على فهمِ أنماطِ تدفّقِ السّوائلِ النّاتجةِ عن هذه الحركة."

إعادة تشكيل حركة الذّيل للحيوان المنويّ عند الإنسان.

"وتُستخدَمُ عمليّاتُ الُمحاكاةِ العدديّةِ لتحديدِ التّدفقِ حولَ الحيواناتِ المنويّةِ، لكن وكما أنَّ سطوحَ السّائلِ مُعقَّدَةٌ للغايةِ، فإنَّ فهمَ البياناتِ واستخدامَها يُشكِّلُ تحديّاً على نحوٍ خاصٍّ. وحيثُ أنّه في عيّنةٍ ما يوجدُ حوالي 55 مليون حيوانٍ منويٍّ، يُفهَمُ عندها شدّةُ صعوبةِ نمذجةِ كيفيّةِ تحرُّكِها بشكلٍ مُتزامنٍ."

"ونحن أردنا إيجادَ صيغةٍ رياضيّةٍ من شأنِها أن تُبسِّطَ كيفيّةَ تعامُلِنا مع هذهِ المُشكِلَةِ وتُسَهِّلَ عمليّةَ التّنبّؤِ بكيفيّةِ سباحةِ أعدادٍ كبيرةٍ من الحيواناتِ المنويّةِ. وهذا من شأنِه أن يُساعدِنا على فهمِ سببِ نجاحِ بعضِ الحيواناتِ المنويّةِ وفشلِ الأخرى."

وذيلُ الحيوان المنويّ الشّبيه بالسّوط يمتلك إيقاعًا خاصّاً يسحب الرّأس إلى الوراء والجوانب لإنشاء تدفُّقِ سائلٍ ذي تغيّراتٍ مفاجئة.

ومن خلالِ تحليلِ حركةِ الرّأسِ والذّيلِ للحيواناتِ المنويّةِ، فقد أظهرَ الباحثونَ الآنَ أنّ الحيواناتِ المنويّةِ تُحرِكُ السّائِلَ بطريقةٍِ إيقاعيّةٍ مُنسّقةٍ يمكن اِلتقاطها لتشكيلِ صيغةٍ رياضيّةٍ بسيطةٍ نسبيّاً. وهذا يعني اِنتفاءَ الحاجةِ للمحاكاةِ الحاسوبيّةِ المُعقّدةِ والمُكلفةِ لفهمِ كيفيّةِ تحرُّكِ السّائلِ أثناءَ سباحةِ الحيواناتِ المنويّةِ.

وأظهرَ البحثُ أنّه يتوجّبُ على الحيواناتِ المنويّةِ القيامُ بحركاتٍ مُتناقضةٍ ومُتعدّدةٍ، كالتَّحرُّكِ إلى الوراءِ، في سبيلِ دفعهِ إلى الأمامِ نحو البويضة.

وذيلُ الحيوانِ المنويّ الشّبيهِ بالسّوطِ يمتلكُ إيقاعًا خاصّاً يسحبُ الرّأسَ إلى الوراءِ والجوانبِ لإنشاءِ تدفُّقِ سائلٍ ذو تغيُّراتٍ مفاجئةٍ، لمواجهةِ بعضِ الاحتكاكِ الشّديدِ المُتشكِّلِ نتيجةَ أحجامِها شديدةِ الصِّغَر.

الإعجاز:

يقولُ الدّكتور جادها: "إنّها حقيقةٌ عندما يخبرُنا العلماءُ عن الإعجازِ في إمكانيّةِ وصولِ أيِّ حيوانٍ منويٍّ إلى البويضةِ، ولكنَّ الجسمَ البشريَّ يمتلكُ نظامًا متطوِّرًا جدّاً للتّأكُّدِ من تلاقي الخلايا الصّحيحةِ مع بعضها البعض."

"ولربَّما تفترضُ أنّ الحركاتِ المجنونةِ للحيواناتِ المنويّةِ سيكونُ لها تأثيرٌ عشوائيٌّ على تدفُّقِ السّائلِ من حولِها، وهذا ما يزيدُ من صعوبةِ تنافسِ خلايا الحيواناتِ المنويّةِ للتّنقُّلِ خلالَه، ولكن في الواقعِ يُمكنكَ رؤيةُ أنماطٍ مُحدَّدةٍ بشكلٍ جيّدٍ تتشكَّلُ في السّائلِ حولَ الحيواناتِ المنويّة."

" وهذا يشير إلى تحقيقِ الحيواناتِ المنويّةِ تأثيرًا على السّائلِ من حولِها للتّنقُّلِ بطريقةٍ مُنسَّقَةٍ جدّاً، لا تختلف كثيرًا عن الطّريقةِ الّتي يتمُّ بها تشكيلُ المجالاتِ المغناطيسيّةِ من حولِ المغناطيس. ولذلك فإنّه وعلى الرّغمِ من أنّ سحبَ السّائلِ يجعلُ من الصّعبِ جدًّا على الحيواناتِ المنويّةِ التَّحرُّكُ للأمامِ، فإنّه يتناسقُ مع حركاتِها الإيقاعيّةِ للتّأكّدِ من أنّ عددًا مُختارًا وقليلًا منها يُحقِّقُ عمليّةَ الدّفعِ إلى الأمام".

وإذا كنتَ تريدُ معرفةَ هذه الصّيغةِ الرّياضيّةِ فسنوردُ لكَ عزيزي القارئ لمحةً سريعةً عنها، وفي حالِ أحببتَ الاستزادةَ فننصحكَ بمراجعةِ البحثِ الأساسيِّ الّذي أوردنا رابطًا له ضمن المراجع:

بفرض هي الزّاويةُ بين حركةِ ذيلِ ورأسِ الحيوانِ المنويِّ، وبتقسيمِ طولِ القوسِ إلى m قيمة هي ، وتقسيم الزّمنِ إلى n قيمة هي ، نحصل على مصفوفةِ الزّاوية:

ومتوسِّطِها اللّحظيِّ:

من أجل أيِّ: { i ∈ {1 ,..., n.

المُتّجهاتُ الذّاتيّةُ لمصفوفةِ التّغايرِ الذّاتيِّ من القياس m × m،

تُوَفِّرُ قاعدةً لموجةِ حركاتِ الذّيلِ، ذاتِ m متجهٍ ذاتيٍّ، ، مُرتّبَةٌ وفق حجمِ القِيَمِ الذّاتيّةِ المُرتبطةِ بها .

والآن وبعد أن أصبح لدى الفريق صيغةً رياضيّةً يمكنها التّنبّؤ بحركةِ السّائلِ لحيوانٍ منويٍِّ واحدٍ، فإنَّ الخطوةَ التّاليةَ هي استخدامُ النّموذجِ للتّنبّؤِ على أعدادٍ أكبرَ من الخلايا. وهم يعتقدونَ أنّه سيكون لديها تأقسراتٌ على ابتكاراتٍ جديدةٍ في علاجِ العقمِ.

المصادر:

هنا

هنا